لن تقتصر، على ما يبدو، تداعيات دفاتر تحملات الإعلام العمومي على تجاذبات الطبقة السياسية، وإنما قد تخرج إلى الشارع العام بعدما رفع قيادي في حزب العدالة و التنمية فزاعة « 12 مارس 2000» في إشارة إلى المواجهة التي دارت بين مؤيدي ومناهضي خطة إدماج المرأة في التنمية، وبدأت فعاليات شبابية مقربة من الإسلاميين بجمع التوقيعات على عريضة إلكترونية تحمل عنوان « كلنا ضد سليم الشيخ و فيصيل العرايشي»، مع دفاع مستميت للحزب عن إجراءات وزير الاتصال إلى حد جعل لسان حال الحزب يصف الرافضين لها ب «خصوم الهوية والمشروعية الدستورية». « هذا مطلب شعبي و الحسم فيه يجب أن يكون للشعب، ونحن مستعدون للنزول إلى الشارع، بالمسيرات أو باش ما بغاو» بصوت متشنج و نبرة ملؤها التحدي و التهديد يقول عبد الله بوانو النائب البرلماني وعضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في تصريح ل« الأحداث المغربية»، موضحا أن « إصلاح الإعلام العمومي كان على رأس الشعارات التي رفعها الشعب المغربي في مسيرات «20 فبراير» بشعارات مثل لا للبوليس الإعلامي ». بوانو، لم يستبعد أن تأتي مبادرة العودة مجددا إلى الشارع من حزبه الذي «لن ينتظر أن يخرج من يركبون على شعار الحداثة في مسيراتهم النخبوية لكي يفكر بجدية في مواجهة شعبية لإرجاع أفاعي جيوب المقاومة إلى جحورها»، معتبرا أن دفاتر تحملات الإعلام العمومي جاءت لتقطع مع الفساد و الريع المستشري داخل القطاع. بكلمات أكثر هدوء، دافع عبد العزيز العماري، رئيس الفريق النيابي للعدالة و التنمية بمجلس النواب عن زميله في الحزب وزير الاتصال مصطفى الخلفي، معتبرا أن «مسطرة إنجاز الدفاتر المذكورة كانت سليمة وقانونية ودستورية»، إذ «أن الوزيرلم يعمل إلا على تنزيل مقتضيات الدستور الجديد و إعمال توجهات البرنامج الحكومي». وإذا كان العماري قد وقف، في تصريح ل« الأحداث المغربية»، عند حدود التذكير بأن « دفاتر التحملات عرضت على رئيس الحكومة ونالت قبوله، قبل أن تعرض على أعضاء الهيئة العليا للسمعي البصري الذين أقروها كذلك»، فإن صاحب افتتاحية يومية «التجديد» المقربة من حزب رئيس الحكومة لم يتردد في اعتبار الآراء المخالفة لتصورات الإسلاميين للإعلام العمومي « خصوما للهوية و المشروعية الدستورية»،معتبرا أن القضية هي «أكبر من أن تكون قضية منهحية في التعاطي أوقضية خلاف في محتويات و أن الأمر يتعلق بصراع بين إرادة تريد الإصلاح و تستثمر كل الإمكانات المتاحة من أجل التمكين له ... وإرادة تروم الإبقاء على الوضع القائم ومناهضة التغيير ..». « المعركة اليوم ليست معركة بين وزارة الاتصال وإدارة مناهضة للتغيير التي يحكمها اللوبي الفرنكوفوني إنما هي معركة مجتمع ..» يكتب صاحب الافتتاحية. خطاب بدأت تواكبه إجراءات ممهدة للنزول إلى الشارع، وذلك بعدما بدأت عملية جمع التوقيعات على عريضة إلكترونية لدعم خطة الخلفي في إصلاح القطب العمومي، تحت عنوان «جميعا ضد فيصل العرايشي و سليم الشيخ» في إشارة إلى الرئيس المديم العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة و مدير القناة الثانية . عريضة تدعو إلى دعم مصطفى الخلفي في مسعاه إلى «جعل القناة الثانية تحتشم ولو قليلا وتساير توجه المغاربة الرامي إلى شيوع الأخلاق العامة، إذ حادت قنواتنا عن طريقها فصارت في إشاعة الإباحية أكثر من القنوات الأجنبية» وإلى «إلغاء إعلانات القمار من قنوات القطب العمومي الذي يمول من جيوب الشعب المسلم»، وذلك من أجل « إعادة المديرين لرشدهما بعد أن نسيا بأنهما في دولة دينها الإسلام، وتجاهلا أصوات الشعب الداعية إلى إلغاء المناكر من تلفزيوناتنا».