تعتبر إيمان أغوثان من الإعلاميات اللائي برزن بشكل لافت خصوصا بعد انطلاق قناة ميدي1سات، والتي بدأت تجذب المشاهد المغربي والمغاربي بشكل تدريجي بفضل خطها التحريري الذي يتميز بمنسوب جرأة لا يوجد في القنوات المغاربية. هذا النجاح يرجعه البعض بالأساس للطاقم الصحفي الشاب الذي تعتمد عليه القناة والذي يمنح لبرامجها الروح والمشاغبة المطلوبة لجذب المشاهدين. ومن بين هذه البرامج التي أصبحت تحضى بمتابعة جيدة هناك برنامج"المغرب العربي في أسبوع" الذي تقدمه إيمان أغوثان رفقة أحد زملائها. "" تخرجت إيمان أغوثان من المعهد العالي للإعلام والاتصال سنة2004، بعدها عملت ما بين سنة 2004و2006 كمراسلة لقناة أبو ظبي الإماراتية قبل أن تلتحق بقناة ميدي1سات عند انطلاقتها الأولى. في هذا الحوار الخاص مع "هسبريس" تتحدث إيمان عن المشهد الصحفي في المغرب، وعن التجاذب الحاصل بين الدولة والإعلاميين، كما أنها ترد على منتقدي برنامج" المغرب العربي في أسبوع".. لنتابع. كواحدة من الصحفيين الشباب، كيف تنظرين لمستقبل الصحافة المغربية في ظل الشد والجذب بين الصحفيين والدولة؟؟ للأسف، أخذت الأمور منحى سلبيا للغاية في الآونة الأخيرة، وتعددت الدعاوى القضائية ضد الإعلام والإعلاميين الذين حكم على بعضهم بعقوبات حبسية زادت من حدة الاحتقان في الداخل وأساءت لصورة البلد في الخارج حتى أن بلادنا تراجعت بشكل لافت في الترتيب السنوي العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود، هناك ضرورة حتمية لتقييم الموقف ومراجعة العلاقة بين الدولة والسلطة الرابعة حتى لا تسوء الأمور أكثر. هل تعتقدين أن الصحفيين المغاربة استعملوا هامش الحرية الذي يقال أنه اتسع في العشر سنوات الماضية بشكل خاطئ وظلوا بذلك الطريق بعدم استغلال هذا الهامش لتطوير العمل الصحفي وإيجاد مسافة فاصلة بين منسوب الجرأة وبين الاحتكاك المباشر مع لوبيات الدولة التي تريد تحجيم دور الصحافة في تشكيل رأي عام معين؟ هناك بعض الانزلاقات المعدودة على رؤوس الأصابع، بعض الإعلاميين غاب عنهم أو تناسوا أن الحرية يفترض أن تكون مقرونة بالمسؤولية في محظور عدم احترام ضوابط وأخلاقيات المهنة من قبيل تقاطع المصادر، والتحقق من صدقية الخبر. لذا، استغلت بعض الجهات المعادية للإعلام والداعية إلى تكميم أفواه الصحفيين هذا الأمر، وتحركت باتجاه تسميم العلاقة بين الصحافة والدولة خدمة لمصالحها الضيقة، وهنا أهيب بكل الإعلاميين أن يقطعوا الطريق على هذه الممارسات من خلال تحري الدقة والمصداقية في عملهم الذي يفترض ألا تشوب مهنيته شائبة. هل ما نشهده اليوم من سب وقذف وتبادل للاتهامات وتعرية الحياة الخاصة بين الصحفيين أنفسهم هي صورة مصغرة للوضع المتقهقر الذي وصلت له الصحافة المغربية؟ تماما، الصحافة المغربية تعيش باعتقادي أحلك أيامها، نعاين كيف أن العديد من المنابر الإعلامية باتت حلبات للصراع ونشر الغسيل الوسخ للجسم الإعلامي الذي يفترض أن يتداعى كل عضو من أعضائه للآخر وقت الضراء، وبدلا عن ذلك، نرى صحافيين يشحذون أقلامهم لا لكشف الحقائق إنما لجلد الزملاء وذاك أمر يخدم مرة أخرى كل مشكك في مصداقية ونزاهة ومهنية العمل الإعلامي. في نظرك إلى ما نحتاج لتخليق العمل الصحفي، إلى ميثاق شرف عام للصحفيين المغاربة، أم إلى احترام الميثاق الكوني للصحفيين الذي يعتمد على قول الصحفي للحقيقة ونقلها للمتلقي بأمانة (ولو من وجهة نظر كاتبها) لكنها في الأخير الحقيقة التي يؤمن بها هذا الصحفي ولا يهمه النتائج بعد قولها مادام صادقا مع نفسه قبل أن يكون صادقا مع قرائه؟ ضوابط المهنة وأخلاقياتها معروفة للجميع، والالتزام بها لا يحتاج إلى توقيع مواثيق، بل إلى إيمان بقدسية العمل الإعلامي ونبل رسالتنا كإعلاميين، ويحتاج كذلك إلى إرادة حقيقية للمؤسسات الإعلامية ومن يمولها، وإلى إرادة رجال السلطة الرابعة لكشف الحقائق وتعرية مكامن الخلل والنواقص في أداء باقي السلط خدمة للمجتمع المغربي ورهانات الديمقراطية والتحديث والتنمية التي ترفعها الدولة. أتعتقدين أن جيل الإعلاميين الشباب قادر على منح الصحافة المغربية نفسا جديدا ورؤية جديدة للعمل الصحفي؟ الأمل كل الأمل معلق على جيل الإعلاميين الشباب لضخ دماء جديدة في الجسد الإعلامي المغربي المريض. وهناك مسؤولية جسيمة ملقاة على عاتقنا في تقويم كل اعوجاج وتجاوز عثرات الماضي القريب والحاضر في أفق إعادة الاعتبار للعمل المهني الجاد الجريء والمسؤول في الآن نفسه. أعتقد بأن التجربة الإعلامية المغربية تجربة غنية، فقد تكوننا في مدرستها وتتلمذنا على يد روادها، ومن أجل تطوير هذه التجربة نحن مدعوون للانفتاح على مدارس إعلامية رائدة عربيا وعالميا. لنتحدث عن مسارك المهني، تخرجت من المعهد العالي للإعلام والاتصال وعملتي كمراسلة لقناة أبو ظبي ثم التحقت بقناة ميدي1سات، ما أوجه الاختلاف بين التجربة الأولى والثانية؟ تجربتان مختلفتان تمام الاختلاف لكنهما متكاملتان، مساري المهني انطلق في الميدان حيث اشتغلت كمراسلة طيلة عامين قمت خلالها بتغطية مجموعة من الأحداث الهامة من قبيل محاكمات ما بعد تفجيرات الدارالبيضاء ومنتدى المستقبل... بعد ذلك انتقلت للعمل داخل غرفة الأخبار في ميدي 1 سات والعالمان مختلفان تماما، لكن المثير أنني حتى داخل ميدي 1 سات عشت تجربتين مهنيتين الأولى على عهد الإدارة السابقة والثانية على عهد الإدارة الحالية للمؤسسة التي أبدت انفتاحا كبيرا وإيمانا بالعمل الميداني وبالبعد المغاربي والمتوسطي للقناة. برنامج "المغرب العربي في أسبوع" الذي تقدمينه رفقة أحد زملائك يحظى بمتابعة محترمة من لدن المشاهدين، لكن البعض يقول أنه يفتقد لمنسوب الجرأة في معاجلة العديد من القضايا التي تطرحونها في البرنامج؟ الجرأة كلمة فضفاضة تحتمل عديد التأويلات في هذا السياق، أخالف هؤلاء الأشخاص الرأي وأحيلهم على عدد من الحلقات ناقشنا خلالها الشأن المغاربي بجرأة نادرة وهامش حرية غير مسبوق، ناقشنا العلاقات المغربية الجزائرية، الأزمة السياسية في موريتانيا، حرية الصحافة وحقوق الإنسان في تونس، تحدثنا دون خطوط حمراء عن علاقات ليبيا والغرب وحتى قضايانا الوطنية طرحناها بمقاربة مهنية محترمة وفي مقدمتها قضية الصحراء. بصدق، نحن نثمن هامش الحرية الممنوح لنا ونتطلع لتعزيزه. لغتك العربية سليمة وأنيقة، وهي نقطة قوة في حضورك أمام الكاميرا، خصوصا أن العديد من الإعلاميين المشارقة كانوا يتهمون المغاربة أن لهم نقص مريع في التحدث باللغة العربية بشكل سليم، فكيف اكتسبت إيمان أغوتان هذه الأناقة في مخارج الألفاظ؟ أشكرك على الإطراء أخ خالد، أعتبر أن اللغة وسيلة متى استقامت تحققت الغاية التواصلية. وشخصيا، لا أعتبر اللغة العربية مجرد أداة للتواصل، أنا عاشقة لهذه اللغة أقدرها وأتذوقها وأتمنى أن يعاد لها اعتبارها في الإعلام حيث ترتكب الأخطاء الفادحة بدعوى أن الأساس هو المضمون، ولا يفوتني في هذا المقام أن أشدد على أن المغاربة والمغاربيين متفوقون في اللغة العربية لا ينقصهم شيء عن نظرائهم المشارقة بل قد يتفوقون عليهم. كيف تنظر إيمان أغوثان إلى الإذاعات الخاصة التي أنشئت في السنوات القليلة الماضية هل شكلت إضافة للمشهد الإعلامي في المغرب؟ أنوه بهذه التجربة التي أضافت الشيء الكثير للمشهد الإعلامي المغربي. التجارب الإذاعية بدت مختلفة ونسبيا متكاملة أوجدت لنا جيلا جديدا من الإعلاميين وبدت منبرا تواصليا للمستمعين تناقش قضاياهم وتطرح همومهم على طاولة النقاش أتمنى أن تنتقل العدوى للتلفزيون كوسيلة إعلامية في منتهى التأثير وهي مرآة عاكسة للأشواط التي قطعها كل بلد على درب الديمقراطية. [email protected] mailto:[email protected]