"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إثر توقيف خطباء بعض المساجد وزارة الأوقاف تفتح النار على وعاظها احتراما لأمريكا


في الصورة أحمد التوفيق وزير الأوقاف
الإصلاح يرتبط غالبا بمجالات يعتريها الفساد أو تشوبها اختلالات تدعو بالضرورة إلى معالجتها وإعادة ترتيب أوراقها حتى لا تتفاقم أوضاعها فيصعب تداركها فيما بعد، وإدراج كلمة إصلاح على الحقل الديني بالمغرب يوحي بوجود أعطاب واختلالات وإشارات تمشي في الاتجاه المعاكس للإجماع المغربي في المناحي المذهبية والفقهية، ويمكن القول بأن الرقابة المشددة التي أصبحت تخضع لها جميع المرافق المرتبطة بممارسة الطقوس الدينية بالمغرب، من طرف أجهزة الدولة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ترتبط أساسا بردة الفعل الطبيعية تجاه تنامي التيارات الهدامة والأفكار الظلامية ومظاهر التطرف، واستغلال المرافق الدينية لتصريف أمور السياسة، وهو الفعل المباشر الذي تؤكده هرولة الدولة المغربية مؤخرا لرفع شعار (إصلاح الحقل الديني بالمغرب) معتبرا إياه من المطالب الاستعجالية.
باشرت وزارة الأوقاف شعار (إصلاح الشأن الديني) بإجراءات عملية تؤكد رغبتها المستعجلة في تطويق هذا الحقل وإصلاحه بما تراه مناسبا لأجوائها العامة، ومن أبرز علامات الاستعجال أن عمدت الدولة إلى بناء العديد من المساجد والمرافق الدينية على مجموعة من المستويات في إطار عملية مباشرة لمكافحة الأماكن العشوائية التي كانت تمارس فيها الطقوس الدينية بعيدا عن أعين خدامها.. كما تم بالموازاة مع ذلك تأهيل العديد من الطاقات البشرية لمباشرة عملها داخل هذه المساجد وتلك المرافق، بأن أخضعت جملة من المرشدين والأئمة إلى تكوين أشرفت عليه المجالس العلمية على امتداد تراب المملكة، بالإضافة إلى أعداد جديدة من هذه الكفاءات تم إلحاقها بوزارة الأوقاف لتعزيز الطاقة البشرية وتحصين القطاع من الدعاة والخطباء والأئمة الذين يغردون خارج سرب الوزارة، بما يؤكد أن سياسة المعالجة الأمنية لا زالت تحكم تصرفات الدولة وتدخلاتها في العديد من الأمور المغربية، وأن معالجتها للحقل الديني لا تخلو من الهاجس الأمني الذي أصبح لصيقا بجميع حركاتها وسكناتها، لدرجة أن الحس الأمني في إحصاء الأنفاس ومحاصرة جميع الحركات التي تهم الشأن الديني بالبلاد، دفع بالوزارة المعنية إلى اتخاذ مجموعة من قرارات التوقيف في حق خطباء وأئمة مساجد ودعاة قبلهم، دون تعليل منها لأسباب نزول هذه التوقيفات أو ذكر المخالفات التي صدرت عن الموقوفين بما يستدعي اتخاذ إجراءات التوقيف في حقهم. وهو الفعل الذي يبعث على التساؤل حول تعاطي الوزارة مع شعاراتها المرفوعة حول إصلاح الشأن الديني، والكيفية التي تراها مناسبة لتحقيق هذا الإصلاح وتعميمه خاصة وأنها تعتمد أساليب بدائية على حد تعبير مجموعة من المراقبين للشأن الديني بالمملكة المغربية، في تفاعلها مع المشاكل المطروحة أمامها على أرض الواقع، وحالة توقيف الإمام والخطيب (عبد العالي الفضي) تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ارتباك مصالح الوزارة في مباشرة حراستها للفضاءات والمرافق الدينية على الطريقة المخزنية البائدة، حيث أصدرت الوزارة عبر مصالحها المحلية بمنطقة (حد السوالم) قرارا بتوقيف (عبد العالي الفضي) دون أن ترفقه بأي تعليل يفيد أسباب اتخاذه، بل إنه لم يسمح للمعني بالتوقيف قراءة القرار، إنما اكتفى قائد المنطقة بقراءته نيابة عنه، وهو الفعل الذي يبعث على الاستغراب ويؤكد جليا أن مصالح هذه الوزارة أبعد ما تكون عن الديمقراطية وممارستها مع خطبائها وأئمتها وعلمائها ووعاظها ودعاتها، فرغم المحاولات التي بذلها المعني بأمر التوقيف والاستفسارات التي رفعها بهذا الخصوص إلا أنه لم يجد سبيلا لمعرفة الأسباب الحقيقية التي كانت وراء توقيفه، وحسب مصادرنا، فالأمر يرتبط بخطبة جمعة ألقاها الخطيب الموقوف، انتقد فيها السياسة الأمريكية وهيمنتها المطلقة على العالم، وكذا طغيانها وجبروتها في محاصرة الإسلام على امتداد رقعة العالم، وهو ما دفع حسب ذات المصادر بمصالح وزارة الأوقاف إلى اتخاذ قرار التوقيف في حقه، خاصة وأن عبد العالي الفضي الذي قضى ما يفوق عشر سنوات في ممارسة الإمامة وإلقاء خطب الجمعة كان وفيا طيلة هذه المدة للخطوط الحمراء التي تسيج (دليل الإمام)، ذلك المطبوع الذي وزعته وزارة الأوقاف كأرضية للعمل على ضوئه والسير على هذيه داخل جميع المساجد المغربية، إلا أن الغريب في إجراءات قرار التوقيف المذكور أنه لم يتم تنفيذه من قبل المندوب الجهوي للمجلس العلمي لمدينة سطات باعتباره المسؤول الإداري التسلسلي للأئمة والخطباء بالمنطقة، إنما تم تنفيذه بوساطة قائد المنطقة الذي ينتمي لوزارة الداخلية ويمثل الإدارة الترابية بحد السوالم مما يعني أن لوزارة الداخلية يد في الموضوع أو ربما قد تكون صاحبة القرار، طالما أنه لم يسلم مكتوبا لصاحبه ومعللا بأسباب، للوقوف على ظاهرة التوقيفات التي طالت خطباء وأئمة مساجد ودعاة مغاربة.. "المشعل" ربطت الاتصال المباشر بالشيخ عبد الباري الزمزمي والداعية عبد الصمد مرداس وكان لهما هذا الحوار:
الشيخ عبد الباري الزمزمي "للمشعل"
أمر توقيفي جاء بضغط من عبد الرحمان اليوسفي
ما هو التعليق الذي يمكن أن تدلو به بخصوص التوقيفات الأخيرة التي طالت أئمة وخطباء بعض المساجد بتراب المملكة؟
توقيف الأئمة أو خطباء الجمعة ببعض المساجد، يرتبط في المقام الأول بغياب قوانين منظمة واضحة المعالم، تمكن خطباء الجمعة من معرفة الحدود التي يمكنهم الخوض فيها وعدم تجاوزها، حتى إذا ما تم توقيف أحدهم، تكون الأسباب واضحة والخرق ملموسا، طالما أن الخطوط مرسومة ومتفق بخصوصها، إلا أنه في بلاد المغرب، تتم التوقيفات وفق خطط مزاجية تخدم المصالح التي تخطط لها وزارة الأوقاف بالبلاد، إذ يمكن أن يتناول الخطيب موضوعا عاديا من المواضيع المطروحة ضمن خطب الجمعة، ومع ذلك يجد نفسه في اليوم الموالي موقوفا من قبل مصالح وزارة الأوقاف، كما حصل مع مجموعة من الخطباء خلال الثلاث سنوات الماضية، ومن بين حالات التوقيف هاته أن خطيبا تناول موضوع الجمعيات النسائية وما يرتبط بها فوجد نفسه موقوفا بأمر من المجلس العلمي الذي يتواجد المسجد في دائرة ترابه. أما بخصوص التوقيف الذي تعرضت له شخصيا بصفتي (عبد الباري الزمزمي)، فكان يحمل طابعا سياسيا صرفا، كونه لم يصدر عن وزارة الأوقاف وإنما جاء بواسطة ضغوطات تعرض لها وزير الأوقاف سنة 2001 أيام كانت الحكومة المغربية تسير بإشراف عبد الرحمان اليوسفي، وحسب ما وصلني من مصادر مقربة جدا أن أمر توقيفي جاء بضغط من اليوسفي ومن معه، أي وزراء اليسار، لاعتبارات وصفوها بالسياسية، لذلك فإن التوقيف في حالتي كان بضغط من الوزير الأول، لكنه جاء عبر القناة القانونية، ألا وهي مصالح وزارة الأوقاف.
هل يحق لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن تلزم خطباء الجمعة بالتقيد بمضامين (دليل الإمام) المنجز من قبلها على الطريقة الرسمية؟
في الحقيقة، ليس هناك لحد الساعة أي قانون يلزم الخطباء بالتقيد بمضامين أو مواضيع معينة، بما فيها الخطب التي توزعها الوزارة في بعض المناسبات الوطنية والدينية فإنها لا تكون ملزمة للخطباء بنصها ولفظها، إلا أنها تبقى مفتوحة حسب كفاءات الخطيب شريطة التزامه بمضمونها، فتبقى طريقة معالجة هذا الموضوع أو ذاك، بيد الخطيب يتصرف فيها حسب قدراته ومعلوماته واجتهاده، وهذا الأمر لا حرج فيه بالنسبة لوزارة الأوقاف، لكن وأمام عجز أغلب الخطباء عن معالجة هذه المواضيع المطروحة بأسلوبهم الخاص، تجد الوزارة نفسها مضطرة لصياغة خطب يلقيها هؤلاء الخطباء، لذلك فالأمر لا يتعلق بضغط الوزارة أو تشددها في سرد ما توزعه من خطب على المساجد، إنما يرتبط بقدرة الخطيب في الحفاظ على ذات الموضوع، لكن بصياغة أخرى من حيث الشكل وطريقة التقديم ووسائل التعبير دون الزيغ عن الموضوع المقترح من قبل مصالح الوزارة.
ألا ترون أن اقتراح المواضيع، في حد ذاته يدخل فيما يشبه تقييد الخطباء على امتداد المملكة المغربية بما تفرضه وزارة الأوقاف؟
يمكن القول بأن هذا الفعل يدخل فيما يمكن تسميته بالإملاء الاضطراري، خاصة وأن هناك مناسبات وطنية ودينية، كعيد العرش وعيد الاستقلال وغيرها، تلزم الخطيب بتناول الموضوع في هذا المنحى ومعالجته بصفته الوطنية، وليس على الطريقة التي تكتب بها وزارة الأوقاف أو تلك التي تعالج بها الوزارة المواضيع المرتبطة بهذه المناسبات، ويمكن القول إن هذه الزاوية هي التي تتدخل فيها الوزارة بخصوص طرح مواضيعها على الخطباء أما الأيام الأخرى العادية، فإن الأمور تمشي عادية بالنسبة للخطباء يتناولون فيها المواضيع التي يرونها آنية وتستحق المتابعة بالتحليل، وليست هناك أية خطوات ملزمة من قبل الوزارة، ولا حتى توجيهات بهذا الخصوص، لكن الذي يبقى أمرّ وأقبح من التوجيه، هو التوقيف غير المبرر، والذي لا تحكمه أية موازين ولا يخضع لأية معايير معقولة أو مقبولة على الأقل، لذلك يبقى أمر الخطباء والأئمة محمولا على أمزجة المسؤولين عن مصالح وزارة الأوقاف يحركونه بغير حساب وفي الاتجاه الذي يخدم رؤيتهم الضيقة للأمور، وإن كان هذا الخطيب أو الإمام يحمل في أقواله حسن النية ويتحدث في مواضيعه حسب ما يمليه عليه واجبه واحتسابه للخطبة، فإن التوقيف يطاله دون أن يتم النقاش معه بخصوص ما نسب إليه، وأدى إلى عزله عن الخطبة، أي دون أن يتم إشعاره بالخطأ أو التعليل الذي جاء على ضوئه قرار التوقيف.
يروج أن خطيبا لم يرفع الدعاء لأمير المؤمنين فكان مصيره التوقيف، كيف تعلقون على هذا؟
حسب ما بلغني أن الموضوع أصعب من هذا، إن كنت تقصد إمام وخطيب جماعة حد السوالم، فهو قد تطرق لموضوع يرتبط بأمريكا وسياستها، وهذا ما اعتبره من العيوب الخطيرة التي تقف مانعا أمام الخطيب في التطرق إلى ظلم أمريكا وجبروتها وهيمنتها، مع أنّ العالم بكل مكوناته يتحدث بغير حساب عن تجبر وتسلط أمريكا، وهذا العالم يشمل طبعا المسلمين وغيرهم، فلماذا يتم قرار التوقيف، في حق خطيب أو إمام مغربي لأنه تطرق في معرض حديثه إلى طغيان دولة يشهد العالم كله بطغيانها، أما فيما يتعلق بالدعوة للملك فلا أعتقد أن خطيبا في المملكة المغربية لا يدعو للملك، لأن التعاليم الشرعية تنص على أن من له دعوة مستجابة فليجعلها للإمام، لأن في صلاح الإمام صلاح الرعية كلها، وليس هناك من داع يدفع بالخطيب إلى عدم الدعاء للملك، إلا إذا كان هذا الخطيب ينتمي لفئة خاصة أو لنوعية يعلم الله أمرها.
هل يمكن القول هناك إسلاما رسميا تحرصه وزارة الأوقاف، وآخر غير رسمي يروج له بعض الأئمة والخطباء؟
هذا المعيار الذي تشيرون إليه غير قائم بالمرة، بل يمكن القول إن هناك توجها رسميا، وليس هناك على حد تعبيركم إسلام رسمي وهو ما يمكن نعته بالتوجه الرسمي للدولة، يتأسس على مذهب الإمام مالك وتدفع في اتجاه الالتزام به داخل ترابها أثناء صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات، وهذا الأمر مقبول لأن المذهب المالكي تمشي على أساسه البلاد منذ قرون وهو منتشر بها إلى حد كبير جدا، وهناك أيضا ما يعرف اليوم بالوهابية، والحقيقة أنه يرتبط بالسلفيين، وبعد الضربات الإرهابية المجنونة التي عرفتها أجزاء كبيرة من العالم ومنها المغرب، والتي أزعجت الجميع أصبح الخطيب إذا أعلن توجهه السلفي يكون مصيره التوقيف.
هل يمكن للخطيب أو الإمام أن يستغل ثقة الناس فيه بحكم الوازع الديني الذي يربطهم به، فيعمل على تنصيب نفسه قاضيا في الحكم على مشاكلهم ومشاغلهم؟
أن يُنَصِّب هذا الخطيب أو الإمام نفسه في مرتبة القاضي، من أعطاه هذا الحق؟ لأن القاضي يكون حكمه ملزما، أما الخطيب فإنما يبلغ عن النبي عليه الصلاة والسلام رسالته للناس، قد يجتهد في بعض مناحي الحياة وهو أمر مقبول، شريطة ألا تخرج هذه الاجتهادات عن حدودها، بأن تجعل منها شيئا ملزما للناس، لأنه فقط يقول ما يراه صوابا، وللناس حق اختيار ما يرونه صوابا.
جاء السؤال من كون الوازع الديني في نفسية المصلي يعطي سلطة للخطيب أو الإمام في التوجيه والأمر والنهي، وهو وجه آخر يمكن أن يكون أكبر من الأحكام القضائية نفسها؟
نعم الثقة في الفقيه أو الخطيب تجعل الناس يمتثلون لآرائه، وما يقوله يصبح بالنسبة لهم ملزما بطبيعة الحال، لكن كون هذا الخطيب ينصب نفسه قاضيا بين الناس بأن يعلن أن هذا مصيب والآخر مخطئ، فهذا ليس من حقه بتاتا، لأنها ليست وظيفته.
ما هي الكلمة التي يمكنكم توجيهها للخطباء والأئمة الذين تم توقيفهم ولمصالح وزارة الأوقاف من أجل تجاوز هذا الفعل مستقبلا؟
التوقيف في الحقيقة أمر يشين بالوزارة ويسيء للدولة بصفة عامة، وينبغي أن يكون هذا التوقيف في حالات ما إذا كان لابد منه، هو آخر الإجراءات، على اعتبار أن آخر الدواء هو الكي، يجب التعاطي مع أخطاء الخطباء أو الأئمة إن حصلت، على أساس أنهم بشر، يمكن أن يخطئوا وهذا الأمر غالبا ما يحصل عن حسن نية، كأن يتكلم الخطيب في موضوع يعتقد أنه صالح دون أن يربطه بزوايا أخرى تجعله في غير موضعه، لذلك أرى أنه في مثل هذه الحالات تجب محاورة هؤلاء الخطباء والأئمة قبل توقيفهم وأن يتم التنبيه إلى مكمن الخطأ الذي صدر عنهم، وهكذا (...) فإذا عاد مرة أخرى إلى نفس الخطأ وتبين أنه مصر ويتعمد السير على نفس المنوال، يأتي بعد ذلك التوقيف فتكون له مبرراته، أما إذا تم التوقيف هكذا دون تبرير أو إنذار أو حتى إشعار بالخطأ فهذا أمر يسيء للدولة، ويشوه وجه المغرب في المحافل الدولية، خاصة وأنه يرفع شعار الديمقراطية ودولة الحق والقانون.
الداعية المغربي عبد الصمد مرداس ل "المشعل"
الإصلاح يعتري شيئا أصابه الفساد والإسلام ليس فاسدا حتى يشوبه الإصلاح
عرف المغرب مؤخرا مجموعة من التوقيفات، طالت مجموعة من خطباء وأئمة المساجد عبر التراب الوطني، كيف تعلقون على هذه الإجراءات التي باشرتها وزارة الأوقاف؟
الحقيقة أن هناك صورا بتعليق، وأخرى بدون تعليق، وأفضل التعليق على الصورة التي نحن بصدد الحديث عنها، أن تبقى بدون تعليق، إلا أن السؤال الذي يبقى مرفوعا بخصوص هذه التوقيفات الأخيرة أو التي كانت قبلها، يرتبط أساسا بمدى قانونية إجراءات التوقيف التي اتخذت، لأن جميع المؤشرات تؤكد أنها جاءت تصفية لحسابات سياسية لا أكثر، لكن، لا بأس أن نقف عند مصطلح التوقيف ذاته، لتوضيح أهدافه، فهو حسب ما يبدو يحمل الطابع السياسي، على الرغم أن وزارة الأوقاف تبتعد بوعاظها وخطبائها وأئمتها، أن تخوض في غمار السياسة، إلا أنها للأسف بتوقيفاتها لبعضهم تمارس هذه السياسة.
هل تقصدون بهذا أن هؤلاء الخطباء أو الأئمة خاضوا في أمور سياسية لذلك تم إبعادهم أم تقصدون أمرا آخر؟
لا يمكن أبدا مهما اجتهدت أن تفصل الدين عن السياسة، وأنا أومن بقضية واضحة بأن السياسة هي الدين والدين هو السياسة، والعلاقة بينهما كالتي تصل الصوف بالزربية، فلو أخذت زربية ما وسحبت منها الصوف، فلن يبقى هناك شيء اسمه زربية، نفس الشيء بالنسبة للسياسة مع الدين، لأن هذا الأخير يشمل الحياة كلها، الرسول صلى الله عليه وسلم كان إماما، وخطيبا ورجل دولة، وكان قاضيا، بمعنى أن له دور في جميع مناحي الحياة، فأن تأتي الدولة المغربية اليوم أو الوزارة المعنية بالشؤون الدينية، محاولة الفصل بين الدين والممارسة السياسية، فشخصيا أعتبرها علمانية جديدة تسعى هذه الوزارة أن تمارسها.
هل يحق لوزارة الأوقاف إلزام هؤلاء الخطباء والأئمة داخل المساجد، بالتقيد بمضامين ومحتويات مطبوع (دليل الإمام) المنجز على طريقتها الرسمية؟
شخصيا لم أطلع على هذا الدليل الذي تحدثتم عنه والذي حسب سؤالكم أنه منجز من قبل مصالح وزارة الأوقاف، وإن كنت مبدئيا أتصور المرامي والأهداف المتوخاة من ورائه، بحكم ما يسمونه بالإصلاح الديني، وقد سبق أن حضرت بصفتي البرلمانية إلى مجموعة من الجلسات التي كان يعقدها وزير الأوقاف، على أساس مناقشة هذا الإصلاح الديني، رغم تحفظي الكبير عن مصطلح الإصلاح، لأن هذا الأخير يعتري شيئا أصيب بفساد، والدين الإسلامي حاشى ثم حاشى أن يعتريه الفساد لا من أمامه ولا من خلفه، الإصلاح لا يجب أن نلصقه بالدين، يمكن إصلاح الذين يتعاملون بالدين ويدخلون فيه، لكن أن تلصق كلمة إصلاح بالدين أو بالشأن الديني فهي قضية ناقشناها بالقدر الذي تستحقه من العناية والتوضيح، ووزارة الأوقاف في حقيقة الأمر هي بين نارين، تعيش هذا التحول الجديد الذي تعرفه الممارسة الديمقراطية والحريات العامة في العهد الجديد مع صاحب الجلالة محمد السادس وكذا الضغوطات القوية التي يفرضها اليسار المغربي، في محاولة من هذا الأخير توجيه الجهاز الحكومي المعني بالشؤون الإسلامية في المناحي التي تخدم مصالحه اليسارية، أما (دليل الإمام) فلم أطلع عليه بالمرة، ولهذا لا ينبغي أن أحكم عليه أو أصدر أي تعليق بخصوصه لأنه كما يقال (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)، لكن إذا كانت مراميه تصب في نفس الاتجاهات التي نشرتها الصحف المغربية وناقشته عبر صفحاتها، أو ما يروج له بما يسمى بالإصلاح الديني فأنا أتحفظ بخصوصه، نحن لا نريد تزكية الخروقات، كما أننا ضد أن تتحول المساجد إلى منابر للترويج لأشخاص بعينهم، أو لمنافع ذاتية، أو التطبيل لمؤسسات أو غيرها، نحن ضد هذه السلوكات المشينة، لكن في الوقت نفسه نحن ضد أن تُسَخّر منابر المساجد لوجهة معينة بعيدا عن الوظائف الواضحة لهذه المنابر أو توجه لفائدة جهة معينة، مهما كانت هذه الجهة!! سواء كانت الدولة أو مؤسسة حزبية أو جمعية أو غيرها، لأن الدين يسير الجميع ولا يوجه فئة لمصلحة فئة أخرى.
هل يمكن القول إن هناك إسلاما توجه له الدولة وتحرصه، وتضغط في اتجاه تقويته، وهناك إسلام يدعو له هؤلاء الأئمة والخطباء المعزولون، وهو السبب في الشنآن القائم بينهما؟
صراحة، إن المتتبع لتعريف الإسلام منذ بدايته إلى الآن يقف على حقيقة واحدة وهي أنه شهد على امتداد مساحة وجوده تحولات واضطرابات وصراعات وتفسيرات وتوجهات، حتى أصبح الإسلام يفسر اليوم حسب المقاسات التي تخدم كل فئة على حذة، كل فرقة أو حزب أو هيئة تحاول أن تصنع لنفسها إسلاما حسب هواها، وتماشيا مع مقاييس معينة، في حين إن الإسلام واحد، لا يمكن أن تجزئه، وهو منذ ظهوره بقي على أصله كدين واحد، له رب واحد، قبلة واحدة، ختمة نبي واحد، وقرآن واحد، للأسف إن الذي أثار هذه الفرقة والشتات هي الأيادي السوداء التي تكن عداء دفينا للإسلام والمسلمين عبر التاريخ، وأول يد عبثت في الإسلام هي يد أبو لؤلؤة وأيادي أخرى دأبت على نهجها على امتداد مسافة الإسلام فوق الأرض، وآخر يد هي يد الاستعمار الذي حاول زرع سمومه لخلق أشكال الفرقة والعزلة التي نعيش عليها اليوم والخصام والشتات الذي يهدد مستقبلنا.
الذي حدث أن الدولة ليست المغربية فقط، إنما نظام الدولة بصفة عامة، بدأت تستغل الإسلام لقضاء بعض المصالح ليس إلا، إلاََّ أن هذا الاستغلال أو التوجيه، يبقى في عمقه عاجزا ووصفة مشوهة، كونه يخدم مصلحة معينة في الإسلام، ويتجاهل المصالح المتبقية، لذلك تظهر فيه عيوب كثيرة، لأن الإسلام هو دين واحد، لا نكتفي ببعضه ونترك بعضه، فإما أن تلتزم به كله أو تتركه كله، كونه لا يقبل التجزيء أبدا.
إذا فتوجيه الدولة للإسلام في الاتجاهات الرسمية التي تخدم سياستها، وترويجها لما يمكن تسميته بالإسلام الرسمي ومحاصرتها لما تسميه بالإسلام غير الرسمي يبقى أمرا غير مقبول بالمرة، شخصيا لا أتفق معها فيما تدعو إليه من تسميات ومصطلحات لأنه ليس هناك إسلامان الأول رسمي والثاني عكسه، أو إسلام حر وآخر إسلام دولة، هناك علماء، خطباء، دعاة، أحرار وآخرون رسميون، يمكن أن يحصل هذا وقد أوافق على وجوده بين ظهران أي دولة إسلامية، ويمكن أن يجوز هذا المصطلح لأنه يرتبط بالأشخاص وميولاتهم ومواهبهم أما أن ينعت الإسلام بالرسمي وغير الرسمي فهو أمر مرفوض.
لما يتحول الداعية إلى موظف في الوزارة، فهو تلقائيا يتحول إلى لسان لترويج ما تراه هذه الوزارة مناسبا لما تدعو إليه، وهنا تحضرني تلك المقولة التي تفيد على أن العالم يجب أن يكون ولاؤه للشعب وليس لأية جهة أخرى، لأنه لما يكون ولاؤك للشعب طبعا بعد ولائك لله، تكون مساحة الحرية أوسع، لكن لما يكون هذا الولاء لجهة أو فئة معينة أو حزب أو هيئة أو فرقة باسمها فإنك تقزم مساحة علمك وتسخره لخدمة هذه الفئة، وتصبح بالتالي لسانا ينطق بحالها ويدافع عن أغراضها وأهدافها الفئوية، والعالم يتعفف عن مثل هذه الأمور الصغيرة والتي من شأنها التأثير بالشكلين المباشر وغير المباشر على مساحة استقلاله ومساحة وجوده أيضا، ويوم يفقد الداعية حريته لا يمكنه أن ينجح أبدا في أداء وظائفه الدعوية مهما كانت قدرته على العطاء والدعوة...
هل يحق للخطيب أو الإمام أن يستغل الوازع الديني في الوافدين إلى المسجد وينصب نفسه حكما في قضاياهم وحل مشاكلهم وإصدار أحكام بخصوصها ويتجاوز حدوده كخطيب أو إمام؟
يجب أن نتفق أولا على أن الداعية أو الواعظ أو العالم أو الخطيب، لا يأتي شيئا من نفسه، إنما هو بمثابة بوق من أبواق الرحمة، يفترض فيه أن يذكر بأحكام الشرع وليس بأعراف الشرع، ليوصلها إلى المتلقي، فهو بمثابة قنطرة تربط بين العامة ونصوص الشرع بأسلوب سهل لين فيه من الحكمة والموعظة الحسنة ما يكفي للإقناع والتلقين، هذه الملاحظات يجب أن يتنبه لها الدعاة والوعاظ والعلماء، ويجب أن يتنبه لها أيضا الإعلام، لذلك فإنه لا يسمح لأي كان ومهما كان مستواه أن يفتي من تلقاء نفسه بعيدا عن أحكام الشرع، لأن مهمته الأصلية ترمي في عمقها إلى القيام بعملية نقل أو نسخ حكم الشرع إلى العامة، قد تختلف طرق التفسير من داعية لآخر أو من عالم لآخر، في تفسير الأدلة الشرعية، لأن هذه الأخيرة ليست على قدم من المساواة، فهناك أدلة قطعية وأخرى ضمنية وهناك علم يسمى علم الأصول، وهذا العلم شديد يحتاجه العلماء. إذ كيف يمكنك أن تنقل حكما ما إذا كنت تعدم الوسيلة المناسبة والملائمة للقيام بهذا الفعل؟ لذلك فالاختلاف يمكن أن يحصل في السبل والطرق والوسائل، لكن الغاية واحدة، قد نتفق أن هناك بعض الدعاة يتشددون في بعض القضايا، ولا يخضعونها لفقه الواقع، أو العكس، فهناك مثلا من يتساءل لتحليل الربا أو الزنى والخمر ويسميها بغير مسمياتها إما إرضاء لجهات معينة أو لخدمة مصالح معينة، فهؤلاء يمكن نعتهم ب (حطابي ليل) لأنهم مجرد أقزام على منابر ولا ينبغي أن يرقى إليهم من لا يملك نفسه.
ما هو في نظركم السبيل لتجاوز الوضع القائم بين وزارة الأوقاف وبعض الخطاب والأئمة عبر تراب المملكة؟
أريد أن أقول للوزارة وعلى رأسها السيد أحمد توفيق الذي أعرفه طيبا وعلى خلق، إن الخطباء ليسوا أعداء للدولة، هم حكماء هذه الأمة، وعليها أن تعاملهم بالمعروف لأنهم يريدون الخير كل الخير لهذه الأمة، ويريدون مصلحة الدولة كذلك، ويخدمون الوطن من خلال عملهم على تغيير المنكر، وهذا أعتبره شخصيا جزءا مهما من بناء هذا المغرب الذي نحبه جميعا، لذلك على الوزارة ألا تنظر إلى الخطباء على أنهم أعداءا أو خصوما لها، على العكس من ذلك فهم حلفاؤها وشركاؤها في بناء هذا الوطن، لأن المغرب ليس مغرب الوزارة وحدها، إنما هو مغرب جميع المغاربة ولا يحق لأية جهة احتكار هذا المغرب، على النحو الذي تريده وترضاه، لذلك فعلى مسؤولي هذه الوزارة أن يجلسوا إلى طاولة الحوار مع الخطباء والأئمة والعلماء وأن يعملوا على فتح النقاش بخصوص ما يجري في المغرب، فعوض أن تجتهد الوزارة لتوقيف خطيب أو إمام، عليها أن تفتح نقاشا حرا نزيها وجديا، بدل أن تخلق ضجة وتعمق هوة الخلاف مع الخطباء والأئمة ومع الشعب كذلك، ولي اليقين أن أغلب الناس يفقدون الثقة في مجموعة من الخطباء بناء على كونهم خطباء الوزارة أو الدولة، وهذه الزوبعة ليست في صالح أية جهة سواء الدولة أو الخطباء أنفسهم أو الشعب المغربي، لذلك أقترح أن يفتح النقاش ويعمق بخصوص تمثين العلاقة بين الدولة وخطباء وأئمة المساجد عبر تراب المملكة، وأن يتم الوقوف على جميع نقط الخلاف المطروحة والتي تعتبرها جميع الأطراف مقلقة أو مصدر الخلاف برمته، لمعالجتها بما يدفع في اتجاه تجاوزها أو تصحيحها، وفق التعاليم الإسلامية السمحة، إضافة إلى أن قرارات التوقيف لحد الساعة لا تكون مبررة أو معللة من طرف مصالح وزارة الأوقاف وتأتي في الغالب فجأة، دون أن تسبقها إنذارات أو تنبيهات أو توبيخات حتى، أما أن يأتي التوقيف هكذا حسب مزاج المسؤولين فهو أمر ليس غير مقبول فحسب، إنما يدخل في خانة التصرفات غير الحضارية، وهنا أستحضر قرار توقيفي أنا شخصيا من طرف الوزارة، والذي أعتبره قرارا تعسفيا في حقي، لأني كنت ضحية، خاصة وأن مسيرتي تشهد بالواضح أني لم أكن في يوم من الأيام ضد الدولة، أو الوزارة، على العكس من ذلك كنت ألتزم بحدود اختصاصي كمغربي يحب هذا البلد ويخلص له بالقدر الذي يستحقه، فجأة جاءني توقيف غير مبرر، لازلت لحد الساعة أجهل أسباب وقوعه، وهذا الأسلوب يجب أن تتعفف عنه وزارة الأوقاف، ونحن نعلم جيدا أنه أسلوب تباشره وزارة الداخلية على طريقتها المخزنية، التي أصبحت اليوم مطالبة بحكم التطورات التي عرفها العالم أن تعمل على تجاوزه حتى لا تعيش خارج الزمن، يجب على وزارة الأوقاف أن تفتح النقاش مع المعني بالتوقيف قبل إصدار القرار بتوقيفه على الأقل لتستمع لدفاعه عن نفسه، حتى يتبين لها ما تحكم به تجاهه، وأعتقد أن النظام الديمقراطي يعطي الحق للخطباء والأئمة في الدفاع عن أنفسهم أمام قرارات الوزارة.
إن هذه القرارات المتسرعة من شأنها أن تُحوّل الجميع إلى أعداء وأن تعمق هوة الخلاف إلى أبعد الحدود، في حين إن الأمر لا يستحق كل هذه الضجة والزوبعة لأننا جميعا مغاربة وليس لأحدنا درجة أكبر من الآخر في المغربية، قد ترتفع درجة الحس الوطني بنفس من اتخذ في شأنه قرار التوقيف أكثر من موقع القرار ذاته. لأني لما كنت أصعد إلى المنبر كنت أنطلق من ارتفاع الحس الوطني في صدري، وكذلك من الغيرة التي تتملكني للارتقاء بهذا البلد، لكن أن تعمل الوزارة على وضع خطيب على منبر مسجد وتوجهه بدليل سياسي يمنع عليه الحديث عن الغناء وعن التلفزيون وعن العديد من الجوانب المرتبطة بالحياة اليومية للمغاربة، إذا عما سيتحدث هؤلاء الخطباء؟ هل يصعدون إلى المنبر لقراءة سورة الإخلاص ثم ينزلون؟ وقد يتعرض بعضهم في هذه الحالة للتوقيف أيضا إذا لم تعجب طريقة أدائهم سورة الإخلاص، القائمين على مصالح وزارة الأوقاف، لذلك أقول بأننا في المغرب نعاني من إسلام دورة المياه، فالخطيب لا يتجاوز الحديث عن فرائض الوضوء، وفرائض الغسل، فإلى متى يستمر هذا الوضع؟ هل الإسلام يتضمن فقط فرائض الوضوء؟ لذلك ينبغي على هؤلاء أن يتنبهوا لهذه الأمور، والإصلاح الديني الذي يتحدثون عنه إن لم يأخذ بالعين البصيرة هذه الأمور، سيتحول المغرب إلى تركيا جديدة وإلى علمانية جديدة، وقد تتوسع الهوة وتتعمق أكثر، وتفرض بوضعها الرجوع إلى ما كان عليه المغرب في فترات سابقة، مع التنظيمات السرية التي تسببت في معاناة للمغرب، أيام الخلايا السرية والجمعيات والتجمعات في الظل، وهذه الأمور كلها غير صالحة، ونحن نرفضها قطعا، ومن هذا المنطلق وعلى سبيل التحذير ننبه الدولة إلى اتخاذ التدابير الناجعة لمحاربة الإسلام المنغلق عوض تغذيته بسلوكات مريضة، في مقدمتها التوقيفات غير المبررة في حق خطباء وأئمة المساجد، وأن تجتهد في المقابل لدعم انفتاح الإسلام الذي يعمل في الوضوح لأن الإسلام أكبر من أن يناقش في المخابئ، وأن تعمل على توسيع هوامش الحرية للخطباء والأئمة حتى يتمكنوا من أداء وظائفهم على النحو الصحيح، بعيدا عن الخطوط الحمراء وعلامات قف التي تفرضها وزارة الأوقاف بطريقة أو بأخرى.
هل مرد هذه المراقبة الصارمة لمصالح الدولة للمساجد وما يرتبط بها، لإملاءات أجنبية على الدول الإسلامية؟
المغرب بلد إسلامي وسيبقى كذلك، وهو على مر التاريخ لم تؤثر فيه أية تدخلات أو ضغوطات خارجية، خاصة فيما يتعلق بالدين، ولا أعتقد أن الأمر مرتبط بأي ضغط أجنبي، إنما يتعلق بضغوطات داخلية ومحلية محضة، لبعض النوايا السيئة التي تسلقت إلى مراكز قرار لا تستحقها، فأصبحت بحكم تواجدها في هذه المراكز تشكل قوة ضاغطة في الاتجاهات المعادية لانفتاح الإسلام وتوسيع مساحات حرية الخطباء والعلماء والأئمة والوعاظ، إذ كيف يعقل أن يكون المخبر الذي يهيئ تقريرا حول خطبة الجمعة أو حديث إمام، عون سلطة لا يجيد الكتابة والقراءة ولا يملك أدوات الفهم التي تؤهله للقيام بواجبات التحرير والتقرير، ومع كامل الأسف تؤخذ تقاريرهم بعين الاعتبار وغالبا ما يبنى على ضوئها قرار التوقيف، مع العلم أن التقرير نفسه باطل لأن كاتبه يفتقد للأدوات الأساسية في فهم الأمور على وجهها الحقيقي، لذلك على الوزارة أو الدولة عامة أن تسند مهمة مراقبة المساجد إلى كفاءات تملك القدرة على فهم المقاصد الكبرى من خطبة الخطيب أو الإمام، وبالقدر الذي يجعل من التقرير علميا ودقيقا للغاية، خاصة وأن الخطيب يسرد باللغة العربية، وهي لغة البلاغة والمجاز وهي بحر يحتاج إلى خبرة باللغة وليس إلى (مقدمين وشيوخ)، لذلك يجب إخضاع هؤلاء المراقبين إلى تكوين يؤهلهم للاضطلاع بمهامهم في الرصد والمراقبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.