يؤدي عجل القبيلة أو "أعَجْلِيْ نْ تَقبيلتْ" دورا مهما في نمط عيش سكان الواحات بمنطقة الجنوب الشرقي ويحضر في حياتهم اليومية واعتقاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية، وهو ما شكل وجها من أوجه الخصوبة والعيش الجماعي في المخيال الشعبي. ويبدو طبيعيا أن اختيار العجل دون غيره من الأنعام لم يأت اعتباطا، وإنما أملته ظروف خاصة على الوجدان الشعبي بمناطق واحات الجنوب الشرقي سواء بوعي أو بغير وعي لتحقيق غاية اجتماعية، مما جعل إنسان الواحات الأصيل محافظا بطبعه على هذا التقليد مدة من الزمن ، لكون العجل شكل أعظم الدواب نفعا فهو الخصب والمطعم ووسيلة للاستمرار والبقاء. وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث في التراث المحلي زايد جرو، أن عجل القبيلة في المخيال الجماعي الواحي ، يشكل موروثا ثقافيا وأحد أوجه العيش الجماعي التضامني الذي ساد بين أفراد القبيلة، والذي يدل على تماسكها، ويتسم عادة بالجينات النقية المöعطاء، ويخصب الأبقار من صلبه ليستمر النسل القوي الصالح، ويتم شراؤه عادة من مال القبلية، أو بالمساهمة الجماعية دون اهتمام كثيرا باللون، وقد لا يكون مكان الشراء الأسواق، بل يمكن أن يكون المصدر من قبيلة أخرى اشتهرت وذاع صيتها في تربية الأبقار. ولحظة استقدام هذا العجل، يضيف الباحث، تهل البلدة فرحا بحضور الضيف الفحل، ويتسلل الأطفال والنساء خلسة لمشاهدة الوافد الجديد ويتم إكرامه بداية بإطعامه العشب والشعير و"الفصة الخضراء""والكرط" "الفصة اليابسة " والحليب والتمر أيضا ، وفي بعض الأماكن تخضب ناصيته بالحناء كما تكحل العينان بالمرود. واعتناء بالوافد الجديد وضمانا للحفاظ عليه، يؤكد جرو، يستضيفه أهل البلدة بالتناوب ، فيأخذه الواحد منهم لبيته كي يكرم وفادته أكلا وشربا، ثم يأخذه الثاني ثم الثالث .. في باقي الليالي وسائر الأيام، وفي الصباح يعيده المضيف إلى مكان محدد بمدخل القصر "إمي نيغرم " أو باب القصر عادة ليأخذه شخص آخر، وهكذا على مر الأيام، حيث يستفيد العجل في كل وقت من عطاء كل حöمل الواحة من عشب أو زرع. ولضمان الاستمرار في الإخصاب، يعمل أفراد القبيلة على تأمين نقل جينات العجل النقية الصالحة للجيل اللاحق من الأبقار حيث لا قيمة إلا لصفاء النوع ونقائه، لأن المنفعة أقوى ، ويشار إلى ذلك بعبارة "سكúسوú تفوناسúت هاتú تúرا برøا". الدلالة الرئيسية للعجل وسط القبيلة هي الإخصاب وقد يأخذ بعدا آخر إلى دلالة رمزية أوسع، وغالبا ما تكون قدحية ، فيها تأويلات عديدة حسب سياق ومرجع التداول ، كما يقول الباحث جرو، فقد ينعت المرء ب "أعجلي ن تقبيلت"، إما لكونه سافرا دون احتشام أو وقار، أو ينعت المرء بالوصف نفسه لأنه دخيل أو أكول ، أو كل شخص لا يشمر عن ساعديه ويفضل العيش تحت جلباب الآخرين متسترا ينتظر العطاء كالعجل . وحين يشيخ العجل وتنتهي مهمته وتفتر عزائمه يذبح ويوزع لحمه على القبيلة، وحتى الأرامل من النساء لهن حظهن منه ، وقد يتأفف منه الآكلون إما ألفة به وبعشرته الطويلة أو بمذاق لحمه . من جهته، أكد الباحث في الثقافة الشعبية لحسن آيت لفقيه، أن "عجل القبيلة يجسد نموذجا وظيفيا للتعاضد وللتعاون في القرية الزراعية بالجنوب الشرقي، القرية المدعوة (القصر) في الواحات، أو (إغرم) في الجبل. يتغذي عجل القبيلة في كل مكان ومن كل نوع نباتي متوافر بأحواز القرية، ويضمن تخصيب البقر في قطيع القبيلة المدعو في الأوساط الأمازيغية (تاولا)، ويضمن وجبة لحم سنوية، أو مناسباتية لكافة أفراد القبيلة على قدم المساواة. وهو ضيف عزيز في كل منزل يدخل مربطه". واعتبر الباحث أنه لما كانت "الضوابط قائمة في كل قرية يضمنها عرف القبيلة (أزرف) الشفاهي، اهتدى العقل الجمعي إلى إنشاء نموذج ذاكراتي ورمز للفوضى وللعشوائية يمثلها عجل القبيلة. ولا عجب فكل شخص لا يحترم الضوابط ينعتونه بعجل القبيلة لخروجه عن الإجماع". *و.م.ع