ردا على حفيظ المسكاوي كغيري من قراء "هسبريس"، اطلعت على "الخربشات" التي خططها المدعو "حفيظ المسكاوي" والتي سماها : "أدلجة الأمازيغية وعلمنتها سبب انحصارها"، "المشترك البنيوي بين الصهيونية والأمازيغية"، "مقاومة الأمازيغية للصهيونية" وهذه الخربشات التي سماها تجاوزا ب "المقالات" كلها اجترار لكلام فاحش رديء كله سب وقذف في حق الأمازيغية كلغة وحضارة وثقافة وهوية وإنسان وتاريخ....الخ، وإن كانت هذه الخربشات تختلف من حيث العنوان المختار لكل واحدة منها على حدة فإنها تلتقي من حيث المضمون، إلى درجة يمكن القول معها أن خربشة واحدة منشورة بثلاثة عناوين. وقد حاول صاحب هذه الخربشات شيطنة الأمازيغية وربطها بالحركة الصهيونية دون أن يقدم ولو دليلا ماديا واحدا ملموسا على ما يقول، وهو ما يجعل كلامه غير ذي جدوى في زمن العلم والمعرفة ومقارعة الأفكار بالأفكار، ولم يستطع أن يفرق بين الحركة الصهيونية كحركة عنصرية لا تختلف على شقيقتها القومجية العربية، واليهودية كدين سماوي أنزله صاحب الجلال والإكرام إلى جانب الأديان السماوية الأخرى، ولم يستطع بالرغم من محاولاته الفاشلة لتفسير "العلمانية"، بين "العلمانية" كفكر كوني مستوعب لكل الحضارات والثقافات والأديان، والإلحاد/ اللاتدين. تحدث عن الحركة الأمازيغية وقال بأنها حركة علمانية، أي لا دينية، وفي نفس الوقت قال بأنها امتداد للصهيونية اليهودية، فما الذي يقصده بالضبط من هذا الكلام المختلط؟ لنفرض تجاوزا أن الحركة الأمازيغية العلمانية الديموقراطية هي حركة لا دينية –حسب المسكاوي- فما الذي يربطها بالصهيونية الدينية كحركة دينية –حسب المسكاوي دائما- ؟ يظهر أن العنصرية القومجية العروبية أعمت بصيرة أعداء الأمازيغية ومنهم المسكاوي، ولم يستطيعوا التمييز بين الأشياء، أعمى الحقد بصيرتهم ولم يعد بمقدورهم إلا السب والقذف وخلط المفاهيم في محاولة منهم لتوسيخ الأمازيغية مستعملين بذلك مختلف أسلحتهم الإيديولوجية المهترئة التي أكل عليها الدهر وشرب، ومنها خلط الدين بالسياسة واللعب على الوتر الديني الحساس بالنسبة للمغاربة الأمازيغ، ومقدمين أنفسهم على أنهم المدافعون الأشاوس على على إيديولوجية "شكيب أرسلان" التي أصبحت كالنملة الأصولية الضائعة في مزرعة العلمانية. إن تهجم العديد من العروبيين، ومنهم المسكاوي" على الأمازيغية معتبرين أنفسهم "مجاهدين" على اعتبار أن الأمازيغية "حركة علمانية" يقودنا إلى طرح السؤال القديم/ الجديد وهو علاقتنا نحن الأمازيغيين بالدين الإسلامي، التي تحاول جهات معروفة (وهنا نتساءل عن دور المسكاوي في تلك الجهات؟) كهربتها وتقويضها بالنظر إلى دفاعنا عن القيم الكونية المشتركة، وإلى تبنينا للفكر العلماني، وبالتالي رفضنا المطلق لعروبة الإسلام وأسلمة العروبة، ورفضنا لعروبة الإسلام نابع من دفاعنا وغيرتنا على الدين الإسلامي وثقافتنا الأمازيغية، كيف؟ الخطاب العروبي القومجي الذي يهدف إلى إذابة ثقافتنا الأمازيغية بقيمها الكونية يستغل الدين الإسلامي أبشع استغلال لتحقيق ذات الهدف، ولعل مقولة "العروبة والإسلام" التي يتحفنا بها الخطاب العروبي بشكل مستمر تختزل هذا الإستغلال الضيق للإسلام في أقوى مضامينه، وهو تقديم كلمة "العروبة" على "الإسلام" أي أن العروبة بالنسبة لهؤلاء توجد في منزلة ومرتبة أعلى من الإسلام، وهو ما يعني أن هؤلاء العروبيون لا يهمهم الإسلام كدين إنساني كوني مشترك، ورسالة الإسلام الموجهة إلى كافة البشرية، بل كإيديولوجيا عروبية عنصرية مقيتة ترمي إلى صهر ثقافات الغير عن طريق الإستغلال الضيق للدين.... ورفضنا نحن الأمازيغيين لهذا الإستغلال هو دفاع عن الدين الإسلامي وقيمه، فأين أنتم أيها الغيورون على الدين الإسلامي من هذا الإستغلال الضيق للدين؟ إن مشكلتنا ليست مع الدين الإسلامي كدين متسامح مستوعب للقيم الكونية المشتركة، بل مشكلتنا مع الذين يختبئون وراء هذا الدين لتمرير خطاباتهم العنصرية المقيتة ولتحقيق أهداف سياسوية ضيقة لا تخدم لا الإسلام ولا المسلمين، وهذا هو الفرق الجوهري بين إسلامنا نحن الأمازيغيين وإسلام العروبيين. نحن نحترمه وهم يستغلونه! يوجه العديد من هؤلاء العروبيين انتقادات لنا كإمازيغن نظرا لتبنينا الفكر العلماني، إنتقاد ينطلق من خلط الأوراق بين الدين والفكر السياسي، وبالتالي اعتبارهم –أي العروبيون- أن تبني الفكر العلماني هو شرك بالله، رغم أن الفكر العلماني لا يختلف كثيرا عن الفكر الإسلامي، كيف؟ الإسلام دين التسامح، دين التعايش، يحترم جميع الثقافات والأديان السماوية، يضمن حرية الإعتقاد، لا يخلط بين الأمور الدينية والأمور السياسية...الخ، وكذلك العلمانية، فجوهر العلمانية هو الحرية، والحرية تعني من بين ما تعنيه حرية التدين، وبالتالي تضمن حرية الإعتقاد. العلمانية تحترم جميع الأديان، تنتقد خلط الأمور الدينية بالأمور السياسية، وتدعو إلى فصل الدين عن الدولة على اعتبار أن الدين ليست له أي دولة، وكل دولة يمكن أن تتعايش فيها جميع الأديان وجميع الثقافات، وكل دين –والإسلام أيضا- موجه إلى كافة البشرية وليس إلى فئة معينة ، أو لجنس واحد دون الأجناس الأخرى. العلمانية تفصل بين الأمور الدينية والسياسية، فإذا اختلطت السياسة بالدين جرت معها هذا الأخير إلى الحضيض، وبالتالي فالعلمانية هنا تدافع عن الدين وتدفعه إلى استقلاليته عن السياسة ولو بطريقة غير مباشرة. ولعل الحكم الراشدي الذي أتى مباشرة بعد الرسول الكريم كان مبنيا على هذا المنطق، أي منطق احترام حرية الإعتقاد والتدين، ولو دققنا الفكر في معنى الرشد الذي أطلق على العهد الراشدي (632-661م) لوجدنا أن الرشد كان يعني الحرية دون إكراه، أي عدم إكراه الناس على الإيمان، وعدم فرض الإيديولوجيا الإسلامية فرضا على الناس، أي لا إكراه في الدين، ولا في السياسة أيضا، والدين في الحضارة العربية هي سياسة، والسياسة هي الدين! فالإسلام ليس دين أولا ثم دولة ثانيا، ولكنه دين سياسي أولا وأخيرا في قاموس الخطاب العروبي العنصري. والإسلام دين أولا وأخيرا وليس في حد ذاته دولة، والدليل على ذلك أن أول عمل قام به الرسول بعد هجرته إلى المدينة هي إقامة الدولة قبل نشر الدين، حيث أقام "دولة المدينة" قبل أن يبدأ بنشر الدين فيها، وأشرك في هذه الدولة المسلمين والكفار واليهود، محققا بذلك –أي الرسول الكريم- أول دولة "علمانية" في التاريخ الإسلامي، وهي الدولة المتكونة من مسلمين، وكفار، ويهود، فكانت بذلك أول دولة في الإسلام هي "دولة سياسية" وليست "دولة دينية". [email protected] www.fikrielazrak.tk