تمكنت عناصر الشرطة القضائية بمدينة سطات من فك لغز جثة تم العثور عليها مؤخرا ملفوفة بالبلاستيك وغطاء صوفي وسط كومة من الأزبال، بالقرب من سياج لاقط هوائي جنوب مدينة سطات، إذ توصلت إلى هوية صاحبها، وهو زوج متسولة كان قد اختفى عن الأنظار لما يفوق 5 أشهر. المتسولة المتشردة "ن.ب"، البالغة من العمر حوالي 40 سنة، كانت تعيش رفقة زوجها "ب.م"، البالغ من العمر 60 عاما، وابنها وابنتها المعاقة، في أحد المنازل بالحي الشعبي سيدي عبد الكريم، المعروف لدى السطاتيين ب"دالاس"، إلا أن تراكم الأزبال وكثرة الفئران والحشرات بالمنزل جعل الروائح الكريهة تنبعث منه، فغادرته الأسرة وأقامت كوخا من القصب والبلاستيك بالقرب من لاقط هوائي جنوب مدينة سطات. وقد حاولت السلطات المحلية إقناع المتسولة بالعودة إلى منزلها الذي كانت تقيم فيه بحي سيدي عبد الكريم بعد تنظيفه، إلا أنها رفضت ذلك، مفضّلة الاستمرار في الإقامة بالكوخ، رغم المساعي المتكررة للجهات المعنية، ما خلف شكوكا لدى عناصر الشرطة القضائية حول دواعي تشبث المعنية بموقفها الرافض للعودة إلى المنزل الأحسن حالا من الكوخ، ما جعلها تضع المكان تحت المراقبة عن بعد، بتنسيق مع عناصر الدائرة الأمنية الثانية والسلطات المحلية، خصوصا بعد أن أعلنت الأسرة اختفاء الأب في ظروف مجهولة. وزادت المصادر نفسها أنه خلال الأسبوع الماضي تعرّض الكوخ الذي تقيم فيه المتسولة رفقة ابنها وابنتها المعاقة بعد اختفاء زوجها لحريق مفاجئ، تدخلت عناصر الوقاية المدنية، بتنسيق مع السلطات المحلية والأمنية لإخماده، ونقل المتسولة وابنتها إلى مستشفى الحسن الثاني بسطات من أجل إخضاعها للعلاج، إلا أن الطبيب المداوم قرر توجيهها إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، والذي لازالت تتلقى فيه العلاج رفقة ابنتها إلى حدود الآن، في حين جرى وضع ابنها في مؤسسة رعاية الطفولة بمدينة ابن سليمان، نظرا لوضعيته الاجتماعية الصعبة. وفي الوقت الذي انتقلت عناصر الضابطة القضائية إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، لتتمة البحث الذي كانت قد فتحته تنفيذا لتعليمات النيابة العامة بسطات، لمعرفة الأسباب الحقيقية لاندلاع الحريق بالكوخ العشوائي، طفا على السطح العثور على جثة ليلة الأربعاء الماضي بالمكان نفسه الذي تعرض للحريق، بعدما بلّغ أحد الفلاحين بمنطقة المناصرة بعثوره على شيء غريب وسط أكوام من الكارتون والبلاستيك، تنبعث منه رائحة كريهة. وأضافت المصادر ذاتها أن الفلاح بادر إلى إخبار السلطات المحلية، التي انتقلت رفقة عناصر من الشرطة القضائية والشرطة العلمية، وممثل القسم الصحي بالمصالح البلدية، وعناصر من الوقاية المدنية، وممثل الشؤون العامة بعمالة سطات، إلى مكان تواجد الجثة؛ وبعد معاينتها وتمشيط محيطها قامت عناصر الشرطة العلمية بحجز عدد من أجزاء الأغطية، وبعض المعدّات، لفائدة البحث الذي فتح تحت إشراف النيابة العامة باستئنافية سطات، والتي أعطت تعليماتها بنقل جثة الهالك إلى قسم الأموات بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بالمدينة نفسها، من أجل إخضاعها للتشريح، وجرى تحويلها أمس الخميس إلى مشرحة الطب الشرعي بالدار البيضاء لإخضاعها لتشريح ثلاثي. وموازاة مع ذلك، انتقلت عناصر الشرطة القضائية وفرقة الأبحاث إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء للمرة الثانية، حيث استمعت للمتسولة حول ظروف تواجد الجثة وسط أكوام الأزبال وما تبقى من الكوخ الذي كانت تعيش فيه، وأقرّت بأنها تعود لزوجها، وبأنها قامت في وقت سابق بالإجهاز عليه بواسطة آلة حادة، بسبب استيلائه على النقود التي كانت تجنيها من التسول، وبعد تيقنها من وفاته عملت على لف جثته وسط غطاء صوفي وبلاستيكي ووضعها وسط الأزبال لما يزيد عن 5 أشهر، والمبيت بجانبها. هذه المستجدات جعلت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بسطات تعطي تعليماتها لعناصر الشرطة القضائية بوضع المتسولة تحت الحراسة الأمنية داخل مستشفى ابن رشد، في انتظار تماثلها للشفاء وعرضها أمام أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بسطات، للنظر في التهم المنسوبة إليها.