يقف أولياء أمور أطفال دوار "سي احمد"، الذي يقع في المنطقة الواقعة بين طريق أزمور وحي الألفة، في مشهد أقل ما يمكن وصفه به كونه كارثيا، عاجزين أمام توالي حالات إصابات أبنائهم بأمراض الحساسية وأمراض التعفن المرتبطة بانتشار أسراب الباعوض الآتية من أحواض تجميع المياه الآسنة القادمة من مشروع الوفاق السكني بحي الألفة، والتي لا تحتاج لقطع سوى أقل من كيلومتر واحد لمهاجمتهم كل ليلة طوال فصلي الشتاء والخريف. تلوث وتهميش الأولياء عجزوا عن وضع حد نهائي لمعاناة الأبناء نتيجة إصابتهم بأمراض الحساسية، ومن بينهم نهيلة عزام، البالغة من العمر 13 سنة، والتي ترعرعت في هذا المكان وسط التلوث والتهميش الذي طال الدوار منذ أن كانت منطقتها تابعة لجماعة دار بوعزة التي لم يعرها مسؤولوها أي اهتمام باستثناء فترات الانتخابات. وهو التجاهل نفسه الذي جوبهت به هذه المنطقة من طرف منتخبيها المسيرين للشأن المحلي بالحي الحسني، بشهادة السكان أنفسهم. نهيلة، وكباقي قريناتها من أبناء دوار "سي احمد" الذي يقطنه حوالي 800 نسمة، تضطر، مرة واحدة كل يومين، للتوجه ليلا إلى "سقاية الدوار" من أجل ملء قوارير المياه وحملها إلى البيت الذي يبعد بنحو 600 متر ذهابا وإيابا، مما يتسبب في إجهادها وإعيائها، ويؤثر بالتالي على مشوارها الدراسي. فاطمة بنسمو، القاطنة منذ عقود في هذه المنطقة، قالت في تصريح مصور لهسبريس: "نحن متضررون بسبب غياب الربط بشبكة الماء الصالح للشرب، وهو ما يجبر السكان، رفقة أبنائهم، على الذهاب إلى السقاية لملء القوارير بالماء لاستعمالها في قضاء حاجياتهم اليومية". معاناة مع المياه وتضيف بنسمو: "قد نضطر للانتظار ساعات على أمل أن يحين دورنا من أجل الحصول على الماء، وفي الكثير من الأحيان نعود بخفي حنين بسبب ضعف مستوى الصبيب". المعاناة نفسها نقلها باقي السكان الذين أكدوا أنهم لا يرغبون سوى في توفير الماء الشروب في بيوتهم، وربط منازلهم بشبكة الصرف الصحي، وربط دوارهم بالطرق لفك العزلة عنهم. ويقول أحمد عيان، رئيس جمعية التنمية الاجتماعية بالمنطقة نفسها، إن "سبب مشكل معاناة الساكنة وحرمانها من الربط بالماء الشروب وشبكة الصرف الصحي والشبكة الطرقية، يعود أساسا إلى الصراع الدائر بين المنعشين العقاريين حول أحقية الربط بشبكة الصرف الصحي دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة سكان دوار سي احمد المهمش". حائط الفصل العنصري ويضيف المتحدث قائلا: "أحد المنعشين العقاريين أنشأ حائطا للفصل العنصري، وتسبب لنا في قطع الطريق التي كنا نمر منها إلى طريق أزمور على مسافة 100 متر تقريبا، والآن نحن نضطر إلى السير عدة كيلومترات من أجل الخروج من هذه المنطقة المعزولة التي نسكن بها، وهو الحائط نفسه الذي يحول دون حصولنا على الماء الشروب والربط بشبكة الصرف الصحي". "سكان دوار سي احمد لم يستسلموا وحاولوا الخروج من هذه الوضعية التي يعانون منها، وتمكنوا من الاستفادة من مشروع برنامج إنماء للربط بشبكة الماء الصالح للشرب وشبكة الصرف الصحي ومد الطرق، لكن صراع المنعشين العقاريين حال دون استمرار أشغال مد قنوات الصرف الصحي والماء الشروب، بعدما تدخل مسؤولو مجموعة الجامعي العقارية التي طلبت الاستفادة من الربط عبر القنوات نفسها الموجهة لسكان المنطقة المعزولة، لتتوقف الأشغال بشكل غير مفهوم"، يقول كل من بوشعيب البنة، رئيس جمعية مستقبل دوار أولاد حمدي بالحي الحسني، وأحمد عيان، رئيس جمعية التنمية الاجتماعية للمنطقة نفسها. بدورها تقول خديجة، نائبة رئيس جمعية مستقبل دوار أولاد حمدي، إن المنطقة تفتقر إلى مرافق اجتماعية وتعاني من انعدام البنيات التحتية الأساسية، وسكانها يعانون من شح كبير في الماء، مما يضطرهم إلى الشرب من مياه البئر الملوثة بتسربات مياه الصرف الصحي الآتية من المنازل المجاورة كلما انقطعت مياه السقاية الوحيدة التي تزود أزيد من 800 نسمة من سكان دوار سي احمد بحاجياتهم من الماء الصالح للشرب.