يشعر تجار التمور المنتجة محليا بالمغرب بسوق درب ميلا، الذي يعتبر من أكبر أسواق التمور بالعاصمة الاقتصادية، بنوع من الأسى والحسرة بسبب التراجع الكبير في الإقبال على اقتناء تمور المغرب، التي كانت إلى وقت قريب تعتلي عرش موائد الأسر في شهر رمضان. ولم تتمكن التمور المغربية من مجاراة منافسة التمور المصرية، التي تشير إحصائيات مكتب الصرف المغربي أنه استورد منها ما يزيد عن 8.02 مليون طن بقيمة 77.02 مليون درهم منذ بداية الجاري، لتفسح بذلك لها المجال بعد أن تمكنت من اكتساح السوق بسعر يتراوح ما بين 9 و12 درهم. ويقف كل من حليوي عبد الله وصديقه مصطفى، صاحب محل لبيع التمور المغربية بالجملة، غير قادرين على التعامل مع الواقع الجديد التي فرضته تمور "السيسي"، التي اكتسحت السوق المغربي للتمور بأسعار جد متدنية وجودة مقبولة، والتي تسوق للمستهلك المغربي على أنها تمور مغربية. مصطفى، صاحب واحد من أهم محلات التمور المغربية بسوق ميلا الشهير، يؤكد أن تمور مصر لم تترك مجالا لأي تاجر أو فلاح مغربي من أجل إنقاذ ماء الوجه، وتصريف بضاعته في هذا الشهر الذي عادة ما يرتفع فيه الطلب على التمور بأزيد من 200 في المائة. يجلس صاحب المحل، ويأخذ نفسه قبل أن يعلق على الواقع الجديد الذي يعيشه سوق درب ميلا لأول مرة منذ سنوات، "لم نصادف أبدا مثل هذا الواقع خاصة في رمضان، لقد اجتمعت كل العوامل السلبية التي تهدد مستقبل تجارتنا". ويلخص مصطفى هذه العوامل السلبية بالقول "إضافة إلى اكتساح التمور المصرية بدون حسيب ولا رقيب، هناك التمور التونسية والليبية والجزائرية التي تواصل حصد مزيد من حصص السوق في المغرب، أمام عجز التمور المغربية على مجاراتها سواء من حيث الأسعار أو الجودة". كلمة الجودة، والتي تكررت كثيرا على ألسن التجار، يرجعها حليوي عبد الله إلى عدم توفر الفلاح المغربي على الإمكانيات المادية والتقنية الضرورية لتطوير الإنتاج المغربي. ويضيف أن الجفاف وقلة المياه أثرت بشكل كبير على مستوى إنتاج من واحات تافيلالت والراشيدية وزاكورة من التمور المغربية الشهيرة، من بينها تمور بوستحمي وبوزكار وبوفكوس والجيهل وبورار والمجهول. وتتراوح أسعار بيع التمور بالجملة حسب اختلاف أنواعها، حيث انخفض سعر تمور الجيهل من 25 إلى 23 درهم للكيلوغرام، أما "بوفقوص" فبلغ أقل من 40 درهم وانخفض سعر المجهول المغربي إلى 90 درهما للكيلوغرام الواحد، بعد أن كان يتراوح سعره ما بين 100 و110 درهم. هذه الأسعار يقول عنها حليوي إنها بالكاد تغطي كلفة الإنتاج، دون الحديث عن كلفة النقل والعرض، خصوصا أن الطلب توجه صوب التمور رخيصة الثمن.