حكومة الفاسي تطرح 43 إجراء لمحاربة الفساد والرشوة طرحت حكومة عباس الفاسي الجمعة الماضية خطة لمحاربة الفساد والرشوة تتضمن 43 اجراء أبرزها تصريح كبار مسؤولي الدولة بممتلكاتهم ، وحماية الحكومة للعاملين في هيئات مكافحة الفساد وفتح قنوات للإبلاغ عن حالات الرشوة و الفساد في الإدارات الحكومية . هذه الخطة التي سيبدأ العمل بها أول العام القادم، تأتي مصحوبة باعتراف وزير تحديث القطاعات الحكومية سعد العلمي بأن الفساد الإداري يلتهم 2 % من الناتج المحلي، و " يضعف قيمنا الثقافية والاجتماعية. انه يقوض اسس وجذور مجتمعنا " يقول الوزير. ونضيف بأن الفساد والرشوة آخر مسار التنمية بالبلد، وأساء لها وأضاع عليها استثمارات أجنبية كبيرة، وجعل كثيرين على الرغم من إيمانهم بالإمكانيات الكبيرة للمغرب الاقتصادية والبشرية فضلا مؤهلاته الطبيعية، يتخوفون من الاستثمار فيه عندما يتابعون التقارير الدولية ومنها تقارير منظمة الشفافية الدولية و التقرير العالمي للتنمية البشرية، ويجدون تراجع مخزي في رتبه بشكل درماتيكي، بعد حصول تطور وتحسن في فترة حكومة عبد الرحمان اليوسفي. ومن المستبعد أن تنجح خطة حكومة عباس الفاسي، وستبقى مجرد إعلان حسن نية لتلميع صورة الحكومة -التي تعاني من اختلالات وانتقادات متزايدة لأدائها الضعيف والباهت جدا – وذلك لأسباب، أولها أن حكومة الفاسي صاغت الخطة بطريقة فوقية ، ولم تشرك معها الفاعلين المعنيين بمحاربة الفساد كالمجتمع المدني على سبيل المثال، وكان المفروض فتح نقاش وطني جريء وتسمية الأشياء بأسماءها حول داء ينخر المجتمع ويهدد مصالحه المادية والمعنوية، فليس معقولا أن نحقق إنجازا كبيرا بأن نحصل على وضع متقدم في علاقتنا وشراكتنا مع الاتحاد الاوربي، وندع الفساد يهدد هذا الوضع مع ان المطلوب الحفاظ عليه و تقويته . وثاني الأسباب، أنه سبق لحكومة عبد الرحمان اليوسفي ان شنت حملة مشابهة في ماعرف يومها بحملة تخليق الحياة العامة باتخاذ عشرات الإجراءات التي ضبطت تجاوازت كبيرة وكثيرة في عدد من القطاعات ، وأثمرت تلك الإجراءات بعض النتائج الإيجابية لكنها لم تستمر وسرعان ماحصلت الانتكاسة لغياب إرادة قوية لمحاربة الفساد في عدد من القطاعات ، ولعدم الانخراط الصريح في هذا الورش الكبير كما تقول "ترانسبارانسي" المغرب من حيث عدم ترجمة الإجراءات لواقع ملموس. وثالثها، عدم حزم الحكومة في تطبيق قانون التصريح بالممتلكات ومحاربة تبيض الأموال، والسعي لاسترداد الأموال المنهوبة، وإعمال مقولة "من أين لك هذا"، وكذلك علاقة الوزير الأول عباس الفاسي بشكل من الأشكال بملف "النجاة" وتداعياته السلبية ماتزال حاضرة بالأذهان، وتفقد الحملة المشارإليها الشعبية أو المصداقية . أما السبب الرابع، فهو عدم الانخراط الكبير والمستمر للمجتمع المدني والأحزاب السياسية في الحرب على ظاهرة الفساد الإداري والرشوة، والأدهى والأمر أن بعض الأحزاب السياسية إن لم يكن أغلبها لاتقدم النموذج المطلوب ولا تطابق أقوالها أفعالها ولاتحارب الفساد في ممارستها الانتخابية على سبيل المثال لا الحصر، فتبارك وتمارس الفساد من خلال شراء الأصوات والذمم في الانتخابات التشريعية والجماعية والمهنية (الغرف) وترتفع وثيرة الفساد وتتفاحش في حرب تشكيل المكاتب المسيرة للمجالس الحضرية والقروية ، وبعد انتهاء موسم الانتخابات تغير المعطف وتوزع التصريحات والبيانات عن رفض الفساد والرشوة و.... وهي المسرحية التي باتت ممجوجة ومعروفة للعادي والبادي. وهناك سبب خامس مهم جدا، وهو محدودية سلطات المؤسسة التشريعية في ممارسة رقابة حقيقية على عمل الحكومة وطرق تدبيرها للمال العام. من السذاجة القول أن المعركة ضد الفساد ومحاربة الرشوة في الإدارة والمجتمع سهلة، ونحمل المسؤولية للحكومة وحدها دون الإشارة لمسؤولية الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني والمدرسة والأسرة مع تفاوت درجات المسؤولية. ومن الظلم للبلد والمغاربة أن يستمروا في أداء فاتورة هذا الفساد فالحاجة ماسة لمقاربة شمولية وتشاركية بين كل المعنيين، وتحديد جدول زمني لمعرفة مدى التقدم الحاصل على جبهة الحرب على طاعون الفساد .