بموقعه في الجنوب الشرقي للمملكة المغربية، يمتد إقليم زاكورة على مساحة تصل إلى 23 ألف كلم مربع، تتوسطه المنطقة الطبيعية الشاسعة لوادي درعة بتنوعها ومقوماتها من وديان، تحتضن سلاسل من الواحات الخضراء المزدهرة، والجبال والسهول الصحراوية. بالإضافة إلى الجواهر المعمارية من قصور وقصبات ضاربة في جذور التاريخ، وبعظمتها ذات المقومات المحلية الخلابة، تمكن منطقة زاكورة كل زائريها من تغيير كلي للمشاهد المعتادة بالمواقع السياحية العادية من واحات، نخيل، مواقع ثقافية ودينية ناتجة عن تراكم التغيرات التاريخية الضاربة في عمق القرون السابقة. واحات ومواقع النخيل المحاذية للأودية والأنهار داخل منطقة درعة تعتبر مقوما أساسيا ضاربا في عمق التاريخ، ثم سحر الثقافة التاريخية التي تشهد عليها القصبات الحمراء بحيطانها السميكة المبنية من الطين والأحجار، والقصور الشامخة فوق طبقات صخرية معتلية مشارف الوديان ووسط الحقول الفلاحية. الطبيعة وهبت أيضا للمنطقة أروع المناظر الصحراوية المتنوعة بمواقع تينفو، محاميد الغزلان، شكاكة، عرق ليهودي والنخيلة. كل هده المناطق تحتضن أكبر تجمع للكثبان الرملية الذهبية، بالإضافة إلى الأنشطة الرياضية المختلفة ثم الجانب الصحي المتمثل في العلاج بالرمال لمرضى الروماتيزم والمفاصل. الأزمة السياحية العالمية جميع المؤهلات سالفة الذكر، الطبيعية منها والثقافية، بشموليتها الحضرية التي تعطي أرضية خصبة لتنمية القطاع المرتبط بالسياحة الخارجية، أصبحت في مهب الريح، حيث عرفت سنتي 2000/2001 أوج عطائها بما يفوق 100 ألف ليلة مبيت. لكن تأثير الأحداث الدموية خلال بداية هذا القرن انعكس سلبيا على القطاع، ليفقد البريق الذي كان يعرف به أنذاك، فمنذ سنة 2000، عرفت المنطقة توافد رافد جديد في المجال السياحي؛ يتعلق الأمر بدور الضيافة والرياض، ما سيساهم في تضرر الفنادق المصنفة التي كانت قبلة للسياح. في هذا الصدد، أكد أحمد شهيد، رئيس المجلس الإقليمي للسياحة بزاكورة، ضمن تصريح لهسبريس، أن "الاكراهات الحالية تتمثل في غياب التكوين وضعف السياسة الخارجية للدولة في الإشهار، أما هيكلة القطاع على المستوى المحلي فأفضت إلى تعيين مندوب إقليمي واحد بمقر غير ثابت"، مردفا أنها شكلت عوامل للتغطية على تمضهرات الأزمة السياحية. وأوضح شهيد أن من بين الحلول الراهنة للخروج من الأزمة، تفعيل سياسة اشهارية وتواصلية مندمجة تستهدف المنتوج السياحي بالمنطقة، معتبرا أن المنطقة لا زالت تعتبر فقط مكمل لمراكش وأكادير، مضيفا أنها اليوم أصبحت تتوفر على منتوج خاص يتمثل في السياحة الواحية التي تساهم في استكشاف الحضارات المتراكمة عبر التاريخ باعتبارها منبعا للحياة، والسياحة الصحراوية بجانبيها الطبيعي والثقافي بشقه المادي واللامادي. مطالب مهنيين عبد الوهاب نجيب، رئيس جمعية منظمي القوافل الصحراوية بالجمال للسياحة المستدامة، في تصريحه لهسبريس، أكد أن "الهدف من هذا النوع السياحي هو المساهمة مع باقي الفاعلين في تنظيم القطاع، خصوصا أن المنطقة تعرف عدة مؤهلات طبيعية كالواحات والسلاسل الجبلية والسهول الصحراوية". وأشار المتحدث نفسه إلى أن مجال تدخلهم يندرج ضمن قطاع القوافل الصحراوية في احترام تام للبيئة والإنسان، وأن السياح الأجانب الوافدين يفضلون هذا النوع الذي يعرفهم بالمنطقة من جميع الزوايا، خلال مدة زمنية تتراوح من يوم واحد إلى ثلاثة أسابيع، حسب اختيار الزبون. الفاعل السياحي نفسه أوضح أنهم يصطدمون بعدة اكراهات؛ من بينها الوزارة الوصية التي تعتبر القطاع مجالا عشوائيا، مشيرا إلى أن لهم علاقات مع العديد من السياح، منظمات سياحية كانوا أو أفرادا، يرغبون في برمجة دورات سياحية للمنطقة، لكنهم يتراجعون مخافة تقنين هذا القطاع غير المعترف به. غياب تكوين المرشد السياحي بالصحراء، يضيف المتحدث، يعتبر إقصاء لهذا النوع، موضحا أن جل العاملين به يشتغلون فقط بتجربتهم الشخصية التي تصل إلى 20 سنة من الخبرة، لكن من الناحية القانونية ليس هناك اثبات لهذا الصنف السياحي، ليشكل في نهاية المطاف عائقا، مردفا أن لزبائنهم وقع جيد على الساكنة والمنعشين السياحيين وكافة المؤسسات الفندقية. الخط الجوي والصحة السياحة بزاكورة تعيش على وقع بعض المشاكل كوسائل النقل الجوي والصحة، في هذا السياق، أكد الحسين ياسين، مدير وحدة فندقية لهسبريس، أن تنظيم رحلتين جويتين لا يكفي لانتعاش السياحة الداخلية، موضحا أن المشكل ليس في عدد الرحلات بل في الأيام المبرمجة لها، معتبرا أنها ليست ملائمة، ومطالبا الجهات الوصية بإدراج هذه الرحلات يوم الجمعة لتكون ملائمة لنهاية الأسبوع. وأشار المتحدث نفسه إلى أن قطاع الصحة هو الآخر يساهم في تعثر الأزمة السياحية، حيث تعرف مندوبية وزارة الصحة بزاكورة عدة مشاكل تؤثر سلبيا على السياحة الداخلية، مضيفا أن أول ما تسأل عنه المنظمات السياحية الأجنبية هو قطاع الصحة قبل برمجة أي نشاط أو رحلة.