معركة المغرب مع فرنسا: خرائط دبلوماسية جديدة تتشكل .. من يرسمها؟ بينما كنت أراجع القصاصات والمعلومات التي توافرت لي حول معركة المغرب مع فرنسا، وجدت الى جوارها قصاصات وشهادات اخرى، تتعلق بتصفية حسابات بعض رجال المغرب النافذين وحكامه ، كنت قد جنيتها لشأن آخر. كما حصلت على شهادات تظهر "رأس الخيط" ،في ملف اختار له مهندسوه ،عبد اللطيف الحموشي، كبش فداء، وقد سقط السيد مزوار وزير شؤون خارجية المغرب في فخ التصعيد ،على غرار مصطفى الرميد وزير العدل ،هذا في حالة عدم لعب مجرد ساعي البريد وهو الأرجح ،وبالتالي لا تلوموه. وخطر لي أن أمتحن ذاكرتي وملفاتها، وأن أقابل بين الحالة المغربية والفرنسية والجزائرية، في ما تفعله لتعزيز مواقعها، وما نفعله نحن، لتقوية مواقع دفاعنا وحصانة رجال ونساء دولتنا. حرب المخابرات وتنبؤات مزوار الخاطئة.. للتذكير تعيش العلاقات المغربية الفرنسية "صعوبات" منذ استدعاء السيد عبد اللطيف الحموشي ،مدير عام مديرية مراقبة التراب الوطني من طرف القضاء الفرنسي، بطريقة اعتبرها المغرب لم تراع أبسط الأعراف الدبلوماسية، ترتب عليها رد قوي وغير متوقع، بعد أن ان اقدمت وزارة العدل المغربية على تعليق العمل باتفاقيات التعاون القضائي مع فرنسا ،وتكلف السيد صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية ، برد لم يراع هو كذلك أبسط الأعراف الدبلوماسية، وتنبأ بتطورات خطيرة. تنبؤات كدبتها الأحداث. وكان رئيس الدبلوماسية المغربية قد توقع، خلال اجتماع عقدته أحزاب الأغلبية الحكومية بالرباط بحضور رئيس الحكومة، تلقي المغرب ضربات فرنسية جديدة، لم يحدد طبيعتها وتوقيتها. لكن حكمة الله مرة أخرى كانت مع المغرب، تحث ضغط حساب الربح والخسارة أو الهام وحسن تدبير للأزمة لا يهم. ولن تتحقق تنبؤات مزوارالخاطئة. الحرب لها ملعبها ولاعبوها المحترفون.. قصة كبيري المخابرات المغربية الداخلية، ،عبد اللطيف الحموشي أصبحت معروفة، بتفاصيلها المملة من جراء حرب البلاغات، والتدابير التي قادها المغرب لإصلاح الخلل وتداعياته. ونقلت مصادر دبلوماسية اوروبية أن التوتر المغربي- الفرنسي لا يمكن فصله عن الدور المؤثر لكبيري المخابرات الخارجية الفرنسية "بيرنارد باجوليت" سفير سابق بالجزائر. وهي جزئية لها اهميتها لفهم خلفيات الملف.. عبد الاله بنكيران، رئيس الحكومة ،كان حكيما كلنا كنا نعرف حدود تجربة الحكومة الملتحية في ميدان الدبلوماسية، وإن شئنا أن نتصارح أكثر، فلا مفر من الاعتراف بثلاثة أمور، أولها ،أنه لا توجد لدينا دبلوماسية حكومية، ولكننا بإزاء شخصيات حزبية مهتمة بالدبلوماسية ، ثانيها، أن السيد عبد الاله بنكيران، رئيس الحكومة ،كان حكيما عندما وافق على عزل صديقه ،وزير الخارجية السابق سعد الدين العثماني، وبالتالي لن تحسب عليه انتكاسات الدبلوماسية المغربية ،وثالثا اعتقد أن المؤطر في هذه المرحلة وغيرها، يبقى متمثلا اساسا في المؤسسة الملكية، بصفتها صاحبة الزعامة الفعلية لتدبير الزمن الاستراتيجي وضامنة مصالح الوطن. استراحة/استبعاد المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة معلومات تشير الى استراحة/استبعاد المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة مؤقتا، لأسباب تتعلق بتدبير ملفات خاصة في دائرة مراكز القرار بالقصر الملكي، يطول شرحها. أهمها تكليف المستشارة النافذة ،زليخة نصري، بمهمة مراقبة ترتيب بيت وزارة الداخلية ومصالح امنها واصلاح اعطاب آلياتها.. هل هناك خلل على مستوى هذه الآليات. مجرد سؤال، بهدف ترتيب المسؤولية عليه ، لكي نبتعد عن مقاربة كبش الفداء. و المهم أن توجد مؤشرات تدل على بدء المغرب وفرنسا تجاوز الأزمة القائمة بينهما بسبب ملف مدير المخابرات عبد اللطيف الحموشي. كبش الفداء بامتياز. الملك يدبر الزمن الطويل..زمن الاستراتيجية كانت زيارة الأميرة للا مريم لفرنسا بردا وسلاما على ملف السخونة العابرة للعلاقات المغربية الفرنسية ،حيث تعهد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولوند، خلال كلمة له أثناء تشدينه، رفقة الأميرة ، المعرض «المغرب المعاصر»، الذي نظمه معهد العالم العربي بشراكة مع المؤسسة الوطنية للمتاحف. تعهد بتجاوز الأزمة. كلمة السيد "هولاند" كانت رسالة لتهدئة العلاقات الثنائية بين البلدين وتغليب رغبة الاحتواء على المواجهة بين حليفين استراتيجيين ب"حاجة إلى بعضهما البعض" بتعبير الرئيس الفرنسي. والآخرون..لهم زمن مهامهم. وهو زمن قصير بحكم طبيعة هذه المهام. اذن لا شيء يدعو للقلق.. رأسمال غير مادي مغيب كدت أنسى الأهم وأن اذكر بأولويات دبلوماسيتنا وثغراتها. تعلمون ان احدى اولويات الدبلوماسية المغربية، كانت ولا زالت، مركزة على وحدتنا الترابية وقضية الصحراء، ولن أبالغ، بحكم انتمائي لها وتجربتي الدبلوماسية للدفاع عنها، إن قلت ،أن الصحراء في حد ذاتها هي رأس مال غير مادي، من المنظور الصرف للمفهوم، بعيدا عن أي تأويل سياسي، والصحراء كقيمة ثقافية وكموروث لازال يختزل كنوزا كثيرة يجب البحث والتنقيب عنها، لاستثمارها في مشاريع التنمية والمرافعات الدبلوماسية، في المحافل الدولية، لإقناع الرأي العالمي بعدالة قضيتنا. الى جانب قضيتنا الوطنية ،هناك قضية لا تقل خطورة تتعلق بجاليتنا بالمهجر، وتحديدا بخمسة ملايين مغربي، أغلبهم بفرنسا، يساهمون في اقتصاد المغرب ويشكلون رأسمال غير مادي، يمكن أن يفيد بلدنا بخبرته وعطائه ودعم الأوراش التنموية المفتوحة من طرف جلالة الملك، شرط حفظ الأمن الروحي لهده الفئة من المواطنين وعدم توريطها في الأزمات العابرة. الى جانب هاتين الأولويتين، ليس سرا ،الاعتراف بثغرة في دبلوماسية المغرب ،تتعلق برأسمال غير مادي آخر، مغيب. منذ ان اثبت الخبراء التفاعل القائم بين الثقافة والتنمية(التقرير العالمي لليونسكو بعنوان "التنوع الانساني المبدع، 1995) ، الذي لقي اعترافا من طرف المجتمع الدولي(القمة العالمية بشأن التنمية المستدامة، جوهانسبورغ،2002) ،ظهر الدفاع عن التنوع الثقافي، بوصفه ركيزة ضرورية للتنمية، ليس من الزاوية الاقتصادية والمادية فحسب، وانما أيضا من الزاوية غير المادية. مع الأسف، تبقى الثقافة، وهي رأسمال غير مادي بامتياز، الغائب الأكبر في دبلوماسيتنا. وقد أظهرت الأحداث ان للتفافة نصيب في حل الأزمات. معرض «المغرب المعاصر»، الذي نظمه معهد العالم العربي بباريس بشراكة مع المؤسسة الوطنية للمتاحف كان مناسبة لتبادل خطابات الناسخ والمنسوخ. جاء ت كلمات الأميرة للا مريم والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بهذه المناسبة الثقافية، ولو متأخرة، ناسخة لما سبقها ، من بلاغات وتصريحات حول ازمة العلاقات المغربية الفرنسية، ومهيمنة عليها. كلمة أخيرة..مؤشر آخر لا يقل رمزية، فقد اختار الملك محمد السادس شقيقته لمهمة لتفعيل الدبلوماسية الثقافية بباريس، وملعبا لحل "خصومة" مغربية فرنسية عابرة،وقد يكون هذا الاختيار ،رسالة رمزية لفرنسا بنهاية الأزمة وبداية صفحة جديد.