بعد حالة التأهب التي تعيشها فرنسا وعدد من الدول عبر العالم، بسبب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس، كشفت مصادر متطابقة عن وجود تنسيق استخباراتي بين المغرب وفرنسا، من أجل المساهمة في تحقيقات الهجمات التي راح ضحيتها ما يناهز 130 قتيلا. وكان صلاح عبد السلام، إلى جانب العقل المدبر "المفترض" لهجمات باريس خلال الأسبوع الماضي، عبد الحميد أباعود، أكثر المطلوبين في فرنسا، فبعد أن كشفت، مساء يوم الأربعاء الماضي، جريدة "الواشنطن بوست" عن مقتل هذا الأخير، أكدت السلطات الفرنسية، أمس الخميس، صحة الخبر، إلى جانب مقتل شخصين آخرين، ما يطرح السؤال حول كيفية وصول عناصر الأمن الفرنسي لأباعود، أياما قليلة بعد عمليات باريس. وكشف المدعي العام الفرنسي فرانسوا مولان، أن المحققين تمكنوا من الوصول إلى الشقة التي كان يتواجد بها أباعود، بعد أن توصلوا بمعلومات سرية، الاثنين الماضي، تفيد بأن أباعود يتواجد على التراب الفرنسي، وهو ما تم التأكد منه عبر عدد من المكالمات الهاتفية، فيما قال مالك الشقة التي كان يقيم فيها المنفذون المفترضون لهجمات باريس، إنه لم يكن يعلم بإمكانية وجود أباعود هناك، لكن المصالح الأمنية هي التي نقلت هذه المعلومة. المدعي العام أوضح أن أباعود لم يكن ضمن الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم صباح الأربعاء في "سان دوني"، إلى جانب صلاح عبد السلام، لكن تم التأكد صباح أمس من مصرعه. وكالة "رويترز" أكدت بدورها أن عددا من المعطيات التي توصل إليها الأمن الفرنسي كان مصدرها هو المخابرات المغربية، حيث كانت معلومات "مهمة" وكافية من أجل الوصول إلى مجموعة أباعود في منطقة سان دوني بباريس، وبفضلها تمت عملية المداهمة صباح الأربعاء. بدورها كشفت جريدة "لوجورنال دوديمونش" أن المعلومات التي قدمتها المخابرات المغربية مكنت من تحديد مكان أباعود في شقة بسان دوني، لتتم عملية المداهمة في الرابعة صباحا بالتوقيت الفرنسي، ويتم توقيف أشخاص يشتبه بارتباطهم مع الجماعات الإرهابية، فيما كان حلول ضباط في الاستخبارات المغربية ببروكسيل وباريس، بطلب من السلطات الفرنسية والبلجيكية، من أجل المساهمة في التحقيقات. من جهته أكد وزير الداخلية الفرنسي، بيرنار كازانوف، في تصريح له أن بلدا من خارج أوروبا، قام بمنح معلومات لفرنسا في عملية ملاحقة المتورطين في هجمات باريس، في إشارة للمغرب. وفي سياق آخر، أكد الوزير الأول البلجيكي، شارل ميشال، أن التعاون الاستخباراتي والأمني الدولي كان مثمرا، حيث مكَّن من التوصل إلى مكان المنفذين المفترضين لهجمات باريس الجمعة الماضي، كاشفا، في برلمان بلده، أن عناصر من الاستخبارات البلجيكية قدمت عددا من المعلومات الخاصة بالمهاجمين. وأشارت مصادر صحفية إلى أن المصالح الأمنية المغربية قدمت لنظيرتها الفرنسية معلومات لملاحقة منفذي اعتداءات باريس في الليلة نفسها التي شهدت الهجمات الدامية. ووفق المصادر ذاتها فقد قدمت المصالح الأمنية المغربية معلومات حول صلاح عبد السلام، الإرهابي المطلوب لدى فرنساوبلجيكا وأوروبا، بأنه غادر باريس مساء اليوم نفسه، وسافر إلى بلجيكا، قبل أن يتحول المحققون، وفي إطار تعاون مع المصالح الأمنية البلجيكية، إلى ملاحقة المتهم الأول في الاعتداءات، وذلك عبر تعميم صوره على نطاق واسع في وسائل الإعلام الفرنسية والبلجيكية.