طالب المفكر السوري هشام صالح بضرورة الخروج من فهم القرآن على طريقة القرون الوسطى، "لأن ذلك الفهم لم يعد صالحا للعصر الذي نعيشه"، على حد تعبيره، معتبرا أن النص القرآني نص تنويري يجب فقط إعادة قراءته بناء على التغيرات التي يعرفها العصر. وقال هشام صالح، خلال ندوة نظمها، بالعاصمة الرباط، مركز "إنماء للأبحاث والدراسات المستقبلية" حول "منهجية تكامل العلوم"، إن الفهم القروسطوي للقرآن "لم يعد صالحا للمستقبل لأنه مازال يشعل الحروب"، و"نحن حاليا بحاجة إلى الفهم التنويري للتراث الإسلامي"، مضيفا أنه منذ القرن الأول للإسلام "كان هناك فهم تنويري للقرآن، قبل أن يتراجع في عصور الانحطاط". واستدل المفكر السوري المعروف على قبول الاختلاف والعيش المشترك بعدد من الآيات القرآنية، من بينها آية: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة"، وهي "اعتراف بالتنوع من طرف النص القرآني، ولهذا فأول نص تنويري في التاريخ الإسلامي هو القرآن الكريم"، بحسب صالح الذي انتقد القراءة المتشددة التي تريد فرض نظرة واحدة للدين والتدين على الجميع، واعتبرها "خيانة للنص القرآني". المتحدث ذاته يرى أن ضرورة التنوير موجودة في التراث الإسلامي، إلا أنه تم طمسها في عصور الانحطاط، معددا التيارات العقلية التي عرفها التاريخ الإسلامي، من معتزلة، والفلاسفة، وابن عربي، "إلا أنه في عصر الانحطاط تم إخفاء كل هذه التيارات". وتساءل المفكر السوري عن السبب في وجود خط واحد في البرامج التعليمية، "وعندما نتحدث عن التنوير في التعليم والإسلام، فإننا نتهم بأننا نريد نشر إسلام فرنسي أو أمريكي"، قبل أن يعتبر أن المغرب "بلد منفتح مقارنة مع الدول المحافظة في دول الخليج، وهذا يظهر حتى في القضايا التي يتم نقاشها". وعبّر هشام صالح عن أمله في ظهور مفكر، أو تيار فكري، يقوم على عقلنة الدين، قبل أن يعتبر أن المفكر محمد أركون بدأ هذا التيار ووصفه ب"كانط العالم الإسلامي"، على اعتبار أنه "قدم فهما عقلانيا للتراث الإسلامي ووصل إلى أنضج تحليل عقلاني للدين الإسلامي". وحول التعامل مع الحداثة، يرى المفكر السوري أنه "يجب أخذ جوهر الحداثة التي جاءت بها أفكار كانط وهيغل وروسو، ونترك الانحرافات التي جاءت بها الحداثة"، ثم عبر عن قناعته بأنه "من المستحيل أن نبقى في فهم القرون الوسطى للقرآن، لأنه هو الذي يعطينها موجات التكفير".