في الوقت الذي يتهافت فيه رئيس الجهة ومستشاروه على صفقات شراء سيارات الدفع الرباعي الفارهة وكراء الأراضي الشاسعة، قصد الاستثمار وقضاء "حوائجهم"، تواصل ساكنة المنطقة تصريف معيشها اليومي رغم الظروف الطبيعية القاسية، التي زادتها ضراوة ممارسات المنتخبين والمسؤولين عن الشأن المحلي الذين لا يرون في المناصب والمسؤوليات التي انتخبوا او انتدبوا لأجلها سوى فرصة و"همزة" وجب استغلالها لتحقيق مصالحهم الشخصية وقضاء مآرب أسرهم ومعارفهم... نموذج هذا الواقع المرير، اورده موقع جديد انفو بالرشيدية من خلال ريبورتاج يكشف بالملموس ودون مساحيق هول ما تعيشه ساكنة دواوير "تكلكوت" و"تانوت ن امردول" و"ايت الحبيب"، التابعة لجماعة النيف باقليم تنغير، مع الماء الصالح للشرب..
المواطنون بهذه المنطقة من "المغرب العميق"، يعيشون يومهم على وقع البحث المضني عن الماء الشروب من خلال انتظار شاحنة-صهريج لتزودهم كل يومين او ثلاثة بالماء، او قطع مسافة طويلة لجلب المياه من ساقية تنعدم فيها شروط الصحة كما هو متعارف عليه وطنيا ودوليا..
معاناة المواطنين مع نذرة المياه-حسب لمغاري سيدي موح ، احد سكان دوار تانوت ن امردول- تعود إلى سنين خلت حيث ان المتضررين دأبوا على رفع مطالبهم إلى السلطات والمصالح المسؤولة دون جدوى، وقد تم تخصيص شاحنة مزودة بصهريج منذ ثلاث سنوات- كحل ترقيعي- لتزويد الساكنة بالماء الصالح لشرب خلال شهر رمضان فقط، وهو ما لم يتم هذه السنة حيث لم يتم توفير الشاحنة للساكنة إلا بعد مرور الشهر الفضيل، مما دفع بهم للبحث عن مصدر آخر لتزويدهم بهذه النعمة الاساسية التي قال عنها جلّ جلاله : "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ".
وطالب المتحدث، في تصريح لذات الموقع، من المسؤولين ان يغيثوا الساكنة ويلبوا مطالبها مؤكدا بكل جرة وصراحة أن السلطات المحلية والمنتخبين المحليين لا يأبهون بوضع الساكنة المزري..
ومضى "لمغاري سيدي موح" في شرح "ظروف التنزيل" التي جعلت المسؤولين المحليين يوفرون للساكنة هذه الحافلة-الصهريج خلال هذي الايام بالضبط، وذلك من خلال القول بان السبب هو "اقتراب موعد الانتخابات" وإلا ما كان لأحد أن "يكثرت بنا" يقول المتضرر مضيفا ان هذا الوضع يسري على ثلاث دواوير اخرى تنتظر دورها لتملأ القوارير البلاستيكية بالياه(هنا لا يمكن الحديث عن خطورة هذه القوارير بالنسبة لصحة السكان، لأن الاهم هو تلبية حاجياتهم من الماء اولا)، وهي فرصة لا تتكرر كل يوم.
نفس المنظر يتكرر في دوار، نساء أتينا على ارجلهن او ممتطيات دواب مصحوبات بقوارير البلاستيك من الحجم الكبير، الكل على موعد مع الساقية "تاركا" لالتزود بالماء لانعدامها بالمنازل. وبهذا الخصوص تقول زهرة لعربي، من سكان دوار تكلكوت، أن انعدام المياه بالمساكن تجبرهم على التزود بهذه النعمة من الساقية التي تبعد عن الدوار، وهي معاناة عاش معها المواطنون منذ أكثر من 15 عاما، قبل ان تطالب من المسؤولين ، عبر ميكروفون معدي الريبورتاج، ببلهجة ملؤها الشفقة التدخل لتزويدهم بالماء الصالح للشرب مشيرة إلى الوضع المزري الذي تعيشها الساكنة وما عانته من أزمة خلال هذا الصيف حيث لم يجد الاطفال والنساء والرجال وتلاميذ المدرسة ما يروون به ظمأهم..
بدورها اكدت لوهو لحسن نايت عشى، المقعدة القادمة من النيف إلى دوار تاكلكولت نيلكماين، أكدت على معاناتها ومعانات السكان مع نذرة المياه قبل ان تطلب الهدياة للمسؤولين علّ قلوبهم تحنّ وترف قلوبهم على حال الساكنة قبل ان تختم بالقول ان السكان ليس لديهم سوى هذه القوارير البلاستيكية التي تملأها وتعود بها إلى مساكنها كما لو انها ترغب في إطفاء حريق ..
أما حماد اشرويط، رئيس جمعية تلكلوت للتنمية، فقد صرح بان الجمعية التي يراسها تترافع منذ 2003 من اجل تزويد السكان بالماء الصالح للشرب إلا ان المشكل لا يزال قائما رغم توفر الدواوير على سقايتين لا تكفيان لتلبية حاجيات الساكنة بالمنطقة، مضيفا ان اتفاقية ابرمت سنة 2006 بين جماعة النيف والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، سيتزود بموجبها وكذا النيف المركز بالماء الصالح للشرب، غلا ان كل الوعود تبخرت حيث تم إقصاء الساكنة من هذا المشروع بعد ان زودت النيف المركز بالماء..
من جهتها قالت عيشة زروال، من سكان دوار تكلكوت، ان كل من "حدثناه عن انعدام الماء الصالح للشرب في دوارنا يستغرب من هذا الامر" وطالبت المسؤولين بتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب كما هو الحال بالنسبة لباقي دواوير النيف، مضيفة ان مياه هذه الساقية التي ينهلون منها ليست صالحة وغير صحية ورغم ذلك فهم يستهلكونها لانعدام حل آخر أمامهم..
أما عبد الناصر اشلولو، نائب رئيس جمعية الآفاق للتنمية القروية بآيت الحبيب، فقد توقف طويلا عند معاناة ساكنة دواره مع ضعف البيب بالسقايتين التين تزودان الدوار مما يضطر الساكنة إلى النهوض باكرا للذهاب إلى الساقية التي تبعد عن الدوار من اجل التزود بالماء رغم غياب المواصفات الصحية التي تنصح بها المنظمات المختصة.. ترحيب بطعم آخر واثار المتحدث موضوعا بالغ الاهمية، يتعلق بابناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج المنتمين إلى المنطقة والذين يواجهون كل سنة بنفس الوعود الكاذبة بخصوص تزويد الدواوير بالماء الصالح للشرب، وهي وعود لاتزال لم تتحقق بعد رغم ان المسؤولين وعدوا الساكنة بان اشغال ربط الدواوير بشبكة الماء الصالح للشرب ستبدأ هذا الصيف، ونحن الآن في عز شهر غشت ولا شيء يلوح في الافق..
وفي رد على سؤال حول المشكل الذي تعانيه الساكنة مع الماء الصالح للشرب، قال محمد بن يوسف، رئيس جماعة النيف باقليم تنغير، ان هناك مساطر تمت مباشرتها سنة 2014 عقب اتفاقية بين الجماعة الترابية لالنيف والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، يتم بموجبها انجاز ومتابعة المشروع من طرف هذا الاخير في حين تتكلف جماعة النيف بميزانية المشروع، مضيفا ان واجبات الجماعة تم أداؤها برسم سنة 2015-2016، وعند انطلاق المشروع بتاريخ 9 يونيو 2016، بادرت الجماعة بوضع ما سماه ب"الساقية اكسبريس"، بمساهمة من مالية الجماعة دون مساهمة المواطنين الذين تم ربطهم بشبكة الماء وعدادات الماء، مشيرا إلى ان مشكل عدم استفادة هذه الدواوير الثلاثة من الماء الصالح للشرب لا دخل للجماعة فيه وان الامر يرجع للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ، لان الجماعة قامت بأداء واجباتها واقساط الاستهلاك اليومي من الماء المستهلك من طرف هؤلاء المواكنين بالدواوير المعنية، في انتظار انجاز المشروع الذي تم التعرف مؤخرا على هوية الشركة التي فازت بالصفقة "ونحن في انتظار ان يسرع المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بإعطاء الأمر ببداية الاشغال التي أوكلت للشركة لانجاز المشروع"، يختم رئيس جماعة النيف التي تقع في ترابها الدواوير المتضررة من هذا المشكل..