"في ذكرى 11 شتنبر..كيف يتهدد الإرهاب دول المغرب الكبير؟"، ذلك هو السؤال العريض الذي حاولت حلقة برنامج "مباشرة معكم" ليلة أمس الأربعاء، الإجابة عنه من خلال استضافة عدد من المختصين في الموضوع، مع حلول الذكرى الثانية عشرة للأحداث الأليمة. تدخلات المشاركين في البرنامج،أشادت بالمقاربة المغربية لملف الإرهاب، حيث أكد هشام بعلي ،عن المديرية العامة للأمن الوطني أن الأجهزة الأمنية بالمغربيقظة، بالرغم من كونالتهديد الإرهابي ظل قائما خلال العشر سنوات الأخيرة، مشيرا إلى أنه سيظل قائما كما تدل على ذلك مستجدات التطورات الدولية، مما سيستدعي تظافر كل الجهود من أجل القضاء عليه. الناشط في المجتمع المدني عن جمعية "الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش" حسام هاب، أكد أن "مكونات المجتمع المدني استطاعت فتح نقاش حول موضوع الإرهاب"، وأن هناك استيعابا لأسباب الظاهرة التي تحاول استغلال وجود منابع للتهميش . المواطن البسيط، حسب رأي الناشط الجمعوي، بدوره تطور فهمه للظاهرة بحيث أنه يعي جيدا على أن الإرهاب لا علاقة له بالدين، بل بفهم خاطئ للدين مما ساهم في رفض الظاهرة مجتمعيا. الكاتب الصحفي، لحسن العسيبي، أثنى بدوره على دور الأجهزة الأمنية المغربية في المساهمة في "تجفيف منابع الإرهاب"، معتبرا كذلك أن نجاح المغرب في مواجهة الظاهرة يعود لأن هناك تراكما سياسيا في البلاد وإطلاق مسار إصلاحي بخلاف الدول الأخرى. واتفقت التدخلات على كون الظاهرة الإرهابية عرفت تناميا ملحوظا مستغلة الظرفية التي خلفتها الثورات العربية مثلما في الشمال الإفريقي بتونس وليبيا. الخبير الاستراتيجي عبد الرحمان مكاوي، قال إن ليبيا أصبح "يسيطر عليها اليوم تنظيم أنصار الشريعة وميليشيات قريبة من القاعدة"، و"تضم مخيمات لتدريب المجندين" للذهاب إلى سوريا أو مالي، كما تعيش مصر على إيقاع "المواجهة المفتوحة الآن بين 3000 مجند في شبه جزيرة سيناء مع الجيش المصري". ومما زاد من قدرة التنظيمات الإرهابية على العمل داخل المجال الجغرافي المغاربي "التحولات التي حدثت أولا في الشمال الإفريقي"وفشل "الأحزاب التي تولت المسؤولية في الدول التي سقطت فيها الأنظمة فشلت في تدبير المرحلية"، حسب ما ذهب إليه الباحث في الشؤون الإفريقية خالد الشكراوي. أما الإرهاب الحاصل في تونس، فقد اعتبره الباحث التونسي اعلية علاني أنه ظاهرة جديدة على البلاد "برزت بشكل واضح بعد الثورات العربية" مع تنظيمات متطرفة كتنظيم أنصار الشريعة. الباحث التونسي انتقد في هذا الإطار أحزاب الإسلام السياسي ،التي كان "من المفروض أن تطوع التيارات الراديكالية"، معتبرا أن "ما حصل هو العكس" حيث ازداد الخطاب الراديكالي تطرفا مما بين بجلاء أن "أحزاب الإسلام السياسي فشلت حتى على المستوى الإيديولوجي". الجماعات المتطرفة والإرهابية، حسب رأي آخر أدلى به الفاعل الجمعوي حسام هاب، نمت "لغياب مشاريع مجتمعية في الدول المغاربية" قائمة على تبني مبادئ الديمقراطية، وهو رأي تبنى الباحث خالد الشكراوي طرحا مشابها له حين ربط بين التهديد الإرهابي في بعض الدول ،مثل ليبيا "بغياب الحكم الرشيد"، ومؤسسات قديمة للدولة مما ينعكس عن الانفلات الحاصل في البلاد اليوم. ونحت عدد من الآراء المعبر عنها من قبل ضيوف البرنامج إلى اعتبار أن الإرهاب ظاهرة "زئبقية" خيوطها كثيرة ومتشعبة وتتنامى مثل "بقعة الزيت"، ولا ينحصر نشاطها على القيام بعمليات إرهابية بل توسع نشاطاتها لتشمل أعمال أخرى "كتجارة المخدرات وتهريب السلع وتبييض الأموال وتجارة البشر وخطف الرهائن للحصول على فديات"، وكلها تتم بغطاء ديني. كما بدأت هذه الجماعات تنتشر في مجالات جغرافية لم تكن تنشط فيها عادة وتستفيد من وجود أجندة لدى بعض الدول لخدمة أهداف معينة. وبالتالي، فقد أصبحت التنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مثلا من بين أكثر الجماعات تمويلا حيث تصل "ميزانيتها 200 مليون دولار" ،حسب ما أكده الباحث التونسي اعلية علاني، حيث يوجه جزء من هاته الأموال لتجنيد الشباب في منطقة المغرب الكبير، فأصبحت المسالة بالتالي و"كأنها تجارة لأن هناك دولا تمول التجنيد من أجل الذهاب إلى سوريا". المتدخلون اعتبروا أن الظرفية الإقليمية والأحداث التي عرفتها المنطقة تؤثر على الوضع الأمني في مختلف الدول، مثلما حدث في مالي في أعقاب الحملة الفرنسية العسكرية على هذه الدولة،التي اعتبر الأستاذ خالد الشكراوي أنها فشلت في مواجهة الظاهرة، حيث تنتظر هاته الجماعات "الانسحاب النهائي للقوات الفرنسية والتشادية ،وبالتالي فالقوات المالية والإفريقية غير قادرة على ضبط الوضع". وفي نفس السياق، يبدو تأثير الأوضاع في مصر وليبيا جليا على الدول المجاورة، وحتى التطورات الحاصلة في سوريا، بسبب تطوع مجندين من الدول المغاربية للتوجه لجبهات القتال، مما يشكل تحديا لهاته البلدان، لأن هذه العناصر عندما تعود إلى بلادها كعناصر مدربة فإنها تلعب دور خلايا نائمة بانتظار التعليمات، كما أكد هشام بعلي عن مديرية الأمن الوطني. هذا الوضع يتطلب تنسيقا بين كل الدول المغاربية، وهو الأمر الذي قال عنه الباحث خالد الشكراوي، إنه "غائب إن لم يكن منعدما في المجال شمال إفريقي والعربي"، فيما دعا الصحفي لحسن لعسيبي إلى أن يرتقي التنسيق بين المسؤولين في بلدان المغرب الكبير، وأن يكون "الوعي بأن القوة في التكتل الإقليمي مع منطقة الصحراء، ولا يجب أن تكون هاته الرقعة الجغرافيا سببا لضعفنا"على حد تعبيره.