عرفت قضية الوحدة الترابية مؤخرا منعطفا خطيرا تمثل في الأزمة التي افتعلتها بنت قبائل ايت إبراهيم السيدة حيدر التي أبت إلا أن تخوض حربا لا هوادة فيها من إحدى أكثر الدول عداءا للمغرب وشعبه ,حرب كان وقودها سمعة المغرب ومصداقيته في المنتظم الدولي وأمام شركائه التقليديين. طبعا لن ندخل في تفاصيل انتقال السيدة حيدر من مدينة العيون عاصمة الصحراء المغربية إلى مطار لانثروتي وما صاحب هدا الانتقال من لغط حزبي وإعلامي مندفع لا يسال الواقع ولا يستشرف المستقبل وفق منظور حقوقي وقانوني يعي التحولات الدولية وموازين القوى. ولكن وبما أننا لم نتجنب الوقوع في الفخ الذي نصبته لنا السيدة حيدر فلا باس أن نتسال جميعا عن جهود دبلوماسيتنا الحزبية في معالجة هده الأزمة المفتعلة ,الواقع إن المتتبع لهدا الملف يلحظ ضعف الأحزاب السياسية في التعاطي معه بالدقة والسرعة المطلوبتين فكل ما قامت به هده الأحزاب هو بعض الأسفار المكوكية إلى جهات رسمية معروفة بتعاملها الايجابي مع قضية الصحراء المغربية كما أن اختيار أعضاء هده الوفود خضع لمنطق احتواء الصراعات التي تئن منها هده الأحزاب . أو من خلال اللجوء إلى المبادرات التقليدية المتمثلة في تأسيس جمعيات من اجل الدفاع عن الوحدة الترابية لبلادنا لكن ما أن ينتهي هدا الحماس حتى توضع هده الجمعيات جانبا في انتظار محطات أخرى. إن الطابع ألمناسباتي الذي ما فتئت تتعامل به الأحزاب السياسية مع قضيتنا الأولى يندر بخلل خطير و بعقم واضح في الأداء الدبلوماسي الحزبي الوطني اد بمجرد ما عادت اميناتو إلى مدينة العيون حتى هدأت التصريحات وانكفأت المبادرات وكان لسان حالهم يقول خيار ألغزي ما ريناهم ما رأونا. مثل بعمراني مفاده أن خير الحروب تلك التي لم نلتقي فيها الأعداء. مع العلم إن الجهات التي تسئ كثيرا للمغرب ولقضيته الوطنية هي الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية خاصة الاسبانية منها والايطالية التي تتحرك بشكل متواصل ودائم من اجل التأثير في الرأي العام الاسباني الذي لا يحتاج أصلا إلى من يحركه للتعبير عن كرهه للمغرب او الرأي العام الأوروبي خصوصا مع رئاسة اسبانيا للاتحاد الأوروبي . الأكيد أن جماعات الضغط في اسبانيا قد راكمت تجربة كبيرة في تعاملها مع ملف الصحراء المغربية اعتبارا للمعطى التاريخي, بحكم الاستعمار الاسباني للمنطقة . ففي الوقت الذي نجد فيه الجمعيات الاسبانية قد أظهرت بوضوح عداءها الكامل لقضية وحدتنا الترابية نصطدم بواقع دبلوماسية حزبية مترهلة تعاني أحزابها صراعات على المواقع في غياب تام للمواقف ,أحزاب تحارب أطرها وشبابها تتوجس منهم خيفة لم تقدم طيلة سنوات الصراع الثلاثين أي قوى اقتراحيه لم تكلف نفسها حتى عناء تاطير شبابها فما بالك تاطير المواطنين, أحزاب سئمها حتى الشركاء. الواقع أن أصدقاء المغرب أصبحوا يلحون في أكثر من مناسبة على ضرورة إعطاء الفرصة للأجهزة الحزبية الموازية كالشباب والجمعيات المدنية الفاعلة لمواجهة المد المعادي لوحدتنا الترابية و للتأثير في الرأي العام من خلال تكثيف الوجود الطلابي بالجامعات الاسبانية التي تعرف اكتساحا للراغبين في النيل من وحدتنا الترابية ,على الصعيد الداخلي فتح نقاش داخلي يهدف أولا التعريف بالقضية الوطنية تاريخها أسبابها واقعها وآفاقها المتمثلة في مقترح الحكم الذاتي . إن الدبلوماسية الرسمية حين تستشيرالاحزاب السياسية تكون قد أخلت مسؤوليتها وبدلك تفتح المجال واسعا ورحبا أمام الدبلوماسية الحزبية التي نتمنى أن تعيد الاعتبار لأبنائها ولأطرها القادرين على الدفاع عن الوحدة الترابية . * طالب بالسلك العالي بالمدرسة الوطنية للإدارة - الرباط [email protected] mailto:[email protected]