ستكون مدينة فاس، ابتداء من اليوم الجمعة، جسْراً فنّيا يُعزّز الجسور السياسية القائمة بيْن المغربِ وامتداداته الإفريقية؛ ففي ذرْوة العلاقات المغربية الإفريقيّة تحتفي مدينة فاس، من خلال مهرجان الموسيقى العالمية العريقة، الذي ينطلقُ اليوم الجمعة ويمتدّ إلى غاية التاسع والعشرين من الشهر الجاري، بإفريقيا. ويحتفي مهرجان فاسَ للموسيقى العالمية العريقة في دورته الحادية والعشرون بإفريقيا من خلال استحضار البُعْد الثقافي الإفريقي للعاصمة العلمية للمملكة، ومختلف تمظهرات الأواصر التي ظلت قائمة على مر العصور بين هذه الحاضرة التاريخية وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وتكتسي دورة هذه السنة من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة التي تنظم تحت شعار "فاس في مرآة إفريقيا" أهميتها وراهنيتها من خلال الحركية التي تشهدها العلاقات المغربية مع العديد من البلدان الإفريقية والتي كانت ولا تزال متجذرة وتشمل مختلف مجالات التعاون. ويستضيف مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، الذي أضحى من العلامات الفارقة والمميزة في مجال التظاهرات الفنية والثقافية العالمية التي يحتضنها المغرب مجموعة من كبار الفنانين الأفارقة والعالميين الذين سيقدمون لوحات فنية وتعابير إبداعية تحتفي بذلك الالتحام القوي بين مدينة فاس العاصمة الروحية والعلمية للمملكة والقارة الإفريقية باعتبارها مدينة ظلت لقرون تشكل منفذا للتنقل من وإلى إفريقيا. كما ستستعيد هذه الدورة في إطار تكريم القارة السمراء سيرة شخصيتين بارزتين بصمتا التاريخ المغربي والإفريقي على السواء وهما الشيخ سيدي احمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية بفاس ودفينها وكذا الرحالة حسن الوزان الملقب ب (ليون الإفريقي) وذلك في مبادرة تروم إحياء ذاكرة العلاقات الروحية والثقافية التي جمعت على الدوام بين مدينة فاس وبلدان جنوب الصحراء. واختار منظمو مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة عنوان "فاس تبحث عن إفريقيتها" شعارا لدورة هذه السنة، والتي سيشكل حفلها الافتتاحي مناسبة لاستعادة واستحضار روح إفريقيا بإرثها الغني والمتنوع عبر لوحات موسيقية وفنية تسترجع محطات من حياة كل من الشيخ سيدي أحمد التيجاني وحسن الوزان (سفير مملكة فاس) مع تقديم مشاهد عن رحلات هذا الأخير عبر القارة الإفريقية وفق تصميم وسينوغرافيا يعيدان رسم أهم معالم الذاكرة المشتركة بين الثقافتين المغربية والإفريقية. وسيكون جمهور مدينة فاس على موعدٍ غدا الجمعة، خلال حفل افتتاح المهرجان مع مجموعة من اللوحات والعروض الموسيقية والكوريغرافية التي تحكي بكيفية مجازية رحلات "ليون الإفريقي" وحياته وبعض اكتشافاته. وسيُختتم الحفل بتكريم الطريقة التيجانية وشيخها سيدي أحمد التيجاني (1737- 1815) بمشاركة فنانين من المغرب وبوركينا فاصو والسنغال وموريتانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا مع مشاركة مميزة للفنانين سعيد التغماوي في دور حسن الوزان ورسمان ودراغو في دور الحاج الإفريقي. وستكون مدينة فاسَ على مدَى أيام المهرجان فضاءً لسهرات موسيقة وعروض فنّية ستقدمها مجموعة من الفرق الفنية والمجموعات الغنائية بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين والموسيقيين العالميين المرموقين من المغرب والخارج وذلك بالفضاء التاريخي (باب المكينة) وغيره من الفضاءات الأخرى كمتحف البطحاء وساحة باب بوجلود وحدائق جنان السبيل ودار عديل ودار التازي التي ستحتضن أمسيات صوفية بعد انتهاء حفلات باب الماكينة. ويستضيف مهرجان فاس للموسيقى الروحية فنّانين مشهورين مثل الفنان التونسي صابر الرباعي، والفنان الإماراتي حسين الجسيمي الذي سيُسدل الستارَ على فعاليات المهرجان يوم 29 مايو، كما يستضيف المهرجان عددا من الفنانين والمجموعات الغنائية من إفريقيا وأوربا ومن المغرب، والتي ستحيي سهرات المهرجان. وإلى جانب السهرات الموسيقية والعروض الفنيّة سيشهد مهرجان الموسيقى العالمية العريقة بفاس تنظيم "منتدى فاس"، والذي أضحى فضاء لمناقشة وبحث الأفكار ومختلف القضايا والمواضيع التي تهم السياسة والاقتصاد والتاريخ. وسيتمحورُ الموضوع الرئيسي للمنتدى خلال الدورة الحالية حول تيمة "فاس في مرآة إفريقيا" بمشاركة نخبة من أبرز المثقفين من داخل المغرب وخارجه سينكبون على دراسة ومناقشة علاقات وارتباطات مدينة فاسبجنوبها الإفريقي وكذا التحديات والرهانات التي تواجهها العديد من البلدان الإفريقية. ويناقش المنتدى الذي سيدير أشغاله المفكر علي بنمخلوف خمسة محاور رئيسية تتوزع ما بين "مسالك روحية.. طرق تجارية" و"التعدد اللغوي في إفريقيا" و"إفريقيا والمقدس" و"حسن الوزان ( ليون الإفريقي )" و"الرهانات الكبرى بإفريقيا.. التعليم.. الصحة.. الجيوستراتيجيا". ويروم الاحتفاء بالبعد الثقافي الإفريقي لمدينة فاس، حسب عبد الرفيع زوين، رئيس "مؤسسة رسالة فاس" والمدير العام للمهرجان، التعريف بالموروث الحضاري العريق لهذه المدينة والذي استمد قسطا من إشعاعه انطلاقا من امتداداته الإفريقية التي تعكس عمق الروابط التي تصل بين مدينة فاس ومحيطها الإفريقي. و ستشكل دورة هذه السنة مناسبة لإحياء ذاكرة العلاقات الروحية والثقافية التي كانت تجمع فاس وبلدان جنوب الصحراء من خلال استعادة سيرة شخصيتين بصمتا التاريخ المغربي والإفريقي على السواء هما الشيخ سيدي أحمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية وحسن الوزان الملقب بليون الإفريقي.