استنكر فاعلون سياسيون وحقوقيون وجمعويون تصريحات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران خلال يوم دراسي عقده حزب العدالة والتنمية حول القانون الأساسي للحزب، والتي هدد فيها بعودة الربيع العربي إلى الشارع، معتبرين تصريحات بنكيران غير مسؤولة، وتتنافى مع وضعه كرجل دولة يفترض أن يكون كلامه متزنا. وكان رئيس الحكومة قد هاجم ما وصفها بقلاع المقاومة داخل الدولة التي مازال يطبعها التحكم، وتواجه كل الإصلاحات التي جاء بها الحزب، مؤكدا أن هذه القلاع التي لم يسمها اشتكت منها الحكومات السابقة، وهي اليوم تتحرك في وجه حكومته، وجدد بنكيران دعمه لوزير حكومته في الاتصال مصطفى الخلفي الذي يقود ما أسماه قطار إصلاح الإعلام الرسمي عبر دفاتر تحملات تحترم هوية الشعب وتصون تعدديته ومرجعيته الدينية، وعاد بنكيران في كلمته إلى الحديث عن خصوم حزبه، وقال إن هؤلاء الخصوم السياسيين كانوا ظاهرين أيام كان حزب العدالة والتنمية في المعارضة، لكنهم اليوم بدؤوا يحركون أشخاصا لا صلاحية لهم للتدخل في السياسة، دون أن يعطي أي إشارات عن الجهات التي يقصدها بكلامه، خصوصا أنه ترك كلامه فضفاضا، قبل أن يضيف أن حزب العدالة والتنمية، أصبح يعرف القلاع المتحكم فيها، مشيرا إلى أنه كلما أراد حزبه القيام بإصلاحات ولو كانت بسيطة، يتم تحريك عدد من "مخلوقات الله" التي لا علاقة لها بالسياسة لمواجهتنا". وحذر بنكيران من عودة الاحتجاجات إلى الشارع في إطار الحراك الذي عرفه المغرب بتأثير من ربيع الشعوب، وقال منبها السلطة بأن "الربيع العربي" "باقي ما سالاش... وباقي كايدور ويمكن عاود ترشقليه ويرجع، وأنا أقول إن علينا فعل ما يلزم حتى نطمئن في المستقبل ولا يخيفنا لا ربيع عربي ولا ربيع صيني، وهذا يتطلب رجالا في المستوى"، وقال بنكيران، إن على حزبه أن يستمر في معركته الأساسية والتي هي إرجاع القرار إلى "المعنيين بالأمر وهم المواطن والمواطنة، والاعتناء بالفئات التي لم تستفد ماديا ومعنويا، معركة كبيرة ومستمرة وتتطلب حزبا متحفزا". وفي السياق ذاته، وصف محمد زيان الأمين العام للحزب الليبرالي تصريحات بنكيران بأنها نوع من "البهلان والضحك على عباد الله"، مشددا على أن تهديدات الخروج إلى الشارع لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص أهبل، واصفا ما يحدث الآن بأنه نكوص ودعوة إلى الوراء، واستغرب زيان خرجان قياديي العدالة والتنمية، وقال إن الحكومة لا تخرج إلى الشارع، فإما أن تنجح في الإصلاحات التي تباشرها، أو تستقيل، مشيرا إلى أن حين كان وزيرا لحقوق الإنسان في تسعينيات القرن الماضي، قدم استقالته احتجاجا على الحملة التي قادها الراحل ادريس البصري ضد عدد من رجال الأعمال بدعوى محاربة التهريب، مؤكدا أن تدبير الشأن العام هو مسؤولية سياسية في المقام الأول ثم التزام أخلاقي، اتجاه الشعب الذي صوت على حزب العدالة والتنمية ومكنه من احتلال الصدارة في الانتخابات الأخيرة. من جهته أكد عدي بوعرفة عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي، أن على بنكيران التفريق بين خطاب المسجد والخطاب السياسي، وتحدى بوعرفة بنكيران أن يخرج إلى الشارع لأنه حزب صنعه البصري، ولم يكن له وجود في سنوات الرصاص، وقال بوعرفة إن العدالة والتنمية حزب غير جاد سياسيا وإلا لما صدرت عنه تصريحات تسفه العمل السياسي والحزبي، مطالبا بنكيران بتحمل مسؤولياته السيساسية والتاريخية، وقال بوعرفة إن بنكيران من موقع مسؤوليته كرئيس حكومة يدبر الشأن المحلي، كان عليه وزن تصريحاته، لأن أي تصريحات غير مسؤولة ستؤجج الشارع وتهدد بوقوع انفلات أمني ستكون عواقبه وخيمة مستقبلا، مشيرا إلى أن الشعب المغربي تحمل الكثير من التضحيات من أجل بناء دولة الحق والقانون وإقرار مبادئ الديمقراطية، التي تحمل من أجلها شرفاء البلد الكثير من المآسي، ومازال كثير منهم شاهدا على تلك الحقبة التاريخية. من جهته، هدد رشيد الأزرق عضو تيار الاختيار الحداثي الشعبي، المنبثق عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالنزول إلى الشارع لمجابهة بنكيران وصحبه، وطالب الأزرق من بنكيران تحمل تداعيات أي خطوة غير مسؤولةو يقوم بها هو وحزبه، والتي ستكلف المغرب غاليا، داعيا في الوقت نفسه كل فعاليالت البلد إلى التكثل ضد ما أسماه سرقة نضالات الشعب المغربي من طرف حزب العدالة والتنمية، وقال الأزرق إن المغرب الحداثي بناه كثير من الديمقراطيين الذين آمنوا بالإصلاح كفر وليس كانتفاع سياسي، رافضا سياسة الرأي الواحد والحزب الواحد التي يريد بنكيران فرضها على المغاربة، مشيرا إلى أن دفاتر التحملات هي أكبر جريمة ينفذها حزب العدالة والتنمية في حق البلد، ومواطنو هذا البلد. وفي السياق ذاته، اتهم سعيد أزوكاغ الكاتب العام لتنسيقة الأطر العليا المعطلة، بنكيران وحزبه العدالة والتنمية بتالنفاق السياسي، وقال إنه في الوقت الذي تقمع القوات العمومية احتجاجات المعطلين، يتبجح بنكيران بالخروج إلى الشارع، مشيرا إلى أن أكبر دليل على نفاق حزب العدالة والتنمية تصريحات عزيز الرباح في لقاء صحافي عقده يوم السبت الماضي حول قطار فائق السرعة، حين نسب المشروع لحزب العدالة والتنمية، مع أن الجميع يعرفون مواقف الحزب من هذا المشروع، وتصريحات عدد من قيادييه خصوصا لحسن الداودي، وطالب أزوكاغ من بنكيران الاحتكام إلى الشارع، مهددا بأن المعطلين سيخروجون ضده وضد حكومته، التي تسعى إلى تمييع العمل السياسي، من خلال مجموعة من القرارات اللاشعبية آخرها قرار إعادة مرسوم محضر 20 يوليوز الخاص بالمعطلين إلى الأمانة العامة، مع أنه خرج في الجريدة الرسمية وأصبح ملزما. محمد زيان : الأمين العام للحزب الليبرالي بنكيران يعلق فشله على مشجب جيوب المقاومة أعتبر تصريحات الخروج إلى الشارع التي صدرت عن بنكيران وعدد من قياديي العدالة والتنمية نوعا من "البهلان"، وأن مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص أهبل، لكن أعتقد أن "بهلان" بنكيران خطير جدا ويمكن أن يخلق أزمة حقيقية في البلاد، وفي رأي أن الحكومة لا تهدد بالنزول إلى الشارع لمحاربة من أسمتهم جيوب المقاومة، لكن الحكومة أمامها خيارين، إما أن تنجح في مسلسل الإصلاحات الذي تقوده، أو أنها فشلت في ذلك وبالتالي عليها تقديم استقالتها، أما إطلاق التهديدات فذلك لا يمكن إلا أن يكون سابقة في تدبير الشأن العام. وشخصيا، أستطيع القول إن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ليس لديها برنامجا للمواجهة، وبالتالي يصعب علينا كسياسيين الثقة في هذه الحكومة، نقطة أخرى أود الإشارة إليها، هو نهاية فترة الخطاب الشعبوي الذي كان يعول عليه حزب العدالة والتنمية لاكتساح الانتخابات المحلية، وبالتالي حين تم تأجيل هذه الانتخابات، فلم يعد ملائما تدبير المرحلة بخطابات شعبوية، ولذلك لجأ بنكيران إلى هذه المزايدات السياسية، وأود التأكيد من هنا، أن الاستقالة هي موقف وليست تهديدا، وللأسف كل مواقف حزب العدالة والتنمية كانت مجرد مناورات ومحاولة للضغط على الدولة لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، ومن هنا فحزب العدالة والتنمية وبعدما تأكد أنه ليس في مستطاعه تحقيق ولو جزءا بسيطا من الوعود الانتخابية التي أطلقها، يسعى اليوم إلى تعليق فشله على مشجب من يسميهم جيوب المقاومة، وهي كانت وستظل موجودة ليس فقط في المغرب ولكن في جميع الدول، وهذه إحدى مقومات الديمقراطية. وفي الختام أود تصحيح بعض المفاهيم التي تثار هنا وهناك، وتتعلق بمسؤولية رجل الدولة، وهنا أقول أن رئيس الحكومة ليس بالقطع رجل دولة، وهناك كثير من رجالات الدولة الذين لم يتحملوا أي مسؤولية سياسية، ومع ذلك كانت مواقفهم وخرجاتهم تنم عن حضور وازن للدفاع أولا عن مرتكزات البلد. عدي بوعرفة : عضو المكتب السياسي للحزب الإاشتراكي نطالب بمحاسبة قتلة عمر بنجلون أولا، أود التأكيد أن حزب العدالة والتنمية لم يخرج يوما إلى الشارع من أجل مشروع مجتمعي، والمرات القليلة التي خرج فيها للشارع كانت إما لدعم فلسطين أو لجمع التبرعات باسم دول أخرى، وكان كذلك حين أراد الإطاحة بأحد وزراء حكومة اليوسفي، وهو سعيد السعدي، غير ذلك كانت خرجاته محتشمة، وغير شعبية، هذا الأمر كانت نتيجة لشيء واحد، وهو أن حزب العدالة والتنمية صنعه البصري، وبالتالي لم يكن في أي يوم من الأيام حزبا جادا، كما أنه كان غائبا خلال سنوات الرصاص، وحين كان شرفاء البلد وفيهم كثير من الشهداء يسقطون دفاعا عن الحرية والكرامة، كان بنكيران يتظاهر إلى جانب قتلة عمر بنجلون، ومن هنا نحن مازلنا نطالب بإعادة فتح تحقيق في الملف، ومحاكمة قتلة بنجلون وكل شركائهم وفيهم من هم اليوم فاعلون سياسيون. لقد كان حريا ببنكيران أن يلتزم الحياد السياسي المفروض في رئيس الحكومة الذي يمثل كافة تيارات الشعب، لا أن يؤجج الشارع، ويزيد من درجة الاحتقان، ومن هنا أود التأكيد على أن بنكيران قدم ثلاثة أشياء لا رابط بينها، أولا البرنامج الانتخابي وثانيا البرنامج الحكومي وثالثا مشروع القانون المالي، وهذه الأشياء الثلاثة لا رابط بينها، وحين تأكد فشل منظومة الحزب في قيادة الشارع المغربي، تحول إلى الموقف المناهض، فما معنى أن يوقع بنكيران على ميزانية لا علاقة لها ببرنامج حزبه الانتخابي، بل كيف سمحت له مسؤوليته السياسية والأخلاقية، أن يلقي بآلاف المعطلين إلى المجهول، مع أن الأمر يتعلق بمرسوم وزاري وقعته الحكومة السابقة، كيف يسمح بنكيران بضرب إحدى مؤسسات الدولة، وهي مؤسسة دستورية، ويطعن في مصداقيتها، من خلال التراجع على قرار صدر بمرسوم ونشر في الجريدة الرسمية أليس هذا فشلا سياسيا يقتضي محاكمة ومحاسبة هذه الحكومة؟ كيف يمكن أن نثق في حكومة تسعى إلى تأليب الشارع ضد بعضه البعض بدعوى محاربة جيوب المقاومة؟ ألم يكن حزب العدالة والتنمية جيبا من جيوب المقاومة خلال تموقعه في المعارضة ألم يعارض كثيرا من الإصلاحات، وواجه الحكومات السابقة؟ أعتقد شخصيا أن رئيس الحكومة يدعو اليوم إلى الفوضى، وعليه تحمل مسؤولية ما سيحدث مستقبلا في حال قرر المغاربة النزول إلى الشارع، ونحن كيسار مغربي، لن نتنازل عن مبادئنا وسنواجه قتلة عمر بنجلون، كما أننا نعتقد أن بنكيران ليس لديه إلمام ودراية بطريقة تدبير الشأن العام، كما يفتقد لأصول التعامل من داخل دواليب الدولة، وحين تأكد له فشل كل المبادرات التحكمية التي جاء بها قرر تجريب ورقة الشارع، وهي لعبة خطيرة ستحرق حزب العدالة والتنمية أولا. رشيد الأزرق : الاختيار الحداثي الشعبي إذا قرر بنكيران الخروج إلى الشارع سنخرج ضده أولا، نود تسجيل غضبنا من تصريحات حزب العدالة والتنمية وخاصة رئيسه عبد الإله بنكيران، لأن الحزب الذي يدبر اليوم الشأن العام عليه أن يكون مسؤولا، أمام كل الذين صوتوا لصالحه وحملوه إلى الصدارة، ونحن نحمل بنكيران المسؤولية الكاملة فيما سيحدث مستقبلا، خصوصا أن التهديد بالنزول إلى الشارع حين يصدر عن مسؤول في الدولة تكون له كثير من التداعيات الخطيرة، ومن هنا نعلن أنه في حال قرر بنكيران الزول إلى الشارع سننزل أيضا، لكن من أجل حماية المشروع الحداثي الديمقراطي الذي وضع لبناته كثير من الأحرار وشرفاء البلد، وفيهم عدد من مناضلي حزب الاتحاد الاشتراكي الذين سقطوا في معركة الشرف، آنذاك لم يكن هناك وجود لا لبنكيران ولا لغيره، ومن هنا نحن نطالب بتفعيل الدستور الجديد، وأن يتحمل كل طرف مسؤوليته، بما فيها حزب الاتحاد الاشتراكي الموجود اليوم في المعارضة، على مسؤولي الحزب التخلي عن شوفينيتهم، وحماية المشروع المجتمعي الحداثي الذي يسعى بنكيران إلى إقباره عبر فرض دفاتر تحملات غير شرعية ولا دستورية، دفاتر تحملات تريد فرض الرأي الواحد والحزب الواحد، ومنح فرصة للقوى الظلامية من أجل نشر أفكارها ومعتقداتها. سعيد أزوكاغ : تنسيقة الأطر العليا المعطلة بنكيران يمارس النفاق السياسي أظن أن تصريحات بنكيران ومن قبله الرباح والداودي تدخل في سياق النفاق السياسي، لأنه من غير المقبول أن يعارض الحزب مشروع الخط فائق السرعة طيلة شهور وأسابيع، واليوم يطلع علينا الرباح بتصريح يقول إن المشروع هو جزء من برنامج العدالة والتنمية، كما أن بنكيران بعد تعيينه رئيسا للحكومة جالس المعطلين ومنحهم كثيرا من الوعود وفي الأخير أصدر عليهم حكم الإعدام حتى دون الالتفات إلى الوراء، وأظن أن من عليهم الخروج إلى الشارع لفضح بنكيران، هم المعطلون الذي تعرضوا لأشكال من القمع على عهد بنكيران فاقت ما تعرضوا له في السنوات الأخيرة، ومادام قرر مواجهة المشاكل بخطابات مغرقة في الشعبوية، فنحن بدورنا سنقول له، إذا خرجت للشارع سنخرج أيضا وسنفضح حزب العدالة والتنمية ونعريه في الشارع.