صدر ديوان "قصائد في ألياف الماء" للشاعرة المغربية نجاة الزباير ضمن منشورات "أفروديت" عن دار وليلي بمراكش سنة 2009، بحلة إخراجية تأسر العين والذاكرة بشتى الدلالات، وتمتد قصائده على مساحة 72 صفحة من القطع الصغير. "" وتكمن قوة هذا الديوان وجِدَّته في اشتغاله بلغة جذمورية بكر تُوسع أفق الوجود، وتسرد مكنونه بأشكال سردية شبيهة بالألياف الملتوية على سِرِّ المعنى. وكل هذا يؤمن إلى أن الكتابة هي نار التغير الجديدة. فكلما تغيرت الذات وتوافق تغيرها مع تغير العالم، كانت هناك كتابة جديدة ومفارقة بالمألوف. لغة الشاعرة الحاملة للتغير والمنسكبةُ في أليافٍ سردية لا تسيرُ وفق نظام هندسي مُحْكَمٍ ومغلق ومتكامل، بل هي صورة العالم نفسه الذي لا تنتهي غرائبه، مثلها مثل الجذمور الذي هو متوحش الجذور، حيث ينبت في كل اتجاه وبصورة فوضوية حية. وهذا ما يجعلها لغة ماكرة تتخفَّى دلالاتها تحت أقنعة شتى، وتتشابك مستوياتها خارج تخوم المواضعات والأنظمة المحددة لعلاقاتها بالفكر والوجود والخيال. فالحقيقة لدى الشاعرة نجاة؛ لا تقاس بالتشييدات الرمزية لها، وإنما بالقياس إلى الوجود، والوجود سرديٌّ في أكثر تفاصيله. من ثمة كان السرد في كل نصوص ديوانها هذا علامة فارقة مزهرة في منطقة المجاز، لأنه يقدم رؤية ذاتية وفكرية وتخييلية للشاعرة، تمارسُ التوتر الحادث بين اللغة والخيال. نقرأ من أجواء الديوان: مَرَّتْ بِي وَأَنَا أَهُمُّ بِالصَّلَاةِ فِي أَلْيَافِ اُلْمَاءِ .. صَحْوَتُهَا قَدَحٌ يَكْتُبُنِي شَهْوَةً لِفِتْنَةِ اُلَّليْلِ كَانَ خِصْرُهَا جَدْوَلا يَسْتَنْفِرُ الأَحْزَانَ وَصَدْرُهَا نَخْلَةً تَسْقُطُ بَيْنَ مَدَائِنِ اُلْوَطَنِ. اُتَّكَأْتُ علَى لَغْوِهَا أَتَأَمَّلُ خَمْرَتَهَا اُلْمُنْسَابَةِ مِنْ وَثَنِيَّةِ اُلْهَوَى هَبَطَتْ فِي أَغْوَارِ اُلإِشَارَاتِ قَالَتِ - "اُقْتَرِبِي" وقَهْقَهَتْ كَغَانِيَةٍ أَسْكَرَتْهَا هَمَسَاتُ اُلْعُشَّاقِ!