أدان مسؤولون أتراك موجة اضطرابات، شهدت مقتل ضابطي شرطة بالرصاص، واشتباكات بين أكراد غاضبين من حصار تنظيم الدولة الاسلامية لأكراد سوريا، مع قوات الأمن التركية وإسلاميين أصوليين.. واستمر القتال العنيف في مدينة كوباني الكردية السورية، القريبة من الحدود التركيّة، بأن أغضب هجوم "الدولة الإسلامية" المستمر عليها منذ ثلاثة أسابيع أكراد تركيا البالغ عددهم 15 مليون نسمة.. ويريد الأكراد أن تتدخل أنقرة عسكريا للتصدي للإسلاميين المتشددين. ودوت أصداء طلقات الرصاص عبر الحدود، ودعا مسؤول عسكري كردي إلى تكثيف الضربات الجوية التي يوجهها تحالف تقوده الولاياتالمتحدة، والتي أبطأت زحف مقاتلي الدولة الإسلامية صوب المدينة.. بينما قال وزير الداخلية التركي، إفكان علاء، في مؤتمر صحفي، إن مصير كوباني أثار هذا الأسبوع اضطرابات في أكثر من ثلث أقاليم البلاد، مما أسفر عن مقتل 31 شخصا.. وأضاف في العاصمة أنقرة: "ما الذي يمكن أن يبرر العنف وقتل الناس والهجمات على جنود الجيش والشرطة؟ ما فائدة السياسة إذن؟".. وتابع أن معظم القتلى سقطوا في اشتباكات بين مجموعات متناحرة وأن أكثر من ألف شخص اعتقلوا. وتنذر إراقة الدماء بإحياء انقسامات عرقية غائرة في تركيا، وإفشال "عملية سلام" تهدف إلى نزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي يحارب السلطات التركية منذ 30 عاما للمطالبة بالحكم الذاتي للتراب الكرديّ.. فيما قالت وكالة "دوغان" للأنباء إن مسلحين مجهولين قتلوا ضابطي شرطة وأصابوا ضابطا كبيرا ورجل شرطة آخر بإصابات خطيرة عندما أطلقوا عليهم نيران بنادق آلية أثناء تفقدهم الأضرار التي لحقت بمتاجر في إقليم بنجول في شرق البلاد.. وأضافت الوكالة أن أربعة من المهاجمين قتلوا في وقت لاحق وألقي القبض على اثنين آخرين بعد تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن. ولم يتسن الحصول على معلومات عن المهاجمين كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي استهدف ضابط الشرطة البارز فيما يعد أول محاولة اغتيال من نوعها منذ مقتل ضابط شرطة كبير في مدينة ديار بكر عام 2001.. بينما قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو للصحفيين إن "إرهابيين" نفذوا الهجوم دون ان يقدم مزيدا من التفاصيل. شهد اقليم غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا جانبا من أسوأ أعمال العنف عندما قتل أربعة أشخاص وأصيب 20 آخرون في اشتباكات بين متظاهرين متضامنين مع أكراد كوباني وجماعات مناهضة لهم.. وأظهرت لقطات فيديو حشودا معظم أفرادها مسلحون بالبنادق والسيوف والعصي تجوب الشوارع في غازي عنتاب وأشعل مهاجمون النار في مقرين لحزب الشعب الديمقراطي الكردي حسب ما ذكرته وكالة "دوغان". وقال حسين جليك، النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في غازي عنتاب، إنه "لا يمكن أن يكون هناك تفسير منطقي لتصرفات من يقولون إنهم يخشون وقوع كارثة في كوباني فيما يدفعون بلادهم إلى كارثة".. كما ألقى بنفس القدر من اللوم على الجماعات الكردية التي تحتج دفاعا عن المدينة السورية.. وذكرت وسائل إعلام محلية أنه تم أيضا استهداف ضباط شرطة في هجمات بإقليم سيرت بجنوب شرق تركيا وفي إقليم مرسين الجنوبيوإقليم تونجلي الشرقي كما هوجمت مبان حكومية منها مقرات للشرطة. وكانت وسائل إعلام محلية قد أوردت هذا الأسبوع أنباء عن مقتل 25 شخصا في أحداث عنف دامية خلال مظاهرات مناصرة لكوباني.. ودعا صلاح الدين دميرطاش، زعيم حزب الشعب الديمقراطي الكردي، إلى الهدوء وسلمية المظاهرات.. وكانت عملية السلام الوليدة مع الأكراد، والتي يقودها الرئيس رجب طيب إردوغان، قد ساعدت في إزالة قدر من المرارة التي خلفتها ثلاثة عقود من صراع راح ضحيته 40 ألف شخص لكن الاشتباكات الأخيرة تنذر بفتح جراح قديمة.. وأثار أيضا وصول "الدولة الاسلامية" إلى حدود تركيا المخاوف من حدوث اضطرابات بين نسبة ضئيلة من الأتراك الأصوليين المتعاطفين مع المقاتلين المتشددين. ورفض حزب "هدى-بار" الإسلامي التركي تلميحات وجهت إليه ب"دعم الدولة الاسلامية" واتهم أنصار حزب الشعب الديمقراطي الكردي باستهدافه.. إذ قال الحزب: "يعلم الجميع جيدا أن هدى-بار لا يدعم دَاعِش .. ولا توجد اشتباكات بين حزب الشعب الديمقراطي وهدى-بار، لكن هناك هجمات مستمرة من جانب واحد علينا". وحذر داود أوغلومن إفساد مساعي التوصل إلى سلام دائم.. وقال في كلمة بأنقرة "حين لا يكون هناك نظام عام لا تكون هناك عملية سلام ولا يكون هناك شيء".. هذا في الحين الذي تتعرض تركيا إلى ضغوط متزايدة من جماعات كردية، ومن حلفائها في الغرب أيضا، بسبب رفضها التدخل عسكريا لوقف تقدم الدولة الاسلامية في كوباني. ويصر المسؤولون الأتراك على أنهم لن ينجرفوا إلى عمل منفرد يلقي بهم في أتون الحرب الأهلية السورية المريرة التي تسببت في تدفق أكثر من 1.2 لاجئ سوري إلى أراضيهم.. فيما ترددت أصداء القتال العنيف بين مقاتلي الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد في شوارع كوباني. وحلقت طائرات في السماء فيما استهدفت غارة جوية للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة على ما يبدو الطرف الغربي للمدينة.. وكانت طائرات التحالف قد صعدت هجماتها على أهداف تابعة للدولة الإسلامية في محيط كوباني خلال الأيام القليلة الماضية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي التنظيم سيطروا على قطاعات من شرق المدينة ومناطق أصغر في جنوبها. وأضاف أن التنظيم يحاول السيطرة على طريق يؤدي إلى تركيا لقطع الإمدادات عن المقاتلين الأكراد تماما. وقال أوجلان عيسو، نائب رئيس هيئة الدفاع الذاتي الكردي في كوباني، إنّ مقاتلي دَاعِش "يحاولون التوغل في المعبر من ناحية الشرق.. لكن مقاتلي وحدات حماية الشعب يتصدون لهم".. وأضاف أن مقاتلي التنظيم اضطروا لاستخدام الدراجات النارية بدلا من السيارات لتفادي غارات التحالف.. وتابع: "القصف يسير بصورة جيدة لكننا نطلب المزيد". ويحكم الإسلاميون قبضتهم شيئا فشيئا على كوباني منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ويستخدمون المدفعية الثقيلة في قصف مناطق سكنية وتسببوا في نزوح ما يقدر بنحو 200 ألف شخص معظم من الأكراد عبر الحدود.. ودعا المسؤولون الأكراد أنقرة إلى السماح بعبور الأسلحة والمقاتلين إلى كوباني لكن المسؤولين الأتراك يترددون في مساعدة الأكراد المدافعين عن المدينة بسبب صلاتهم القوية بحزب العمال الكردستاني الذي ما زالت تركياوالولاياتالمتحدة وأوروبا تصنفه على أنه منظمة إرهابية. * رويترز