أثارت وفاة طفلة تدعى "دعاء"، تبلغ من العمر أربع سنوات، وتنحدر من إكنيون أملال بجماعة أيت ولال التابعة لإقليم زاكورة، إثر تعرضها للسعة عقرب، موجة استياء كبيرة وسط عدد من الفاعلين الجمعويين بحوض المعيدر، متهمين وزارة الصحة بإهمال سكان هذه المناطق بعدم تخصيص أمصال مضادة للسموم لهم. وكانت الطفلة "دعاء" تعرضت الليلة ما قبل الماضية للسعة عقرب بمنزل أسرتها، ونقلت على وجه السرعة إلى ورزازات، إلا أنها توفيت في الطريق، وبالضبط بمدينة أكدز، بالنظر إلى عدم تجهيز المراكز الصحية المحلية بالأمصال المضادة لهذه السموم القاتلة، وهو ما أجج غضب عدد من الفاعلين الجمعويين. لحسن أيت بن حمو، فاعل جمعوي بحوض المعيدر، حمل وزارة الصحة مسؤولية وفاة الطفلة، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان إنقاذ حياتها لو توفرت الشروط الأساسية للتدخلات المستعجلة في المراكز الصحية بالمعيدر، ولافتا إلى أن غياب هذه الشروط دفع أسرتها إلى نقلها إلى ورزازات، لتلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب البعد. وأضاف الجمعوي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الطفلة ليست الضحية الأولى للعقارب والأفاعي، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الحالات تسجل كل سنة بحوض المعيدر، وتضطر إلى التنقل إلى الرشيدية او ورزازات أو مراكش، وموضحا أن حالة "دعاء" ليست عارضة أو استثناء، "بل أضحى أطفال المنطقة ومواطنوها ومواطناتها بصفة عامة يعيشون تهديدا يوميا يمس أغلى حق من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة والعيش في ظروف صحية سليمة". كوثر أمغار، فاعلة حقوقية وأستاذة بزاكورة، حملت السلطات العمومية والصحية والهيئات المنتخبة بالإقليم مسؤولية وفاة الطفلة "دعاء"، مشيرة إلى أن "الدستور يفرض عليها الدفاع والترافع عن حق المواطنين في الحياة وفي بيئة صحية سليمة"، ولافتة إلى أن "مثل هذه الوقائع تؤكد أن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين متردية". المتحدثة ذاتها، وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، عاتبت ساكنة حوض المعيدر على "صمتها، وعدم الدفاع عن حقوقها الأساسية في الصحة"، مرجعة وفاة الطفلة إلى "تهاون وزارة الصحة ولامبالاتها تجاه أبناء هذه الرقعة الجغرافية"، وفق تعبيرها. وعلاقة بالموضوع ذاته، أطلق عدد من النشطاء الفيسبوكيين حملة من أجل الاستعداد للخروج إلى الشارع لمطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل وتزويد المراكز الصحية بجميع التجهيزات والأدوية والأطر الطبية، لإنقاذ أرواح المواطنين، خصوصا أن المنطقة تعرف خلال فصل الصيف بكثرة الأفاعي والعقارب. محمد الغفيري، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بزاكورة، قال إن أسرة الطفلة الضحية لم تقم بنقلها إلى المستشفى إلى أن دخلت في حالة الغيبوبة، مشيرا إلى أن طبيب المركز الصحي بالنقوب عاين الطفلة وطلب نقلها إلى ورزازات على وجه السرعة بعد أن وفرت السلطة المحلية سيارة إسعاف. وشدد المسؤول الإقليمي لوزارة الصحة، في تصريح لهسبريس، على أن "تماطل الأسرة في نقل ابنتها إلى المستشفى ودخولها في غيبوبة تامة عجلا بوفاتها في الطريق قبل وصولها المركز الاستشفائي بورزازات"، مشيرا إلى أن الطفلة نقلت إلى ورزازات لكون زاكورة لا تتوفر على الإنعاش في الوقت الحالي، ومقدما للأسرة تعازيه في فقدان الطفلة. وبخصوص غياب أمصال مضادة لسم العقارب، أوضح المندوب الإقليمي أن هذا النوع من الأمصال غير موجود نهائيا في المغرب، ولا يتم صنعه أصلا، مرجعا ذلك إلى كونه لا يتوفر على فعالية في العلاج، ومشيرا إلى أن الأمصال المخصصة للأفاعي موجودة وبوفرة. وأكد المسؤول ذاته أن أمصال الأفاعي لا توجد بالمراكز الصحية، خصوصا أنها لا تتوفر على قسم الإنعاش، مشيرا إلى أن باقي الأدوية موجودة بجميع المراكز الصحية بدون استثناء، ومطالبا الجمعيات المحلية بالمساهمة في تحسيس المواطنين بعدم ترك أبنائهم في أماكن يحتمل أن تتواجد بها الأفاعي والعقارب.