(ملاحظات على هامش تقرير المجلس الأعلى للتعليم) "" يمثل التقرير الصادر مؤخرا عن المجلس الأعلى للتعليم إضافة نوعية تغني تصوراتنا حول التدريس، سواء كمهنة لها مواصفاتها الخاصة، أو كواقع باكراهاته و انتظاراته المتعددة . والقارئ لمضامين التقرير لا يسعه إلا أن يقول أنه لامس وبشكل دقيق نسبيا، و جريء في كثير من الحالات، واقع التعليم بالمغرب، أو بمعنى أدق إشكالية التعليم بالمغرب أي كجملة تساؤلات رافقت المنظومة التعليمية مند فجر الاستقلال السياسي . إلا أن التقرير وبالرغم من لغته المهادنة والفاتنة أحيانا ،والتي توحي برغبة المعنيين بالأمر في إشراكنا في العملية اما كفاعلين تربويين أو كآباء ,فانه لم يستطع أن يفصح عن ،حتى لا نقول يدرك معيقات انطلاق عملية تعليمية تعلمية حقة بمقتضاها يتم الحفاظ على المدرسة العمومية الوطنية كمكسب ، على مستوى الخطاب ندعي له المحبة ونبدي كل الغيرة عليه ، ولكن على مستوى الممارسة وعلى مستوى الواقع ندمره و من حيث لا ندري تحت غلاف الجودة والحكامة ومفاهيم أخرى صيغت ضمن سياقات سوسيو ثقافية أخرى نعرفها جميعا . لا نهدف في هده الورقة إلى فحص وإعادة قراءة ما جاء في الوثيقة نصا بعد نص ،بل إن ما يهمنا هو تسجيل بعض الملاحظات القليلة ، منها ماهو تقني مرتبط بكيفية اشتغال اللجنة التي سهرت على انجاز هده الوثيقة التي راهنت للأسف على اللغة و المجاز على حساب المفهوم والمعطى الإحصائي و الوقائع حسب ما تفترضه الدقة العلمية. ثم كذلك مكونات هده اللجنة: هل هي شبيهة باللجان المحلية التي يتم استدعاؤها لإبداء الرأي في قرارات مصيرية كهده؟ أي تلك التي غالبا ما يتم استدعاؤها بصفة الشريك النقابي وهنا نتساءل ما علاقة النقابي بالعلمي أو بصفة تسمية تقول و لا تقول: الفاعل التربوي على حساب المعنيين الأصليين بالأمر الدين هم الممارسون والمهتمون والمتتبعون للشأن التربوي .هنا نستحضر اللقاء التحسيسي الأخير الذي انعقد بمدينة العيون مع وجوه وطنية تتدخل في كل شيء و تنظر لكل شيء: للعمل الجمعوي وحتى للعمل التعليمي ,,,, والمعنيون بالأمر الحقيقيون الدين يقارب عددهم بالمدينة حوالي الثلاثة آلاف لاعلم لهم بما يحدث. بالمناسبة فإن مثل هده اللقاءات تحول عمليات وازنة ومهمة إلى جلسات فلكلورية. وحتى في إطار هده الجلسات، للأسف وعادة خارج أسوار اللقاءات نقول الحقيقة و لكن داخل الأسوار نقدم منتوجنا كأنه فتح عظيم ودواء ليس مثله دواء لداء عمر طويلا:انه داء التعليم . إن مثل هده الممارسات وما يصاحبها من هدر للمال العام هي ما ينبغي التفكير فيه لحل معضلة التعليم . إنها مجرد ملاحظة عارضة نعد القارئ الكريم أننا سنعود إليها في القريب وضمن عمل آخر أكثر تنظيما و توثيقا يقيم الأداء التربوي في الجهة في إطار مجموعة بحث. أما بخصوص مضامين التقرير فقد وجدنا أنفسنا أمام لغة ماكرة تقول ولا تقول اكتفت بتذكيرنا بغايات لم نبلغها وبظواهر ومعيقات هي معروفة أصلا. ولكن لا ندري لمادا غضت الطرف عن ممارسات وظواهر نعتقد صادقين، واعتمادا على وقائع ومعطيات دقيقة أنها هي المسؤولة عما لحق منظومتنا التعليمية. أولى هده الإشكالات مايسمى بأخلاقية المهنة وبصورة المربي / الأستاذ. وهنا يمكننا أن نتساءل هل معلم بداية القرن هو المعلم الحالي ؟ ماعلاقته بالمهنة التي يزاولها هل هو بالفعل مدرس أم مجرد موظف ولمادا أصبح المدرس هكذا ؟ وما الذي يتعين القيام به لإصلاح الوضع ؟بطبيعة الحال نحن لانعمم فالتعميم عائق ابستيمولوجي. ولكن هده وقائع ووظيفة الباحث السوسيولوجي على الأقل هي إجادة الإنصات إلى هده الوقائع وبناء خطاب اعتمادا على هده الوقائع لا أقل و لا أكثر ، بعيدا عن كل امبريقية سعيدة تنظر إلى الحال من خارج وتحاول وراء خطاب شفاف وجميل تحليل واقع هو في الواقع يتطلب أدوات وآليات وتغييب كلي للذات لأن الأمر يتعلق بمجال أكثر من حيوي و انحطاطه هو الذي يفسر المسلكيات السلبية التي نلاحظها اليوم ،و التي تبين عن فشل كلي للمدرسة سواء كمنتجة للمعرفة أو للقيم أو كمجال للتكوين و للتأهيل , هناك ادن وبعيدا عن كل المراوغات والمغازلات انعدام للمسؤولية , وهدا أمر طبيعي يستتبعه وبصورة منطقية الحديث عن المسؤول التربوي و السلطة التربوية المدبرة للشأن التربوي عندنا ؟ ماهي جملة المعايير التي بمقتضاها تسند المسؤوليات؟ ولو غلفت العملية بلجن من هي تلك اللجان ومن يعينها ؟ إنها أسئلة جوهرية ينبغي التفكير فيها . إن المسؤوليات كما جاء في الميثاق الوطني الذي، للأسف تم التعامل معه بصورة تجزيئية، يتحدث عن مواصفات للمدبر التربوي و الذي يتعين عليه أن يقدم مشروعا وأن يحاسب عليه .نحن للأسف مازلنا نفكر بمنطق الأقدمية ومنتوج الأقدمية أو معايير أخرى من زبونية و حسب ونسب وانتماء حزبي أو نقابي ...الخ لا يمكن إلا أن يضعف المنظومة و لا يمكن أن ينتج سوى مسؤول ضعيف لا يجيد سوى غض الطرف و المهادنة وثقافة سلك( بالدارجة المغربية) . في نفس الإطار كذلك مسألة التأطير التربوي وكيف يتم تدبير العملية: مفتشون قلائل،( و رحل في المنطقة الجنوبية أو موسميون) على رأس عدة مقاطعات، ومهام محدودة ،مجرد إدارية وغياب كلي للتأطير وحتى ادا كان هناك تأطير فهو مجرد إعادة قراءة لمذكرات. بل وهناك خوف حتى من المدرس لأن هناك منطق فاسد للأسف منطق انصر أخاك ظالما أو مظلوما والنقابات على هدا المستوى تتحمل الشيء الكثير , وقد نجد لها بعض العذر لأنها هي الأخرى تجد نفسها تلهث وراء قاعدة ضعيفة ،لا مبالية تدبير همها المادي وتحسين وضعها الاجتماعي وموازنته يكون عبر ممارسات أخرى الكل يعرفها , إنها ممارسات النهب التي يتحول فيها الأستاذ إلى تاجر . وأخلاق التاجر نعرفها جميعا إنها أخلاق ينتفي معها تكافؤ الفرص ,أين هو تكافؤ الفرص في ظل وضع كهدا ؟ثم كذلك أين هي مجانية التعليم؟ ليكن في علم السادة واضعي هدا التقرير أنه و في مدينة العيون مثلا ، ومن خلال دراسة قيد الانجاز مايعادل 80% من العائلات تؤدي على تعليم أبنائها و دعمهم خارج أسوار المدرسة . وأن المبالغ الشهرية المرصودة للعملية تتراوح بين ثمانمائة درهم وثلاثة آلاف درهم شهريا للطفل الواحد في المرحلة الثانوية ، حيث هناك أصناف من الدعم وفئات من المستفيدين للأسف يخضعون لنفس التقويم و يتبارون على نفس المدارس المستقبلة بعد مرحلة الباكلوريا .أين هو تكافؤ الفرص ادن؟ أليست المدرسة مجرد مجال لإعادة الإنتاج ؟ما موقعنا نحن كفاعلين تربويين من هدا الوضع؟ ألا نتحمل الجانب الكبير من المسؤولية ؟ مسألة التكوين المستمر كذلك وما يصاحبها من هدر للمال العام ولأموال دافعي الضرائب كيف يتم تدبيرها وعلى أي أساس ؟هل تسبقها دراسات تحدد الحاجيات أم أن الأمر لا يعدو سوى طقس سنوي ينبغي أن يمر في أحسن الظروف و بشكل لا يثير غضب لا المفتش التربوي و لا النقابي ؟ إنها مجرد أسئلة نتمنى أن تقرأ في شكلها العادي و البسيط جدا خارج أي تأويل أو اجتهاد نظري. إنها أسئلة نريد من خلالها أن نقول أن الحقيقة في بعض الأحيان تختفي وراء الجزئيات الصغرى . *أستاذ مكون بمركز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي بالعيون [email protected]