مع اقتراب الحملة الدعائية للرئاسيات الجزائرية من نهايتها، غيّر المترشحون الستة نبرة خطابهم تجاه الناخبين وراحوا يعِدونهم ب"وعود ورديّة"، رآها كثيرون مثيرة للسخرية والطرفة، فيما حسِبها المترشّحون "طُعما" قد يصطادون به أكبر عدد ممكن من الأصوات في الساعات الأخيرة من عمر الحملة. كما تميز خطاب بعضهم بعبارات مثيرة للضحك مثل قول أحدهم "مرشحنا رجل مبارك.. ببركته سقط الغيث هذه الأيام"، وقول آخر "سنحوّل الجزائر إلى يابان أفريقيا". فاجأ عبد المالك سلال، وهو مدير حملة الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، الجماهير في مدينة معسكر (400 كلم غرب العاصمة) بقوله الاسبوع الماضي: "سنحوّل معسكر إلى كاليفورنيا الجزائر إن انتخبتمونا". وانتشر هذا "الوعد الطريف" بسرعة البرق في مواقع التواصل الاجتماعي، وصار محلا للسخرية من جهة ولكثير من الانتقادات من جهة أخرى، حيث استغربوا كيف يقارن سلال بين قوة أمريكا العقلية التي حولت الصحراء إلى حدائق غنّاء وبين المسؤولين الجزائريين الذين عجزوا عن تحويل ملايين الهكتارات الزراعية إلى أراض منتجة تحقق الاكتفاء الذاتي للبلاد في كثير من المنتجات الزراعية ذات الاستهلاك الأول وعلى رأسها القمح. غير أن المفاجأة الأكبر كانت قول سلال، في المدينة نفسها، وهو يتحدث عن بوتفليقة "لو لم يكن هذا الرجل مباركا لما سقطت الأمطار، مصالح الأرصاد الجوية لم تتحدث عن سقوط أمطار هذه الأيام وقد رأيتم كيف سقطت.. ببركة هذا الرجل سقط الغيث هذه الأيام"، وصاحب مقولته موجة من التصفيق والزغاريد. سلال غازل أيضا سكان مدينة البليدة (40 كلم غرب العاصمة) قائلا: "من الذي أهّل الجزائر إلى كأس العالم لكرة القدم مرتين متتاليتين في 2009 في 2014؟ ، أليس هو عبد العزيز بوتفليقة". ويلعب الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم لقاءاته الرسمية في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، وتساءل متابعون ساخرون "من الذي كان يلعب على أرضية الملاعب اللاعبون أم بوتفليقة!؟" أما المترشح الأصغر سنا، وهو عبد العزيز بلعيد-51 سنة- ، فوعد الشهر الماضي بأن يحول محافظة أدرار الصحراوية الجافة (حوالي 1000 كلم جنوب العاصمة) إلى عاصمة لأفريقيا، وهو ما لم يصدقه أهلها. لكن المفاجأة التي فجّرها في مدينة عين الدفلى (70 كلم غرب العاصمة)، أدخلت الحاضرين في القاعة في نوبة من الضحك والتندّر، حيث قال في ثالث أيام الحملة الدعائية: "سأجعل الجزائر يابان أفريقيا.. من خلال برنامج اقتصادي واجتماعي طموح يرتكز أساسا على الاستغلال الحقيقي للعنصر البشري والموارد الطبيعية واختيار أشخاص نزهاء وصادقين في تسيير شؤون البلاد". وزير الصناعة عمارة بن يونس، الذي ينوب عن الرئيس المترشح بوتفليقة في التنقل إلى المحافظات للدعاية له، "أضحك" طلبة الجامعة بوعود رأوها خيالية حين قال: "ستعمل الجزائر من أجل منح كل طالب جامعي مفتاح سكن مع شهادة النجاح حتى يستقر ويتزوّج". أما السيدة لويزة حنون، زعيمة حزب العمال الاشتراكي، فوعدت يوم 29 مارس بمحافظة سطيف (شرق) ب"الدولة التي حلم بها الزعيمان الروسيان الراحلان فلاديمير لينين، ونيكيتا خروتشوف ولم يحققاها، ومازالت تؤمن بها على الطريقة الأفلاطونية، حيث وعدت النساء بمساواة تامة بين الرجال والنساء في كل شيء". المرشح موسى تواتي وعد في 28 مارس بمحافظة تبسة (شرق) العاطلين من الشباب بمرتبات "محترمة"، دون أن يتحدث عن قيمتها، كما وعد بتقليص استخراج النفط من الآبار وترك جزء كبير منه للأجيال القادمة.. في حين أن 98 % من دخل البلاد يأتي من النفط والغاز وتساءل بعض الشباب بسخرية: "من أين سيأكل الجزائريون إن خفّض تواتي تصدير النفط؟" وزير العدل ورئيس الحكومة السابق المترشح علي بن فليس، وهو المنافس الرئيسي لبوتفليقة، وعد بمحافظة سوق اهراس (شرق) يوم 8 أبريل الجاري بمعادلة بنكية جديدة تمزج الشريعة الإسلامية بالنظام السويسري الربوي، وترك لمتابعيه استنتاج نتيجة الخلطة، كما وعد بغلق السجون نهائيا من محافظة سوق أهراس (600 كلم شرق العاصمة)، التي حطمت أرقاما قياسية في الجريمة إلى أقصى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب. ويكاج يجزم الجزائريون، في أحاديثهم اليومية وفي تعليقاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، أن كل الوعود ستبقى كلاما ليس أكثر، لأنهم جربوا السلطة والمعارضة، ويكتفون بمتابعة الحملة الدعائية من أجل الضحك والسخرية على مرشحين يقدم كل منهم نفسه على أنه "سوبرمان الجزائر". *وكالة أنباء الأناضول