أثارت الصحف المغاربية في أعدادها اليوم الخميس، جملة من القضايا المستجدة بالمنطقة، أبرزها التهديدات الأمنية في تونس، والوضع الحقوقي بالجزائر، والحوار السياسي في موريتانيا. ففي تونس، خاضت الصحف في موضوع الإرهاب على خلفية اشتباكات جرت، أمس، بمرتفعات الشعامبي المتاخمة للحدود مع الجزائر، بين قوات الجيش التونسي وعناصر مسلحة، خلفت خمس إصابات في صفوف الجيش. وكتبت صحيفة (الصباح) أنه قبل حوالي 24 ساعة من تاريخ أول عملية إرهابية نفذتها (كتيبة عقبة بن نافع) بجبال القصرين منذ ثلاث سنوات وقتل فيها وكيل بالحرس الوطني، وعلى بعد كيلومترات قليلة من مكان هذا الحادث، عاد الإرهاب ليضرب، أمس، من جديد في مرتفعات الشعامبي بعد فترة هدوء طويلة ظن فيها الكثيرون أنه تم تطهير هذا الجبل من أي تواجد إرهابي. وانفردت الصحيفة بالكشف عن نبإ عثور مصالح الأمن، نهاية الأسبوع الفارط، على حوالي 167 وثيقة تتضمن شرحا لطرق صنع العبوات الناسفة بطريقة غير تقليدية، داخل منزل عسكري بولاية جندوبة الواقعة على الحدود التونسية-الجزائرية. من جهتها، رأت صحيفة (الشروق) في افتتاحيتها، تعليقا على أحداث أمس في مرتفعات الشعامبي، أن "كل المعطيات الأمنية تؤكد أن خلايا الإرهاب انتشرت مثل سرطان في جسد المجتمع التونسي بعد أن استفادت من الفقر والتهميش ومن "قابلية البعض من منتسبي الأمن والجمارك" للتعامل مع هذه الخلايا بمقابل، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على مستقبل تونس لا يمكن مواجهته لا بالصمت ولا بالتجاهل". أما صحيفة (المغرب) فقد نقلت تأكيدات لوزير الداخلية، ناجم الغرسلي، جاء فيها أن محاربة الإرهاب في تونس "لا يمكن أن تكون مطية للمساس بحقوق الإنسان وأن الدولة التي تبنت دستورا يقوم على الثقافة الحقوقية لن توفر حصانة لكل من يرتكب انتهاكات لحقوق الإنسان أو يتستر عليها"، داعيا كل متضرر من أية ممارسات أمنية أو تعسف مخل بحقوقه اللجوء إلى القضاء. وانتقدت الصحيفة، من جهة أخرى، القضاء التونسي بخصوص عدم توصله للفصل في القضايا الإرهابية إلى حد الآن والمحال فيها مئات المتورطين بتهم مختلفة، متسائلة إن كانت هناك عراقيل، سواء تعلقت بالأجهزة أو الوسائل، تعترض عمل القضاة المتعهدين أم لأسباب أخرى مجهولة. على صعيد آخر، تناولت الصحف تسلم الرباعي الراعي للحوار في تونس جائزة نوبل للسلام في حفل رسمي يقام اليوم الخميس في أوسلو. إلا أن هذا الرباعي، وفقا لجريدة الصحافة، يتسلم الجائزة في غياب سلام بين مكوناته في ظل عدم توصل الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أرباب العمل (منظمة الأعراف) إلى اتفاق حول الزيادة في أجور القطاع، بعدما كان رئيس الجمهورية صرح بأن الاتفاق بينهما سيحدث قبل تاريخ تسلم الجائزة (10 دجنبر)، مما ينذر بتصعيدات غير سلمية حالما يتم الانتهاء من حفل التسليم. وفي الجزائر، حظي الوضع الحقوقي في البلاد باهتمام الصحف المحلية، التي رسمت صورة قاتمة عنه في ظل القلق المتزايد من استمرار التضييق على الحريات والتوقيفات التعسفية التي تطال المناضلين الجمعويين والنقابيين. وأدانت صحيفة (لوسوار دالجيري)، في إطار تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، خرق هذه الحقوق في البلاد خلال السنة الجارية، مستندة في إدانتها على التقرير الأسود الذي أعدته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان والذي تتغيى من خلاله إثارة الانتباه لعدد الملفات الوطنية الكبرى. ونشرت صحيفة (الشروق) مضامين التقرير السنوي للرابطة، جاء فيها أن سنة 2015 عرفت العديد من الاحتجاجات الشعبية بسبب الوضعية المزرية التي آلت إليها الأوضاع المعيشية بالأخص في المناطق الريفية والمعزولة، وأن المديرية العامة للأمن الوطني سجلت خلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي ارتفاعا في وتيرة الاحتجاجات بتصاعد مخيف بأكثر من 6188 احتجاجا، بزيادة فاقت نسبتها 62 في المائة مقارنة ة بالفترة ذاتها من سنة 2014. وسجلت الرابطة أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الجزائر يتميز بتفاوت اجتماعي مجحف بين مختلف فئات المواطنين، محذرة في الوقت ذاته من ظاهرة الانتحار التي أخذت أبعادا خطيرة وتفشت في وسط الشباب بسبب الشعور بالإحباط، ومفيدة بأنه ما بين 2014/2015 تم إحصاء أكثر من ألف حالة انتحار في الجزائر. ونقلت صحيفة (الفجر) دعوة منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، التي رأت أن 2015 "تعد أكثر السنوات انتهاكا لحقوق الإنسان في الجزائر"، السلطة إلى وضع حد للاستهداف المستمر لمنتقدي الحكومة، وإلغاء أحكام الإدانة وإسقاط التهم ضد الناشطين السلميين المتهمين بممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع، مشددة على ضرورة تعديل القوانين التي تجرم الحريات المدنية وتعاقب الاعتراض السلمي بالسجن. وتناولت الصحف الموريتانية جملة من المواضيع ذات الطابع المحلي، من أبرزها اللقاء التشاوري بين الحكومة والمعارضة، والمظاهرات الطلابية، وتفاقم الجريمة بالعاصمة نواكشوط. فبخصوص الحوار بين الأغلبية والمعارضة، الذي قاطعت ثلاثة أحزاب منضوية تحت لواء المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لقاءه التشاوري الأول، الأسبوع الماضي، أوردت صحيفة (الأمل الجديد) بيانا لحزب تكتل القوى الديمقراطية رد فيه على تصريحات رئيس المنتدى التي اعتبر أنها "لا تخدم قوة ولا تماسك المنتدى". كما نقلت الصحيفة عن رئيس المنتدى قوله إن هذا الأخير "سيبقى متماسكا ولا صحة لإشاعة تفككه... ذلك أنه لم يجمد أو ينسحب منه أي حزب ولا أي شخص"، مؤكدا أن ما تم بين المنتدى والحكومة هو "مجرد اتصال وليس حوارا". وفي سياق متصل، أشارت بعض الصحف لمقاطعة حزبي تكتل القوى الديمقراطية والتناوب الديمقراطي (إيناد)، أمس الأربعاء ، لندوة سياسية نظمها المنتدى، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تأتي استمرارا لمقاطعة الحزبين لمختلف الأنشطة السياسية للمنتدى بعد لقاء رئيسه بالأمين العام لرئاسة الجمهورية مطلع الشهر الحالى. وتناولت الصحف أيضا مظاهرة طلابية داعية لتوفير وسائل النقل لطلبة جامعة نواكشوط والتي ووجهت ب"تدخل عنيف" لشرطة مكافحة الشغب، ما أسفر عن إصابات وإغماءات في صفوف الطلبة. على صعيد آخر، تطرقت الصحف لوقفة احتجاجية نظمها عدد من تجار سوق العاصمة في نواكشوط للمطالبة ب"توفير الأمن للمواطنين" على خلفية عمليات سطو نفذتها عصابات مسلحة أودت بحياة سيدة في متجرها وتسببت في سرقة مبالغ مالية هامة من بعض المحلات. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة (الشعب) مداخلة لوزير الداخلية واللامركزية، أحمدو ولد عبد الله، بالجمعية الوطنية (البرلمان)، تحدث فيها الوزير عن الخطة التي تم وضعها لتوفير الأمن في العاصمة من خلال تقسيمها لثلاث ولايات تتولى كافة الإدارات الأمنية المساهمة في الحفاظ على أمنها، حيث يتولى الدرك ضبط الأمن في ولاية نواكشوط الشمالية وتتولى الشرطة ضبطه في نواكشوط الغربية، في حين يتولى الحرس ضبطه في نواكشوط الجنوبية. كما تطرقت الصحف الموريتانية للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الرشوة، حيث نقلت عن وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية قوله إن موريتانيا أحرزت خلال السنوات الماضية تقدما ملحوظا في مجال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الرشوة، مما ساهم في تحسين الظروف المعيشية للسكان. وتوقفت أيضا عند الكلمة التي ألقاها مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني بمناسبة تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتي أكد فيها أن موريتانيا قامت بخطوات معتبرة في هذا المجال، تجلت في تسوية ملف الإرث الإنساني وخلق آليات للقضاء على آثار الاسترقاق وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة العامة ومحاربة الممارسات الضارة بالمرأة والاعتناء بحقوق الطفل.