بعْد أسبوعيْن من كشْف عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، عنْ وُجودِ تهديدات إرهابيّة تستهدف عددا من السياسيين والعسكرييّن وفاعلين مدنيّين، إثرَ تفكيك مجموعة إرهابية لها صلة بتنظيم "داعش" أواخرَ شهر مارس الماضي، فَتَح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية النقاش حوْل الإرهاب، في يوم دراسي نظمه فريقه البرلماني بمجلس المستشارين صباح اليوم حول موضوع "مواجهة الإرهاب مسؤولية الدولة والمجتمع". الكاتبُ الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، الذي أعلن أمس في منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء عن رفْع شكاية "ضدّ مجهول" إلى وزير العدل والحريات، بشأن التهديدات التي تطالُ مسؤولي الحزب، قالَ إنّ التعاطي مع موضوع الإرهاب يستدعي استحضار ما يجري في ليبيا والساحل، وآثار ذلك على المغرب، وأضاف " نحن بلد مَعنيٌّ حتى النخاع بقضية الإرهاب". وفيما طالبَ لشكر يومَ أمس وزارة الداخليّة بأخْذ التهديدات التي تطال مسؤولي حزبه على محْمل الجدّ، وحمّلها مسؤولية حمايتهم، في التجمّعات واللقاءات، أبْدى زعيم حزب "الوردة" عدمَ "خوْف" الاتحاديين من التهديدات الإرهابية التي تطالهم، قائلا " هذه الندوة هي جواب على أن الاتحاديين مع كافة الحداثيين والديمقراطيين سيتصدَّون لكل الارهابيين خاصة المختبئين تحت يافطة التكفير والإسلام والذين يوزعون صكوك الدخول إلى الجنّة أو النار". وأعادَ لشكر النبْش في قضية مقْتل الزعيم الاتحادي عمر بنجلون سنة 1975، وربَطها بالسياق الراهن، قائلا إنّ الإرهاب في المغرب "لم ينطلق كما يدّعون من سنة 2003"، في إشارة إلى تاريخ التفجيرات الإرهابية التي استهدفتْ مدينة الدارالبيضاء، وأضاف "لا يمكن أن ينخدع حزبنا بمعاقبة المنفذين المباشرين، بيْنما أعضاء الشبيبة الإسلامية الذين كانوا يتحملون مسؤولية اغتيال بنجلون يتجوّلون في دول أوربا". وتحدّث مصطفى بوهندي، أستاذ علم الأديان المقارن عن الجذور التاريخية للتطرّف الديني، في مختلف الديانات السماوية، قائلا إنّ ثمّة حاجةً إلى إعادة قراءة الدّين لاسترجاع أبعاده الإنسانية، التي اندثرتْ بسبب عوامل التاريخ، وفيما يتعلّق بالدّين الإسلامي، قال بوهندي إنّ الصورة الحربية البطولية التي يَقَدَّم بها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لا أساس لها ولا توجد في القرآن الكريم، مستندا إلى الآية القرآنية (فبِما رحمة من الله لِنْت لهم، ولو كُنتَ فظا غليظ القلب لانفضّوا من حَوْلك". وتطرّق خالد الشكراوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، إلى التطوّرات الإقليمية والدوليّة في علاقتها بالإرهاب والتطرّف الديني، والجهود التي يبْذلها المغرب على هذا الصعيد، من خلال تعاونه مع دُول الجوار وشُركائه، ونبّه الشكراوي إلى أنّ دُول القارّة الإفريقية التي تجمعها بالمغربِ علاقات وطيدة، صارتْ دُولٌ أخرى صاعدةٌ تنافسُ المغربَ في مُعتركها، وعلى رأسها إيران وتُركيا. وأشار المتحدّث إلى أنّ إيران حاضرة بقوة في القارة الإفريقية، وتتمتّع بحضور قويّ في عدد من بلدانها، ولديْها استراتيجية ترْمي إلى توسيع نفوذها، ففي السنغال –يردف المتحدث- تحضر إيران بقوة من خلال الجالية اللبنانية الشيعية، وأيضا على المستوى الصناعي، وهو ما يُفسح أمامها المجال للتغلغل في النسيج الاقتصادي السنغالي. ولا تقتصر المنافسة الإيرانية للمغرب على السنغال لوحْدها، بلْ تشمل دولة النيجر أيضا، وقالَ الشكراوي إنّ السفير الإيراني في النيجر له اهتمام خاصّ بالورقة المغربيّة، ويُحاول الاتصال بالمغاربة من مختلف المستويات، المقيمين هناك، وأضاف "قدْ لا تكونُ هناك أيّة أهميّة لوجود السفارة الإيرانية في النيجر، إنْ على المستوى الاستراتيجي أو الاقتصادي، لكنْ هناك أهدافٌ خفيّة لوجودها".