تتربع مدينة زاكورة، الواقعة بالجنوب الشرقي للمغرب، في موقع جغرافي مهم، بحكم انفتاحها على الصحراء وموقعها الداخلي البعيد عن المؤثرات البحرية. ويعد مناخها يابسا وشبه صحراوي، شديد الحرارة صيفا وشديد البرودة في الشتاء؛ وهو ما ينعكس على كل من درجة الحرارة والمتوسط السنوي للتساقطات المطرية، وتعرف المدينة حرارة مرتفعة وغير منتظمة خلال فصل الصيف، إذ تصل إلى 50º في بعض الأحيان. كانت مدينة زاكورة، وما زالت تعتبر مدينة سياحية؛ لكنها لم تستطيع بعد أن ترقى إلى المستوى المطلوب في القطاع السياحي لافتقارها للبنية التحتية اللازمة. كما أنها تشتهر بأوانيها الفخارية التي ذاع صيتها بربوع المملكة، وتمورها ذات جودة جيدة، وب"طيبوبة سكانها المسالمين". الركود يقتل أحلام الشباب على الرغم من المؤهلات الكثيرة التي تزخر بها مدينة زاكورة في مجالات متعددة، خصوصا في السياحة والفلاحة والموارد البشرية، فإن المدينة لا تزال تعاني ويلات الركود التنموي والاقتصادي. إبراهيم أمجوط، فاعل جمعوي بمركز مدينة زاكورة، يقول إن الزائر للمدينة لأول وهلة يصدم بوضع ينطبق عليه عنوان "المعذبون في الأرض"، بفعل الركود التنموي والاقتصادي الذي كبل أحلام الساكنة المحلية. ويضيف الفاعل الجمعوي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن زاكورة لا يمكن وضعها في خانة المدن؛ بل في خانة القرية النائية، كونها ما زالت بعيدة كل البعد على التحضر، وفق تعبيره. ولفت المتحدث إلى أن زاكورة، وعلى الرغم إحداث بها عمالة منذ سنوات، ما زالت تفتقد إلى أدنى ضروريات العيش الكريم، مشددا على أن المواطن أصبح يلح على المسؤولين بضرورة النظر الجاد إلى مختلف المشاكل والانشغالات التي يعانيها الآلاف من السكان القاطنين بالمدينة. وأبرزت عائشة نايت أغريب، من ساكنة مدينة زاكورة، أن وضع الشباب الذي تحاصره البطالة من كل جانب، بسبب السياسة الفاشلة للدولة، يجعلنا نحس بأن هذه الرقعة الجغرافية لا تزال لم تستفد من نعمة الاستقلال، مشيرة إلى أن الساكنة كانت وما زالت تحلم بأن تزورها يوما التنمية التي يسمعون عنها في الإذاعات وفي النشرات الإخبارية الرسمية، وفق تعبيرها. وأضافت المتحدثة أن المدينة في حاجة ماسة إلى زيارة ملكية للوقوف على حجم المعاناة، وتحريك عجلة التنمية "المفشوشة" منذ سنوات، مشيرة إلى أن الزيارة الملكية وحدها قادرة على كشف التجاوزات "التنموية والاقتصادية" التي تمارس في حق الساكنة المحلية من قبل المسؤولين الذين بقوا جاثمين على صدور السكان لعقود من الزمن، تضيف المتحدثة ذاتها. مسؤول يبعد التهمة للمجلس الجماعي مصدر مسؤول بالمجلس الجماعي لمدينة زاكورة، غير راغب في الكشف عن هويته للعموم كونه غير مسؤول بالتصريح للصحافة، وفق إفادته، حاول إبعاد تهمة التسبب في الركود التنموي والاقتصادي على المجلس الجماعي الحالي، مشيرا إلى أن الوضع الحالي تم توارثه من قبل المسؤولين السابقين، مبرزا أن هناك جهودا تبذل لرسم معالم جديدة حول التنمية الاجتماعية والاقتصادية بمدينة زاكورة، وفق تعبيره. وقال المتحدث ذاتها، في حديثه لهسبريس، إن المجلس الجماعي الحالي واع بانتظارات ومطالب الشارع المحلي، مستدركا "هناك حاليا تنسيق بين المسؤولين المحليين والمسؤولين المركزيين من أجل ضخ استثمارات مالية مهمة من أجل إنجاز مشاريع كبرى بالمدينة ذات البعد الاقتصادي والتنموي والاجتماعي"، يضيف المتحدث. الليشمانيا والعطش زاكورة هي مدينة معروفة بواحات النخيل والتي امتدت على طول واد درعة، ولها مؤهلات كثيرة يمكن استغلالها في تنميتها في عدة مجالات وتوفير فرص الشغل قادرة على انتشال شباب المدنية من قوقعة البطالة والتهميش التي يتخبطون فيها منذ عقود من الزمن. محمد احجمي، فاعل حقوقي بمدينة زاكورة، أوضح أن المدينة فقدت جماليتها وسمعتها التي ذاع صيتها في ربوع المملكة المغربية، بسبب عدم قدرة المسؤولين على إعداد وتنزيل إستراتيجية تنموية واقتصادية تستجيب لطموحات وانتظارات الشارع العام المحلي، مبرزا أن الوضع بالمدينة أصبح مقلقا ويحتاج إلى زيارة ملكية عاجلة من أجل الوقوف على أهم المعيقات في الركود التنموي والاقتصادي الحالي، وفق تعبيره. ولفت المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن المدينة، التي كانت تعرف إلى وقت قريب بمدينة "الكرم وحسن الضيافة" و"أناسها الله إعمر ها دار"، تعيش وضعا مزريا في السنوات الأخيرة نتيجة مرض الليشمانيا الذي ينتشر في صفوف الساكنة، ونتيجة "أزمة الماء الصالح للشرب" التي تسببت في احتجاجات واعتقالات في وقت سابق، يقول الحقوقي ذاته. وشدد الحقوقي على أن الاحتجاجات التي خاضتها الساكنة حول الماء أتت أكلها، وأصبحت المياه متوفرة في الصنابير وبكثرة وبجودة عالية، معيبا التدخل المحتشم في ما يخص القضاء على وباء الليشمانيا، مردفا: "ساكنة المدينة أصبحت مهددة بسبب الوباء المذكورة وبسبب غياب سياسة صحية ناجعة قادرة على وضع حد للمرض"، وفق تعبيره. وطالب المتحدث ذاته جميع الجهات المسؤولة والمتدخلة في موضوع الليشمانيا بتضافر الجهود من أجل إنهاء معاناة الساكنة المتكررة مع المرض، الذي يظهر بشكل أكثر سنة بعد سنة، مشيرا إلى أن الجهات المسؤولة التي استطاعت إيجاد حلول لمشكلة الماء، قادرة على إيجاد حلول لمرض الليشمانيا، يقول المتحدث. الصحة عليلة على الرغم من الاتفاقيات المبرمجة بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، الهادفة إلى الرفع وتحسين الخدمات الصحية المقدمة لساكنة مدينة زاكورة والإقليم بصفة عامة، خصوصا المتعلقة بجهاز السكانير ولوازمه، واقتناء وحدات طبية متنقلة، فإن الوضع الصحي بمدينة زاكورة لم يرقَ إلى طموحات الساكنة، حسب تصريحات متطابقة لعدد من الفاعلين الجمعويين. وشدد حسن الهموشي، فاعل جمعوي نشيط بزاكورة، على أن المرضى يشتكون غياب التجهيزات الطبية بالمستشفى الإقليمي لزاكورة؛ وهو ما يجعلهم يضطرون للتنقل إلى ورزازات والرشيدية أو مراكش، مشيرا إلى أن المدينة في حاجة إلى مستشفى تتوفر فيه جميع التجهيزات وقاعات العمليات والإنعاش من أجل عدم إرسال المرضى إلى المستشفيات المجاورة. ولفت المتحدث ذاته إلى أن وزارة الصحة، التي تضع المروحيات الطبية في المستشفيات المجهزة بأحداث التجهيزات وبالمدن المتوفرة على البنية التحتية الطرقية الجيدة، كان عليها أولا وضع تلك المروحيات بمستشفيات زاكورة وتنغير وورزازات، التي تفصلها عن أقرب مستشفى جامعي المئات من الكيلومترات عبر جبال تيشكا، وفق تعبيره. ولم يخف الفاعل الجمعوي أن الوضع الصحي بزاكورة يمكن تصنيفه ضمن خانة القطاعات التي تنتظر "كفنا" لصلاة عليها الجنازة، موضحا أن القطاع في حاجة إلى خطة استراتيجية واضحة المعالم وقادرة على تحقيق انتظارات ومتطلبات المواطنين، وعدم الاكتفاء بزيارات بروتوكولية "باطنها أهداف سياسية"، يقول المتحدث.