نظر ابن عمر رضي الله عنه إلى الكعبة حيث الجمال والجلال والكمال والهيبة والحرمة والقداسة فقال: ما أعظمك! وما أشد حرمتك، ووالله للمسلم أشد حرمة عند الله منك.. هكذا فهم الصحابة الكرام رسالة اﻹسلام التي أعلت من شأن اﻹنسان وجعلته مكرما مفضلا على جميع مخلوقات الله في هذه اﻷكوان واﻷجرام؛ بل جعل الله له عالم الشهادة وما فيه من خيرات وبركات ونعم مسخرة له وتحت تصرفه، وسورة النحل أبلغ تعبير في هذا الباب حيث يقول تعالى: "والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشقّ الأنفس، إن ربكم لرؤوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر، ولو شاء لهداكم أجمعين، هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون، وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، وما ذرأ لكم في الأرض مختلف ألوانه، إن في ذلك لآية لقوم يذكرون، وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريّا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها، وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون". ولقيمة الإنسان وحرمة دمه عند الله تعالى حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً". وأعظم من ذلك كله ما جاء عند أحمد والترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله علبه وسلم قال: " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده، وأوداجه تشخب دماً يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني حتى يدنيه من العرش". فماذا يكون جواب القتلة والمكفرين والمفجرين للحافلات والسيارات ولبيوت الله تعالى عند سؤال رب الأرباب ؟!!. وأين سيكون مقامهم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ؟!!. فالجواب معروف ومقامهم معلوم في نار جهنم خالدين فيها أبدا . وعلى هذا الأساس أتت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على جبل عرفة، في يوم عرفة، والتي تعد في الحقيقة صيحة في وجه الطائفية والعنصرية والشعوبية والقبلية والبربرية والمذهبية والحزبية والقتل والخراب والدمار.. كما هي دعوة صريحة الى المدنية والتعايش الإنساني والحضاري بين جميع عباد الله تعالى في مشارق الأرض ومغاربها بدون تمييز أو تفريق على أساس اللون والعرق والدين، إلا بالتقوى والعمل الصالح وخدمة الإنسانية جمعاء، جاء في إحدى فقرات هذه البيان النبوي العالمي: "أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت،اللهم فاشهد. ومما نود الوصول إليه، هل استفاد المسلمون من توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفة بحجة الوداع أمام اﻵﻻف المؤلفة من صحابته الكرام؟ وهو يخاطبهم بقوله: أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد...فلا ترجعن بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.. وهل طبقنا هذه الوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أرضية واقعنا؟ أم جعلناها تحت أقدامنا ندوسها صباح مساء في العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان وفي مناطق مختلفة من بلادنا العربية والإسلامية ؟؟!!!.