عندما افتعلت المدعوة أميناتو حيدر السيناريو المحبوك مع الجهات المعادية للوحدة الترابية للمغرب أراد كل من له مصلحة أن يأخذ من الموضوع ما يستطيع باستعماله للضغط على المغرب. فهذه الحكومة الإسبانية التي توالت عليها الضغوط الداخلية من طرف مناصري أطروحة البوليساريو والتي لم تجد ماتطلبه من المغرب لإرضاء تلك الأصوات على اعتبار أن قضية أميناتو حيدر تدخل في إطار قرار سيادي للدولة المغربية، لم تجد ما ترضي به تلك الأصوات سوى نقل هذا المشكل ومشاكل أخرى لم تكن مطروحة في إسبانيا بل كانت مطروحة من طرف جبهة البوليساريو إلى برلمانها الذي وافق على كل ما تقدمه له ووافق عليه كل نواب إسبانيا، باستثناء الحزب الشعبي لأسباب خاصة به. وفي الوقت الذي كانت هذه الأزمة المفتعلة في أشدها كان الإسبان يريدون الضغط على المغرب داخل الاتحاد الأوروبي بتقديم اقتراح للبرلمان الأوروبي مناصر للأطروحة الانفصالية ضد المغرب إلا أن ذلك الاقتراح رفض. وخلال تلك الأزمة أيضا كانت المفاوضات التجارية جارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي للزيادة في حصة مبيعاته للاتحاد من المنتوجات الفلاحية وعلى رأسها الطماطم، واللوبي الفلاحي الإسباني الذي يستعجل رئاسة بلاده للاتحاد من أجل الوقوف ضد مصالح المغرب يعمل كل ما في وسعه لعرقلة تجديد هذا الاتفاق، إلا أن الاتحاد الأوروبي أبرم اتفاقا لصالح المغرب ولمنتوجاته. وقد أثار هذا ردود فعل واسعة حيث اعتبر اللوبي الفلاحي الإسباني أن المغرب حقق مكاسب تجارية مع ا لاتحاد الأوروبي بفضل أزمة أميناتو حيدر. وهكذا صرح الناطق الرسمي باسم فيدرالية مصدري الخضر بلاس بالماس روبيرتو غيوريز أن فاعلي القطاع فوجئوا بالاتفاق الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي والذي زاد من حصة دخول المنتوجات الفلاحية المغربية إلى الاتحاد وذلك حسب الناطق الرسمي باسم الفيدرالية بفضل وقوف فرنسا التي ترأس الاتحاد إلى جانب المغرب. وأضاف هذا المسؤول أنه لم يكن صدفة أن يلجأ المغرب إلى حل مشكلة أميناتو حيدر. وهكذا نرى أن اللوبي الفلاحي ومناصري أطروحة الانفصال في إسبانيا لم يكونوا يتحركون ببراءة، بل إنهم يلجأون إلى استغلال أي حادث يضعف موقف المغرب في أية محطة من المحطات. ويبدو أن الواقعية والحكمة هي التي تصرف بها الاتحاد الأوروبي على اعتبار أن إقحام مسائل تتعلق بالوحدة الترابية للمغرب في الاتحاد أمر لا يخص هذا الأخير، كما أن الاتفاق حول الفلاحة هو اتفاق خاضع لقوانين منظمة التجارة العالمية التي وقعتها دول العالم ووفقها تجري الاتفاقيات الثنائية. غير أن اللوبيات لا ترى إلا مصلحتها، وتريد استغلال أي حادث لاستعماله ضد المغرب.