يصارع قطاع الصحة، بإقليم زاكورة جنوب شرق المغرب، شبح الإهمال الذي استفحلت مظاهره في السنوات الأخيرة، نتيجة النقص الحاصل في الأطر الطبية والتجهيزات الضرورية والأدوية، بالإضافة إلى ما تسميه عدد من الفعاليات الحقوقية ب "التقاعس" من قبل بعض المنسوبين للقطاع وسوء معاملتهم للمرضى. أغلب المؤسسات الصحية العمومية، المنشرة بمختلف مناطق إقليم زاكورة، تعاني من مظاهر تردي القطاع، ولا صوت يعلوا على صيحات فزع مما بات يعيشه القطاع الصحي من مشاكل كثيرة وكارثية، أمام صمت الجهات المسؤولة من وزارة الصحة ومسؤولي عمالة زاكورة، وفق تعبير عدد من الحقوقيين. وضع صحي متردّي قال عبد الحفيظ هيلالي، فاعل جمعوي بمدينة زاكورة، إن الخدمات الصحية المتدهورة بمختلف المرافق الصحية بالإقليم، تستدعي تدخلا من قبل السلطات المركزية لمعرفة ما يجري في هذه المنطقة الصحراوية القاسية، مشيرا، أن أغلب المؤسسات الصحية ومنها المستشفى الإقليمي لا تقدم أدنى الخدمات اللازمة وسجلت عجزا في مختلف الجوانب، ناهيك عن تهالك البنايات والنقص في التجهيزات، وفق تعبيره. ولفت الجمعوي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المرضى بجميع مناطق الإقليم يعانون من سوء التغطية الصحية، مما يجعلهم يتنقلون المئات من الكيلومترات إلى الأقاليم المجاورة للحصول على علاج، فيما عدد منهم يموتون في الطريق قبل الوصول، يقول ذات المتحدث. ولم يخفي عدد من المواطنين بجماعات حوض المعيدر، أن الصحة العمومية بالمراكز الصحية الموجودة بقيادتي النقوب وتزارين تعيش أخر أيامها، وهي تبحث عن من يكفل بدفنا، موضحين، أن المريض أصبح يفضل التوجه مباشرة إلى ورزازات أو الرشيدية على أن ينقل إلى هذه المراكز او زاكورة إلى المستشفى الإقليمي الذي لا يحمل إلا الاسم، وفق تعبيرهم. عقدة الأطباء رغم الأهمية التي يوليها الملك محمد السادس، للقطاع الصحي عموما، وجعله من الأولويات، إلا أن المسؤولين على القطاع الصحي بإقليم زاكورة وباقي المتدخلين، يظهر عليهم أنهم "غير مبالين بهذه الأهمية الملكية"، نظرا إلى وضع المؤسسات الصحية التي أصبحت تسمى من قبل الساكنة ب "القبور"، تقول عائشة ايت بن داود من ساكنة جماعة الروحا، بإقليم زاكورة. وأكدت ذات المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، رغم تعهد الوزير الوصي على القطاع، أمام الملك أثناء تسلمه زمام الأمور بتطوير القطاع وتحسين خدماته وجعلها ترتقي إلى ما ينتظره المواطن، فإن المؤسسات الصحية المنتشرة بالإقليم "لا تستجيب لاحتياجات المواطنين خصوصا المعوزين منهم"، مسجلة "تراجع مستوى الخدمات الصحية بالإقليم"، مشيرة إلى أن "هذه لمؤسسات الصحية تحتاج بنفسها إلى من يعالجها"، وفق تعبيرها. ويعود سبب تراجع الخدمات الصحية بإقليم زاكورة، خصوصا المستشفى الإقليمي، حسب داود أعريب رئيس جمعية يد الخير بزاكورة، إلى ما سماه " غياب الأطر الكافية، والأدوية، والتجهيزات الطبية اللازمة"، مشيرين، أن زاكورة تفتقر إلى قسم الإنعاش، وجهاز سكانير معطل، وفق تعبيره. وأكد الجمعوي ذاته، لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الإقليم غير مرغوب فيه من قبل الأطباء، وهؤلاء الذين يشتغلون به حاليا يفكرون في ترك وظائفهم والتوجه إلى القطاع الخاص، مشيرة، أن الدولة تقوم بتحفيز والاعتراف بالأطر الطبية التي تشتغل بمدن الرباط والدار البيضاء والمدن الكبرى، وتهمش هؤلاء الذين يشتغلون في أوضاع خطيرة، وفق تعبيره. حميد تاشعوت، فاعل حقوقي بمدينة أكدز، أوضح أن الوضعية التي آلت إليها المستشفيات بالإقليم هي "خسارة لأحد مكاسب" الدولة المغربية بعد الاستقلال، لافتا إلى حالة "عدم المساواة" في توزيع الأطر الطبية والتجهيزات الضرورية، أو لحصول المواطنين على الخدمات الصحية في المستوى، مشيرا، أن الدولة تستغل هذه المناطق في استخراج المعادن والثروات الباطنية وتهمش ساكنها صحيا، يقول المتحدث. وشدد الحقوقي ذاته، على ضرورة تحفيز هؤلاء الأطباء والممرضين الذين يشتغلون بهذه الأقاليم الشبه الصحراوية، وتوفير لهم جميع ظروف العمل، لتقديم علاجات طبية في المستوى، ملفتا " الإقبال على هذه المناطق ضعيف جدا والأطباء والممرضين لا يقبلون الاشتغال بها ويعتبرون هذه المناطق عقدة لهم"، وفق تعبيره. مرافق صحية .. محطة طرقية بمجرد دخول المريض إلى أحد المستشفى الإقليمي لزاكورة أو أحد المراكز الصحية التي لا تحمل سوى اسم، يتخيل أنه دخل محطة طرقية، لا يسمع فيها إلا أسماء الأقاليم التي يريد أن ينقل إليها لعل أن يجد علاجه فيها " الرشيديةورزازات، مراكش"، اسم ثلاثي يخيف مرضى زاكورة، ويعمق آلم مرضهم. نظرا إلى النقص الكبير في الأجهزة الطبية الضرورية، يضطر العديد من المرضى إلى اللجوء إلى مستشفيات الأقاليم المذكورة، يكابد معاناة الطريق المهترئة، أو اللجوء إلى العيادات الخاصة التي تكلفهم مبالغ مالية كبيرة، ذلك كله جعل عدد من المرضى يقولون إن قطاع الصحة في الإقليم تنخره المشاكل، والمرضى هم ضحاياها. نعيمة مريضة نقلت من المستشفى الإقليمي لزاكورة، نحو المركز الاستشفائي سيدي حسيان بورزازات، قالت إن الصحة في زاكورة تحول إلى سلعة باهضة الثمن، مشيرة، أن سوء التدبير يزيد من آلم المرضى ويعمق معاناتهم ومعاناة أهلهم، وفق تعبيرها. وأضافت نعيمة التي صادفتها جريدة هسبريس الإلكترونية بمستعجلات ورزازات، "لا يحق أن نسمي البنايات الصحية بزاكورة بالمستشفيات بل هي قبور منسية"، موضحة "أن هناك لوبي يتاجر في معاناة المرضى من خلال تهميش الصحة العمومية وإنعاش العيادات الخاصة"، مشيرة " يجب على العامل بصفته ممثلا لصاحب الجلالة أن يترك مكتبه المكيف ويزور المؤسسات الصحية للوقوف على معاناة المواطنين رعايا صاحب الجلالة الملك محمد السادس"، وفق تعبيرها. ومن أجل نيل تعليق محمد لغفيري المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بزاكورة، اتصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، ووعدنا أنه سيقدم لنا معطيات مهمة حول القطاع بالإقليم، قبل فطور ليوم السبت، إلا أنه أخلف وعده ولم نتوصل منه بأي جواب.