تضخيم مرض الملك كنموذج "" إن الإشاعات هي انعكاس لآمال واحباطات ومخاوف وقلق شعب معين وهي مؤشر على مدى جاهزيته العسكرية والسياسية في وقت الأزمات ،وهنا يبرز دور الإعلام فإشاعة القلق تكثر في المجتمعات التي تعجز فيها وسائل الإعلام عن تقديم أجوبة واضحة وأخبار تعكس الحقيقة الواقعية ، مما يضطرها إلى إكمال هذا النقص عبر التشبث بالإشاعة والتضخيم الذي يصبح أكثر خطورة في أيام الحرب ، فالغموض وعجز الإعلام الوطني عن تقديم تفسيرات ، يجعل الإعلام المعادي يستغل هذه الثغرات من اجل تنشيط الإشاعات المدمرة والمخربة في صفوف المواطنين خصوصا مواطنينا الذين تكثر فيهم الأمية ويعتمدون في تلقي الأخبار على الأصدقاء والأقارب أي الحوارات العامة ، هناك تجد الإشاعة مكانها مستعينة بتفسيرات الأحداث القادمة من الإعلام الأجنبي والقادمة وفق برامج مؤطرة فكريا من طرف مراكز عالية الكفاءة بتنسيق ربما بين الجيش والصحافة والمخابرات ، وهنا أسجل بإحباط كبير الضعف الذي أبانت عليه مخابراتنا في مجال غياب نظام امني للسيطرة على سريان الإشاعة أو خلق إشاعات مضادة ، هذا النظام يكون دوره إحباط الإشاعات الزائفة التي تفتت معنويات الشعب والجيش ، أنظمة متواجدة لدى الدول منذ الحرب العالمية الثانية والتي تعتمد في إطارها النظري على أفكار البورت وبوستمان وبصفة عامة تنتشر الإشاعة باعتماد على عنصريين أساسين ،هما عنصر الاهتمام وعنصر الغموض في الخبر مما يجعل الخبر عرضة للتشويه أثناء الانتقال وتسمح بالتالي للإعلام المعادي أن ينقحها ويتحكم حتى في تنميط إعلامنا وفق خطة القطيع بقطع كافة الخيارات أمامه وجعله يعتمد بالكامل عليه.كما يتم إضافة إليها اعتبارات وأماني العدو واعتبارات وعواطف أهل البلد بحيث تتحرك الإشاعة وفق الخطة العسكرية المعروفة بخطة كرة الثلج ، وسأنتقل إلى الحديث عن ما راج أخيرا عن مرض ملك المغرب وسأستعين ببعض الأبحاث في مجال الإشاعات مثل بحث لرالف روسو من جامعة بنسلفانيا . لقد لاحظنا بأسف شديد التحرك الملفت للإشاعة حول مرض الملك بحيث لولا الألطاف لخرجت الأمور عن السيطرة وقد تحركت الإشاعة وهي ذات طابع مرتبط مباشرة بالأمن القومي تحركت وتطورت وفق أربعة عوامل أساسية منها : أولا : الشك العام ، يقول المفكر في علم نفس الإشاعات مونتغمري بلجيون ، يتوقف سريان الإشاعة على الشك والغموض في الخبر أو الحدث فحينما تعرف الحقيقة لا يبقى مجال الإشاعة وهذا ما حدث في المغرب بحيث هناك شك عام وعدم ثقة من طرف الشعب في الناطقيين سواء باسم القصر أو الحكومة نتيجة تراكمات الاحباطات والكذب الممارس منذ عقود بحيث أي حديث يخرج من هذه المنابر هو بالضرورة ليس مؤكدا وغير مضمون ، ولاعادة المصداقية يتطلب الأمر سنوات وهذا أمر خطير أيام الحرب ، لأنه صعب جدا أن يشك فيك الناس أيام الحرب ويصدقوا الأخر . مما يسمح لمنابر الأخر التي ليست بالضرورة بريئة بتقديم رؤيتها للخبر وفق برنامج مدروس بعناية مخبريا .وهنا لدي سؤال ملح للقارئ هو إذا كان الأخر قد نجح في خلخلتنا وإثارة القلق بيننا عبر تضخيم مرض الملك أيام السلم ونحن لسنا تحت الضغط ، فماذا بإمكانه أن يفعل أيام الحرب ؟ وهنا أدعو إلى مزيد من الجدية في التعامل مع قضايا الأمن القومي ، فمن يعمل في الأمن القومي يجب أن يتفرغ للأمن ومن يعمل على تحسين نسل الأبقار الحلوب يجب أن يعمل في مجال الحليب والأبقار . ثانيا : العامل الثاني الذي ساهم في نجاح أهداف الإشاعة هو إشراك المتلقي في التفكير في النتائج ، بحيث ماهي النتيجة المباشرة لمرض الملك المغربي وهنا انقادت وسائل إعلامنا إلى الفخ بحيث هناك من تحدث عن ما بعد الملك أي هل مجلس الوصاية أم احد أفراد الأسرة الحاكمة كبديل أم ....،لان إشراك المتلقي وأهل البلد في التفكير في البدائل أمر مهم لنجاح الإشاعة ، لان الموضوع مصيري ومن المفروض على الجميع التخيل وقد لاحظت في الشارع العام العديد من الفرضيات التي تناسلت وخلقت حالة قلق في أذهان الناس بمجرد التفكير فيها وهذا هو دور الحرب النفسية . العامل الثالث الذي أدى إلى إنجاح الإشاعة هو القلق الذاتي والشخصي وهو معروف لدى العسكريين ، بحيث أن الإشاعة العسكرية تستمر ليس فقط لأنها غامضة أو لوجود غموض معرفي لدى الشعب أو غياب وسائل إعلام ذات كفاءة بل تستمر كذلك لأنها تقدم متنفسا للتوترات الانفعالية التي تنتج حين نفكر بالنتائج التي هي في الحالة المغربية كارثية وان تم التفكير فيها يصاب الشعب بخوف شديد وهنا تكمن الحرب النفسية ضد الشعوب إذ ماهي نقطة ارتكاز المغرب ، إنها الملك انه نقطة قوة حين يوجد ونقطة ضعف إذا غاب ، بحيث تكون النتائج كارثية ومجرد التفكير فيها يولد احباطات كبرى لها تأثيرات سلبية على الجيش والاستثمار والإنتاج وعلى كل التحركات الاجتماعية والسياسية ، بحيث تخلق لدى الشعب عقدة تجعله غير قادر أو راغب في قبول الأخبار بل حتى سماع أو قراءة الخبر لأنه يخاف من نتائج مرض الملك وغيابه عن الحكم في غياب أي بديل سياسي أو دستوري أو حتى شخصي يمكنه قيادة بلد بهذا الحجم من المشاكل والتنوع ، هذا القلق والخوف الشديد هو سبب انتشار هذه الإشاعة بهذا التضخيم،خصوصا بعد دخول أطراف خارجية على الخط وهنا أريد أن أنبه الجيش المغربي ، ونظرا لوجود تنسيق مع الولاياتالمتحدة أن نطلب منهم إعانتنا على الاطلاع على المشروع الذي أعده مجموعة خبراء بتعاون مع البنتاغون مشروع اسمه project me هدفه مواجهة الإشاعات العراقية حول الأسلحة الغير تقليدية وأثره على معنويات الجيش وأهالي الجنود في بداية التسعينات . العامل الأخير وهو سرعة تلقي الإشاعة أو ما يسمى عند البعض بسذاجة المتلقي أو عقلية القطيع، وهنا احمل جزءا من المسؤولية للناطق الأول بالخبر ، لان الإشاعة لا يمكن تصديقها من طرف عدد كبير من الناس إلا إذا كانت تتضمن جزءا من الحقيقة ، هذا الجزء هو ما أكده الناطق الأول بالخبر في سابقة هي الأولى من نوعها ، فمثل هذا السلوك يتطلب ممارسته في شعوب ناضجة دمقراطيا وتعيش نوعا من الاستقرار ، بينما نحن لازلنا محاطين بالآخرين من كل جانب وعلاقاتنا ليست ودية والكل ينظر إلينا أننا توسعيين أي نحن في شبه حالة حرب باردة ، أي يجب أن تكون الجهات الرسمية أكثر مسؤولية في الأخبار التي تفوح بها ، أي أخبار الفزع مثل مرض الملك أو أخبار الرغبة كوجود البترول في تالسينت لا يجب إطلاقها إلا بعد دراستها جيدا . ونتمنى من المسؤولين المغاربة أن يأخذوا العبرة من هذه الحادثة وكفى من اللامبالاة ليس لوقت السلم نبني لكن لنستعد للحرب ، أي يجب وضع الخطط من الآن لكيفية التصدي للإشاعات العسكرية في وقت الحرب لان من يطلقها يكون على كفاءة عالية ، فالحرب النفسية عنصر أساسي ومحدد في مسار المعارك المركزية والعمليات العسكرية الفرعية،وأنا متأكد أن صحافتنا وطنية ونزيهة وشريفة ولم تكن لها أية أهداف مبيتة وحاشى وكلا أن نشكك في وطنية أي كان،لكن أذكر الجميع أن هذه هي الإشاعة الرابعة التي تعرض لها الملك ولم نأخد العبر.والحمد لله رب العالمين *مهتم بشؤون الأمن القومي www.maroc-arme.blogspot.com