في ظلّ البروز القويّ لأحزاب الحركة الإسلامية في عدد من البلدان العربية، كقوّة سياسية في المنطقة، غداةَ ما يسمى بثورات "الربيع العربي"، وفي ظلّ انحسار الأحزاب اليسارية، عقد أمناء عدد من أحزاب اليسار العربي صباح اليوم بالعاصمة الرباط، لقاء افتتحوه بانتقاد ذاتي لجسم اليسار العربي. الأمين العامّ لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، محمد نبيل بنعبد الله، تحدّث في الكلمة الافتتاحية للقاء اليسار العربي الثاني، عن التجربة المغربية في التعايش بين اليسار والإسلاميين، ممثلين في حزب العدالة والتنمية، القائد لتحالف الحكومي الذي أفرزته الانتخابات التشريعية لسنة 2011. وقال نبيل بنعبد الله إنّ قرار حزب التقدم والاشتراكية بالمشاركة في التحالف الحكومي إلى جانب حزب العدالة والتنمية ذي التوجّه اليميني المحافظ، والتي قال إنها التجربة الوحيدة التي تحالف فيها اليسار مع تيّار ينتمي إلى الصّف المحافظ، أفرزَ تباينا في ردود الفعل بيْن من رحّب بالفكرة، وبيْن ما عرضها كليّا. وفي الوقت الذي قال بنعبد الله إنّ الأغلبية داخل حزب التقدّم والاشتراكية كانت مع المشاركة في الحكومة إلى جانب حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أنّ النقاش ما يزالُ مستمرّا مع الأطراف المتحفّظة داخل الحزب، قال القيادي في "الحزب الشيوعي" المغربي خالد الناصري، إنّ الحزب "تآلف مع العدالة والتنمية يتحالفْ معه". وفي ظلّ "الانحسار" الذي شهده اليسار العربي، في عدد من البلدان العربية، مقابل بروز الأحزاب الإسلامية كقوّة سياسية، قال نبيل بنعبد الله إنّ الفرصة "سانحة في الوقت الراهن، لتفرز صوتا تقدميّا ومنفتحا ورزينا، على الصعيد العربي، تكون له إمكانية التأثير على الأوضاع الداخلية، وتوسيع حضوره على الساحة السياسية. ووجّه بنعبد الله انتقادا إلى اليسار المغربي، قائلا إنّ هناك تراجعا للتنسيق بين مكوّناته، "وهو ما يستدعي توسيع التشاور مع فصائل الأحزاب المتواجدة على الساحة السياسية، بما في ذلك تلك التي ليس لها نفس الانتماء الإيديولوجي". من ناحيته قال خالد حدادة، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، إنّ اليسار العربي يعاني من ترْك الساحة للأحزاب الإسلامية، موضحا "نحن لا نعاني من غياب الموقف، وعدم معرفة الوضع على الساحة، والخطرِ الذي تتعرّض له الشعوب والأوطان، بل نشعر أنّه في الوقت الذي تتجه فيه القوّة الدينية إلى الفعل، يكتفي اليسار بدور المبشّر". واعتب حدادة أنّ التحدّي الأبرزَ الذي يواجه اليسار العربي في الوقت الراهن هو "كيف ينتقل من موقع المبشّر والدّارس للوضع، والواقف على أطلال الماضي، إلى موقع الفعل، ويكون يفي واجهة التصدّي لما تتعرض له الشعوب والأوطان"؛ واعتبرَ أنّ الوضع الذي تمرّ منه المنطقة العربية، في ظلّ التطورات المتلاحقة التي تشهدها حاليا، "خطير جدّا". وأبْدى محمود جمور، عن الحزب الشيوعي التونسي، رفضه لإمكانية أيّ تحالفٍ مع حزب النهضة "الإسلامي"، قائلا "لا نرى ايّ إمكانية للحكم مع حركة النهضة، ولسنا معنيّين بالمرّة بالمشاركة في حكومة بها ممثلون عنها، وإلا فهذا يعني أننا انتهازيون، بعدما دفعنا وناضلنا من أجل خروج الحركة من الحكومة"، وتابع "نحن على طرفيْ نقيض معهم".