تطرقت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الخميس، إلى عدد من المواضيع منها العدالة الانتقالية في تونس، والأزمة الاقتصادية في الجزائر، فضلا عن التعديل الحكومي في موريتانيا. ففي تونس، واصلت الصحف الحديث عن العدالة الانتقالية التي توجد في مفترق الطرق مع الأزمة التي تفجرت داخل (هيئة الحقيقة والكرامة)، الإطار الحكومي الذي من أهدافه تحقيق أهداف الثورة وضمان مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد، وذلك بتزامن مع اختلاف مواقف الفرقاء السياسيين ومختلف الفاعلين حول مشروع قانون المصالحة الاقتصادية. وتناقلت الصحف، في هذا الصدد، الخرجة الأخيرة لراشد الغنوشي زعيم (حركة النهضة) التي تعد الرقم الصعب على الساحة السياسية وأحد الأحزاب المكونة للأغلبية، والتي شدد فيها على أن مشروع المصالحة الذي يؤيده حزبه، ليس طيا للعدالة الانتقالية "التي تعد من مكاسب الثورة وتسمح لنا بمعرفة من أخطأوا في حق البلاد"، مطمئنا التونسيين على أن هذا المشروع "لن يكون على حساب العدالة الانتقالية ولن نسمح بأن يكون قفزا على محاسبة المفسدين". وفي هذه الخرجة، طالب الغنوشي بإصلاح (هيئة الحقيقة والكرامة)، لتعلق صحيفة (المغرب) على ذلك بأن (حركة النهضة) عدلت بشكل جزئي من موقفها بشأن الهيئة، مفيدة بأنه لأول مرة منذ نشأة هذه المؤسسة يعلن الغنوشي أن بها اختلالات، وأنها مطالبة بإصلاح نفسها، "لكن من دون أن يذهب بعيدا ويعلن رفع الدعم عن رئيسة الهيئة سهام بن سدرين". وفي خضم الجدل حول (هيئة الحقيقة والكرامة)، كشفت الصحيفة، نقلا عن مصدر من كتلة حزب (نداء تونس) الحاكم بمجلس نواب الشعب، أنه تم إيداع عريضة لدى مكتب المجلس بها أكثر من 70 توقيعا، وهو النصاب القانوني لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بخصوص شبهة فساد مالي وإداري داخل الهيئة. وخص الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، معز السيناوي، صحيفة (الصريح) بتصريح أكد فيه أن مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية هو "من أجل خدمة بلادنا والدفع باقتصادنا نحو الأفضل". وبخلاف ذلك، عملت المعارضة، كما أوردت صحيفة (الصباح) على إيقاف مشروع القانون هذا بسبب ما اعتبرته "إعادة إنتاج منظومة الفساد السياسي الذي جسدته آلة الحكم زمن بن علي"، مضيفة أن المعارضة قد تلجأ "للاستفتاء" حول المصالحة. وواصلت الصحف الجزائرية الحديث عن الأزمة الاقتصادية بالبلاد، جراء تراجع عائداتها من النفط الذي يشكل 97 في المائة من صادرات البلاد، بفعل تهاوي أسعاره في السوق الدولية. وذكرت صحيفة (الوطن) أن الجزائر التي تمثل محروقاتها 60 في المائة من عائدات ميزانية الدولة ونحو 95 في المائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة، طلبت من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اتخاذ إجراءات لمواجهة انهيار أسعار النفط. ونشرت صحيفة (الخبر) مداخلة لمحمد نبو السكرتير الأول لحزب (جبهة القوى الاشتراكية)، المعارض، في افتتاح أشغال الجامعة الصيفية للحزب بمدينة بجاية (شرق)، أمس الأربعاء ، جاء فيها أن السلطة "ضيعت الفرصة الأخيرة لإنقاذ الجزائر من الأزمة متعددة الأبعاد التي فرضت عليها، خاصة بعد انهيار أسعار البترول، ما يبين هشاشة النظام الاقتصادي والسياسي". أما صحيفة (الشروق) فخصصت مقالا للوضع الحالي للبلاد، لاحظ فيه كاتبه أن "ما من قطاع إلا وتم تقديم تصور مستقبلي له خلال العشرين سنة القادمة (منذ 1995). ومرت العشرون سنة ولم نكلف أنفسنا طرح السؤال لماذا لم نقيم بموضوعية ما تم التفكير فيه بعيدا عن البرامج الحزبية والسياسات الظرفية؟". وتساءل المقال "كيف نتخلص من التبعية للمحروقات؟، كيف نعيد التوازن للإقليم؟، كيف نبني قاعدة صناعية صلبة؟، كيف نربط الجامعة بمحيطها؟، كيف نعيد الاعتبار للمنظومة التربية؟، كيف نعزز موقع الجزائر الجيواستراتيجي؟... ". ومن جهتها، أفادت صحيفة (المحور اليومي) بأن خبراء اقتصاديين دعوا في ندوة إلى ضرورة وقف دعم المواد الأساسية على غرار الحليب والخبز والوقود، على اعتبار أن الحكومة لا تستطيع أن تستمر خلال السنوات القادمة. ورأوا أن الأزمة التي تعيشها الجزائر حاليا ليست كتلك التي عاشها الاقتصاد الوطني سنة 1986، ذلك أن الانهيار الذي عرفته أسعار البترول آنذاك كان ظرفيا وهو راجع إلى أسباب السوق، ولكن الآن الأزمة الحالية "هيكلية". وتطرقت الصحف الموريتانية إلى التعديل الوزاري الجزئي، والحوار السياسي المرتقب بين الأغلبية والمعارضة. فقد توقفت الصحف عند التعديل الثالث الذي طرأ، أمس الأربعاء، على حكومة المهندس يحي ولد حدمين، التي تم تشكيلها في 22 غشت 2014، والذي طال ثماني حقائب وزارية. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة (الفجر) أن التعديل الوزاري الجزئي خرج بموجبه وزيران ودخل ثلاثة جدد، وهم وزراء الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية واللامركزية والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة. واعتبرت (صوت العمال) أن وزيري التجهيز والنقل والداخلية واللامركزية كانا أبرز المغادرين للتشكيلة الحكومية، مشيرة إلى تعيين الأول على رأس المجلس الوطني للتنظيم والثاني في منصب مفوض الأمن الغذائي الخاضع مباشرة لوصاية رئيس الدولة. وعن الحوار السياسي المرتقب بين الأغلبية والمعارضة، كتبت (الصحيفة) أن هذا الحوار لا يعيقه الخلاف بين المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة والسلطة، بقدر ما تعيقه الخلافات داخل المعارضة بأطيافها المختلفة، التي ظهرت للعلن الأسبوع الماضي. واعتبرت الصحيفة أن مؤسسة المعارضة والمنتدى والمعاهدة "يغني كل منها على ليلاه"، وهو ما جعل المراقبين يؤكدون على ضرورة إجراء حوار داخل المعارضة نفسها، حتى توحد مواقفها من الحوار والقضايا المطروحة فيه قبل محاورة السلطة. وقالت الصحيفة إن المراقبين يرون أن الحوار "دخل غرفة الإنعاش وقد لا يخرج منها سالما وأن تنظيمه لن يكون بالتأكيد في سابع شتنبر إلا بمن حضر".