لم تكن الصرخات التي أطلقتها العديد من الفعاليات بالأقاليم الجنوبية حول التلاعب بالتموين المقدم للمخيمات في العديد من المدن الصحراوية جنوب المملكة، سوى مقدمة لمعركة انتقلت أطوارها للبرلمان، للمطالبة بمحاسبة من يستغلون أموال الدولة الموجهة للسكان للاغتناء الشخصي. مخيم الوحدة بمدينة السمارة واحد من هذه المخيمات التي تعيش غليانا منذ مدة، بسبب ما تصفه الساكنة بالنهب الذي تتعرض له الإعانات التي تقدم للمقيمين هناك. ولجأ ساكنة المخيم إلى تنظيم وقفات "تستنكر نهب المال العام باسم توزيعها على ساكنة المخيم، في الوقت الذي يعيش فيه أبناء هذه المخيمات ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة". البرلماني بمدينة العيون، محمد سالم البيهي، عن حزب العدالة والتنمية، طالب رئاسة فريقه النيابي بضرورة الدعوة لعقد مهمة استطلاعية حول "التلاعب بالتموين المقدم لمخيم الوحدة بمدينة السمارة". وأكد البيهي وقوفه على مجموعة من التلاعبات والخروقات المرتبطة بمواد التموين المخصصة لسكان هذه المخيمات، والذين استقروا بالمدينة تلبية لنداء الملك الراحل الحسن الثاني منذ سنة 1991". وقالت رسالة البرلماني، وتتوفر عليها هسبريس، إنه "بعد مجموعة من اللقاءات التواصلية مع ساكنة مخيم الوحدة (الربيب والكويز) وقف على مجموعة من الاختلالات، والتي طالبت خلالها الساكنة بفضح الفساد المستشري في هذا المجال". وسجلت الرسالة أن الهدف من عقد المهمة الاستطلاعية هو الوقوف عند هذه التجاوزات التي عمرت لسنوات، مشيرة أنها "فوتت على الدولة مبالغ جد مهمة كان بالإمكان أن تعالج هذا الملف وغيره من الملفات العالقة بالمنطقة". وتعود معاناة السكان في المخيمات، وفقا لتصريحات استقتها هسبريس، إلى سنة 1991 وذلك بعدما استجابوا لنداء الملك الحسن الثاني، حيث وفرت لهم الدولة إمكانيات مهمة للعيش استغلها بعض المسؤولين للاغتناء عبر المتاجرة بها، حسب تعبيرهم. وأكدت تصريحات المعنيين أنه يتم حرمان الأسر، من حصص التموين والاحتفاظ بها في مخازن التوزيع منذ 1996 إلى يومنا هذا، موضحين أن "عدد الحصص المسلوبة وصل إلى آلاف الحصص، والتي يتم الاتجار بها علانية". ويشرف على عملية تموين الأقاليم الجنوبية بالمواد الغذائية الأساسية، لجنة وزاراتية ترأسها وزارة الشؤون العامة والحكامة، وتضم في عضويتها وزارتا الداخلية والتجارة والصناعة ومكتب التسويق والتصدير. وأُسند إلى مكتب التسويق والتصدير تدبير عملية توزيع المواد الغذائية المذكورة بعد تلقيه طلبات السلطات المحلية، ويعمل على توفير الحصص في حدود الميزانية المتوفرة بعد أخذ رأي الوزارة. جدير بالذكر أنه سبق للوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة السابق، محمد نجيب بوليف، أن أكد أن الحكومة تولي اهتماما خاصا للمواطنين بالأقاليم الجنوبية. وقال الوزير حينها إن الحكومة تُخصص ميزانية قدرها ستة ملايين درهم سنويا، من أجل تغطية تكاليف كميات الدقيق المدعم والسكر والزيت، ووضعها رهن إشارة السلطات المحلية بالمناطق الصحراوية التي توزعها على المحتاجين المسجلين لديها مجانا".