انتهت أولى جلسات المحكمة الابتدائية في واقعة فاجعة شاطئ الصخيرات، بتأجيل النظر في القضية، وبأجواء متوترة بين المحامين وممثل النيابة العامة، إذ ظهر هذا الأخير متشددًا في الدفع إلى عدم إطلاق سراح مصطفى العمراني، وبمتابعته بتهمة القتل الخطأ الناتج عن الإهمال، مبرّرًا ذلك بأن النيابة العامة ترى أبعد ممّا تراه أسر الضحايا التي تنازلت، وبأن المحامين لا يمكنهم الحديث باسم الشعب ككل. ولم يصدر عن قاضي الجلسة بعد قراره النهائي بالاستجابة أو عدم الاستجابة للملتمس الذي رفعه قرابة مئة محامي مغربي، خمسون منهم كانوا حاضرين في القاعة، بالإفراج المؤقت عن العمراني، في وقت امتلأت فيه قاعة المحكمة عن آخرها بالمتضامنين معه، ممّن حضروا إلى المحكمة منذ منتصف النهار، حاملين لافتات ومرّددين لشعارات تطالب بإطلاق سراح العمراني الذي ظهر متماسكًا في الجلسة. وعرفت نهاية الجلسة ملاسنات حادة بين المحامين فيما بينهم بسبب تأكيد المحامي، والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد الصمد الإدريسي، لطلب القيادي الاستقلالي، عبد الله البقالي، تقديم نفسه ضامنًا لإطلاق سراح العمراني، بالنظر إلى مكانته السياسية والنقابية والإعلامية، وهو ما اعتبره بعض المحامين مزايدة سياسية، ورغبة في ركوب حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية على قضية العمراني. وكان القاضي قد أعلن في الدقائق الأولى للجلسة عن تأجيل النظر في القضية، ليرفع المحامون الحاضرون، ملتمسًا بالإفراج المؤقت على مصطفى العمراني، اعتمد على عدة مرتكزات قانونية وحقوقية وشخصية ومالية وإنسانية، تلاه مرافعة وكيل الملك التي دعت إلى معاقبة العمراني. المرتكزات التي بنى عليها المحامون ملتمسهم، بدأت من المادة 180 من المسطرة الجنائية التي تسمح بتوجيه طلب إفراج مؤقت إلى هيئة الحكم، وبعدها المادة الأولى من المسطرة ذاتها التي تؤكد أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، ثم الفصل 23 من الدستور المغربي الذي يتحدث عن قرينة البراءة وعن الحق في محاكمة عادلة. وطالب المحامون باستحضار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يؤكد على قرينة البراءة، قبل أن ينتقلوا إلى ضمانات شخصية، قوامها أن السراح المؤقت سيتيح لمصطفى الحضور إلى المحكمة في أيّ وقت تستدعيه، وأنه يحتاج رعاية نفسية بعد مكوثه في الاعتقال طول هذا الوقت، إذ إن الطبيعي هو أن يكون في بيته يتلقى التعازى لوفاة هؤلاء الأطفال. وأشار المحامون إلى أن مصطفى كان بمنزلة الأب الروحي للأطفال الغرفى، إذ يؤكد كل من يعرفه كيف كان يضحي من أجل إدخال الفرحة إلى قلوبهم، ولو كان متهوّرًا، ما تنازلت له عائلات الضحايا عن المتابعة وما وقفت اليوم في المحكمة تدافع عنه، كما أنه لا يتحمل المسؤولية في غرق الأطفال، بما أن البحر يمكن أن يهيج في أي لحظة، ومن يمكن أن يتحمل المسؤولية، هم من كان يجب عليهم حراسة الشاطئ وتنبيه الناس إلى عدم صلاحيته للسباحة، يقول المحامون.