انتهى فريق محمد عبو، وزير تحديث القطاعات العامة، من الصياغة النهائية لبرنامج يعرض لتصور الحكومة في مجال محاربة الرشوة. ويأتي هذا البرنامج الحكومي حول الرشوة بعد التراجع الذي عرفه المغرب في مؤشر ملامسة الرشوة، من المرتبة ال72 إلى المرتبة ال80، وراء دول إفريقية غير معروفة كجزر موريس. وقال مصدر في ديوان الوزير محمد عبو ل»المساء» إن إعداد هذا البرنامج المتعلق بمحاربة الرشوة جاء بعد طلب تقدمت به لجنتا العدل والتشريع في وقت سابق، بغرض الوقوف على أهم المجهودات التي بذلتها حكومة عباس الفاسي منذ تنصيبها في ما يخص الحد من تطويق مظاهر الرشوة في دواليب الإدارة. ويضيف مصدرنا أن هذا البرنامج الحكومي يبقى مجرد صياغة أولية، في انتظار تعميق النقاش في مضامينه داخل لجنتي العدل والتشريع، في لقاءات ينتظر أن تتم برمجتها لهذا الغرض. وشكك رشيد الفيلالي، الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبرانسي)، في أن تكون لهذا البرنامج الحكومي لمحاربة الرشوة انعكاسات إيجابية على الحد من انتشار الرشوة. وقال الفيلالي ل»المساء» إن هذا البرنامج، حسب ما تسرب من أخبار حول مضامينه، يلتقي في خطابه مع خطاب جمعيات المجتمع المدني، عندما يتحدث مثلا في بعض الديباجات عن صعوبة، تطويق ظاهرة الفساد والتحكم، علما أن أصحاب هذا البرنامج يتحملون مسؤوليات في السلطة وفي مراكز القرار، وهذا مؤشر في نظر الفيلالي على عدم وجود إرادة سياسية حقيقية في مجال محاربة الرشوة من طرف الحكومة، عندما يرد هذا البرنامج سبب انتشار الرشوة إلى عوامل خارجية ويلقي باللائمة على تعقد الظاهرة وتجذرها في بنية المجتمع ومرجعياته التاريخية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية. وإذا كانت الحكومة تتعهد، من خلال برنامجها لمحاربة الفساد، بدعم المنظومة الوطنية للنزاهة والشفافية وتعزيز آليات التبليغ عن بؤر ومواطن الفساد والرشوة واعتماد مبادرات وإجراءات عملية لمحاصرتها، فإن الجمعيات العاملة في مجال محاربة الرشوة تعتبر أن مضامين هذا البرنامج لن تغير من واقع الفساد المستشري في دواليب الإدارة شيئا، كما حصل سنة 2005 عندما أعدت الحكومة مخططا لمحاربة الفساد دون أن يتم تفعيله. وقال الفيلالي، في هذا السياق، إن المطلوب أولا من هذا البرنامج هو ضرورة توفير الحماية القانونية لفاضح الرشوة، حتى لا يقع ما وقع لمحامي تطوان أصحاب «رسالة إلى التاريخ» (حاجي وقنجاع) الذين فضحوا مظاهر الرشوة في قضاء المدينة، فإذا بهم يجدون أنفسهم في قفص الاتهام. وحسب الفيلالي، فإن المفارقة الموجودة في القانون حاليا هي كون فاضح الفساد، إذا ما كان موظفا، فهو من جهة خاضع لسلطة رئيسه في الهرم الإداري، ومن جهة أخرى فهو ملزم بالحفاظ على السر المهني حتى لو عاين صفقات رشوة داخل إدارته. هذا وعدد البرنامج المجهودات التي بذلتها الدولة في مجال محاربة الفساد، وهمت بالأساس إصدار بعض القوانين المتعلقة بالتدبير المفوض وإصلاح نظام تدبير الصفقات العمومية وإصدار المرسوم الذي بموجبه أحدثت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، كما توقع البرنامج تجاوز بعض الاختلالات المتعلقة بمشروع القانون حول التصريح بالممتلكات، من خلال إلزام أعضاء الحكومة والبرلمانيين والمنتخبين والقضاة ورجال السلطة والموظفين السامين بالتصريح بممتلكاتهم وضبط عناصر الثروة الخاضعة للتصريح ومنح المجلس الأعلى للحسابات صلاحية تتبع وتلقي ومراقبة التصاريح وتحديد العقوبات في حالة عدم التصريح أو التصريح الكاذب.