أثارت الصحف المغاربية ، اليوم الثلاثاء ، مواضيع التهديدات الأمنية في تونس، وهجمات باريس وتداعياتها في الجزائر، فضلا عن الحوار السياسي في موريتانيا. ففي تونس، ناقشت الصحف التهديدات الأمنية المتواصلة في البلاد وآخرها ذبح طفل في جبل مغيلة بنواحي سيدي بوأنزيد (وسط) على يد مجموعة مسلحة تنشط في مرتفعات المنطقة. هذه العملية قالت عنها صحيفة (الصباح) إنها لم تكشف عن الوجه الوحشي والبربري للجماعات الإرهابية فقط، بل كشفت أيضا عن غياب استراتيجية واضحة لحماية ساكنة التجمعات المتاخمة لسفوح الجبال. وكتبت أن الجماعات "المتوحشة" لم تتوان عن فصل رأس صبي لم يتجاوز ربيعه ال16 ونحره بطريقة بشعة وإرسال رأسه المقطوعة إلى عائلته مع قريبه الذي كان يرعى بصحبته قطيعا صغيرا من الماعز، بل حكمت على هذا القريب بالموت البطيء بعد تدهور حالته النفسية حيث هو اليوم على وشك فقدان مداركه وعقله من هول ما رأى. وتحدثت الصحيفة عن إحصائيات وصفتها ب"الدقيقة" تفيد بأن 80 في المائة من الذين سجنوا زمن الرئيس المخلوع "يكونون اليوم النواة الصلبة للإرهاب في تونس، بما يعني أن هذه الآفة تجذرت في المجتمع التونسي ولها قدرة رهيبة على الاستقطاب داخل كل الفضاءات"، معتبرة أن حل مشكلة الإرهاب "بين أيدينا"، وأن المطلوب هو تفعيل الإجراءات اللازمة للتصدي لهذه الآفة التي مرت لمرحلة أكثر خطورة وتوحشا. صحيفة (الصريح) رأت أن ردود الفعل والشجب التي تلت هذه العملية غير كافية وهي لا تعدو أن تكون محاولة للتعبير عن الغضب وامتصاص الاحتقان والتفريج عن النفوس المكلومة، لتبقى الحلول "بحاجة إلى إرادة سياسية واضحة وقرارات جريئة وفاعلة وقوانين متطورة ويقظة شعبية عارمة"، وإلى خنق موارد الإرهاب وتفكيك شبكات داعميه ومبرريه تحت أي غطاء سياسي أو حقوقي أو إعلامي، وتغيير المناخ الذي ساهم في بروزه "خاصة التربوي والاجتماعي لأن الإرهاب هو ربيب الأنظمة التي تعتمد مناهج تعليمية رجعية ومعادية للقيم الإنسانية". وخصصت صحيفة (الشروق) افتتاحيتها لمذبحة جبل مغيلة وتزامنها مع هجمات فرنسا لتعبر عن حقيقة أن "لا أحد في مأمن من غول الإرهاب" الذي أصبح ظاهرة عابرة للحدود والمحيطات. ولاحظت في قراءتها لهجمات باريس ، مساء الجمعة الماضية، أن بعض القوى واللوبيات في الغرب "استلذوا بالانخراط في لعبة غزو دول وإسقاط أنظمة وتدمير جيوش ومؤسسات"، مما أفضى إلى خلق "فراغ سارع الفكر الإرهابي والجماعات التي تدين به إلى ملئه"، داعية الغرب إلى النظر إلى وجهه في المرآة وطرح الأسئلة الحقيقية حول نشأة ونمو غول الإرهاب. ووقفت الصحف الجزائرية عند موضوع الإرهاب على خلفية هجمات فرنسا، حيث أوردت صحيفة (الخبر) أن السلطات الأمنية في الجزائر انتظرت مرور 24 ساعة، لÜ"استجابة متواضعة" لطلب سفير فرنسا في الجزائر برنار إيميي بتوفير تغطية أمنية مضاعفة أمام مقرات الهيئات الفرنسية الرسمية في هذا البلد. وفي رصدها لهذه الاستجابة، ذكرت الصحيفة أن عددا قليلا من عناصر الشرطة انتشر أمام إقامة سفير فرنسا في العاصمة، مدججين بسلاح ناري ويرتدون صدريات مضادة للرصاص، فيما تركن سيارة شرطة رباعية الدفع على بعد أمتار قليلة من مدخل الإقامة، إلا أن هذه التعبئة على قلتها أثارت مخاوف سكان المنطقة، الذين لم يعتادوا على أعداد الشرطة، وفق الصحيفة. وأوردت صحيفة (الشروق) أن الجالية الجزائرية والمسلمة تعيش منذ أمس حالة خوف وقلق، بعد سلسلة من المداهمات والاعتقالات التي قام بها الجيش والشرطة الفرنسيين في جميع الأحياء التي يقطن فيها المسلمون، منذ الاعتداءات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس والتي خلفت نحو 130 قتيل و200 جريح. ونقلت عن عدد من أفراد الجالية الجزائرية في غرنوبل وسانت إتيان وسان دوني، أنهم يعيشون "حالة من الاستياء والتذمر" بسبب الحملات الكثيفة والمداهمات المتكررة لرجال الشرطة والجيش لأحيائهم ومساكنهم، إضافة إلى سوء المعاملة ونظرات الاحتقار لهم من طرف هؤلاء بعد هذه الهجمات. وعلاقة بالإرهاب، أفادت صحيفة (المحور اليومي) بأن مصالح الأمن بولاية تلمسان (غرب) تمكنت من الإطاحة بشبكة لدعم وإسناد جماعات (داعش)، كانت تنشط بين تلمسان والمشرق العربي، عبر تركيا، مضيفة أن هذه الشبكة التي تضم شبابا وطلبة جامعيين من مناطق تلمسان وبن سكران وعين يوسف كانت تتخذ من الجامعات وشبكة التواصل الاجتماعي وسيلة لنشر الفكر الجهادي المتعصب، وتجنيد الشباب في صفوف تنظيم (داعش). وتركز اهتمام الصحف الموريتانية على الاجتماع الحاسم الذي سيعقده ،اليوم الثلاثاء، القطب السياسي للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (معارضة راديكالية) لاتخاذ موقف من المشاركة في الحوار السياسي المرتقب من عدمها. وفي هذا الصدد، سجلت الصحف أن اجتماع القطب السياسي ينعقد وسط تباين للمواقف بين أعضاء المنتدى، وذلك لحسم الموقف النهائي لصيغة الرد على دعوة الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف. وقالت إن بعض أحزاب المنتدى تدفع لتشكيل وفد من رؤساء الأحزاب السياسية للقاء ولد محمد الأغظف والعمل على استئناف مسار التحضير للحوار السياسي من المرحلة التي توقف فيها قبيل دخول الحكومة في إجراءات إقامة اللقاء التشاوري التمهيدي الموسع للحوار الوطني الشامل شهر شتنبر الماضي، فيما تصر أطراف داخل المنتدى على ضرورة احترام القرار الصادر عن المنتدى باشتراط تلقي جواب مكتوب من الحكومة قبل التجاوب مع أي مبادرة. وحسب بعض الصحف، فإن ثلاثة أقطاب هي المجتمع المدني والنقابات والشخصيات المستقلة، موافقة على الاجتماع بالسلطة لمواصلة مسار الحوار، مشيرة إلى موافقة 10 أحزاب ورفض حزبين هما كتل القوى الديمقراطية والتناوب الديمقراطي (إيناد) التجاوب مع دعوة الحكومة للحوار. كما توقفت الصحف عند اللقاء الذي عقده الوزير الأول يحي ولد حد أمين مع برلمانيي الأغلبية من الغرفتين والذي قال ولد حد أمين إنه يأتي تجسيدا لحرص الحكومة على التشاور الدائم مع ممثلي الشعب في الغرفتين البرلمانيتين (مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية) بقصد تذليل الصعاب التي تعترض العمل المشترك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وطرح المشاكل والبحث عن حلول مناسبة لها. ونقلت عن الوزير الأول قوله إن الحكومة "تمد يدها للحوار حتى ولو كان المتخلف عن المسار شخص واحد أو اثنان مع أنها تتمتع بأغلبية مريحة تزيد على الثمانين بالمائة من الشعب ولذلك فنحن ماضون في الحوار وجادون فيه".