بينما تستعدّ لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب لمناقشة مشروع القانون 13.103، المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، ترتفع أصوات الجمعيات النسائية الداعية إلى التعبئة للحيلولة دون المصادقة عليه في صيغته الحالية التي، في نظرها، لَنْ تضمن أي حماية للنساء من العنف. المحامي عبد المنعم الحريري، قال، في ندوة نظمها اتحاد العمل النسائي وفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة وملتقى النساء المغربيات "جسور" و"AMTEF"، (قال) إن مشروع القانون الذي أعدته الحكومة "يجعلنا نعتقد أننا بعيدو المنال عن قانون حقيقي لحماية المرأة"، وأضاف: "هذا المشروع مجرّد ذرّ للرماد في العيون". وطالب أكثر من متدخّلة ومتدخّل خلال الندوة بالانتقال من المرافعة عبر المذكرات والمراسلات الموجهة إلى الحكومة والأحزاب السياسية والفرق البرلمانية، إلى النزول للاحتجاج في الشارع، ويبدو أن الحركة النسائية تشعر أن مجال التحرك بات ضيّقا جدا، وعبّرت عن ذلك المحامية عائشة لخماس بالقول: "السؤال المطروح هو ما العمل ونحن على بعد ثمانية أيام من عرض المشروع للبتّ والمصادقة". وفي مقابل الآراء الداعية إلى النزول إلى الشارع، برز نوع التوجّس حُيال ما إن كانت الجمعيات النسائية قادرة على النجاح في الضغط على الحكومة للتراجع عن مشروع القانون، وقالت لطيفة بوشوى في هذا الصدد: "هناك منحى تراجعي حتى داخل الحركة المدنية، ولا يمكن أن ننتظر أن نقوم بمعجزة في ظل وضعية التردي هاته". ثمّة توجّه آخر يدعو إلى التنسيق مع الفرق البرلمانية لأحزاب المعارضة من أجل القيام بعملية "بلوكاج" لمشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، على غرار ما جرى أثناء مناقشة مشروع قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية حين انسحبت فرق المعارضة، واضطرت الحكومة إلى إعادة الحوار، وقالت الخماس في هذا السياق: "يجب تداول جميع الأشكال العمليّة التي يُمكن أن تُوقف هذا المشروع". ووجّهت فاعلات نسائيات انتقادات لاذعة للحكومة، متهمة إياها بالسعي إلى إفقاد هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز أيّ صلاحيّة، "مشروع القانون في صيغته الحالية لنْ يُفضي إلى هيئة قوية ومستقلة، ولا يتلاءم مع روح الدستور، ولا نُخفي أنَّ هذا المشروع خيّبَ آمالنا"، تقول لطيفة بوشوى، عن فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة. ووقفت المتحدثة عند عدد من الثغرات التي قالتْ إنّها تشوب مشروع القانون؛ ومنْها عدم وضع تعريف دقيق للتمييز، ودعتْ في هذا الصدد إلى أن يكونَ تعريف التمييز كمَا هو في الاتفاقية الدولية لمناهضة العنف ضدّ النساء، التي صادق عليها المغرب، معتبرة أنّ ذلك "أضعف الإيمان"، بتعبير بوشوى. وطالبتِ الجمعيات النسائية الأربع بمنْح صلاحيات شبه قضائية ورقابية لهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، ومراعاة التعدّدية والخبرة والاستقلالية في تشكيلة الهيئة، وخلْق فروع جهوية لها، بما ينسجمُ مع الجهويّة المتقدمة التي انخرطَ فيها المغرب. وانتقدتْ عائشة الخماس الحكومةَ بتبريرها رفْضَ خلْق فروع جهوية لهيئة الإنصاف والمصالحة بغياب مواردَ مالية، قائلة: "الحكومة تقول إنها لا تتوفر على أموال لإحداث فروع جهوية، ونحن نعتقد أن الدولة تتوفر على المال لفعل كل شيء، إلا فيما يتعلق بحقوق المرأة". ومن المنتظر أنْ تشرع لجنة القطاعات الاجتماعية في مناقشة مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز يوم 20 أبريل الجاري، في أجواءٍ يسودها التوتّر بين الحكومة وأغلب مكوّنات الحركة النسائية التي لا يستجيب مشروع القانون الحالي لمطامحها.