أحيانا ينتابني شعور داخلي تتصارع فيه قوى العقل والعاطفة، وتتجاذب فيه رؤى المعقول واللامعقول ،الواقع واللاواقع ،طبعا من وجهة نظر المجتمع؟، أحاول دائما أن أكون منطقية وعقلانية في تفكيري ولا أنجذب وراء فتاوى تتخذ من التحليل والتحريم منهجا لكي لا أنزلق وراء تيار لا يستسيغه المجتمع هذا الأخير الذي تطغى عليه الازدواجية والزيف وحينما نتهم شبابنا بالتناقض بين الممارسة والقناعات ،بين التفعيل والمبادئ ،فنحن بذلك نكون قد جرمنا الضحية وبرأنا الجلاد بكل بساطة لان مجتمعنا العربي عموما والمغربي خاصة غارق في هذه الازدواجية وما الشباب إلا إفراز طبيعي لما يخلفه المجتمع ا لموصوف بالمتدين فطرة والمناقض لها فعلا وممارسة ،مجتمعنا العربي بطبيعته الذكورية وتناقضاته الاجتماعية ،وسيادة الأنا المتواصل على مستوى العلاقات الإنسانية مما يقف حجرة عثرة أمام استمرار أية علاقة ؟ويندرج تحتها علاقة الرجل بالمرأة؟ "" موضوع الصداقة بين الرجل والمرأة تخيم عليه أجواء من الضبابية والشك والريبة ، لا لشئ إلا لأننا تربينا بمجتمع يختزل المرأة في الجسد ويقصيها كعقل وفكر،لا لشئ إلا لأننا نعيش موروثا ضبابيا وعادات وتقاليد وأعراف بالية تؤمن بأن المرأة شر لابد منه ،وأن الرجل منزه مهما كانت نواياه الخفية ،كثيرة هي الأسئلة تجول بخاطري وتؤرق بالي حول إشكالية الصداقة بين الرجل والمرأة؟ لا أريد إعطاء الموضوع صبغة دينية وادخل في إطار التحليل والتحريم ،لأن للإفتاء أصحابه ولست مؤهلة لافقهيا ولا أكاديميا للخوض في غمار الشرعية أو عدم الشرعية لهذا النوع من العلاقات؟ لاباس من العروج على الموضوع من منحى آخر ،بعيدا عن أناقة اللغة وبكل شفافية ،لأن علاقة الرجل بالمرأة لم تكن وليد اليوم فمنذ خلق أدم على وجه البسيطة ،والسؤال يتكرر مع اختلاف الصياغات من كان السباق في الغواية والخروج من الجنة ،هل أدم أم حواء؟وتحول الإشكال إلى صراع ديني سوسيولوجي كل طرف يدافع عن وجهة نظره انطلاقا من فيزيولوجيته وتركيبته البنيوية ومرجعيته ومحيطه الاجتماعي .. وضع نصب عينيه أن المرأة شر لا بد منه مصدر للغواية ،تثير الفتنة،أخرجت أدم من الجنة ،وراودت يوسف عن نفسه ووضعت نصب عينها أن الرجل ذئب بشري يتحين الفرص لاصطياد فريسته.. الشئ الذي أفقد الصداقة معناها الأساسي وكنهها وبعدها السامي الذي ينم عن الصدق في القول والفعل ، في الشفافية في التعامل،في الرقي بالأحاسيس والمشاعر النبيلة إلى اتهامات متبادلة بالإغواء والتحرش العاطفي والجنسي مما أفقد الصداقة بين الطرفين نبلها وهدفها الحقيقي حينها أصبح يحكم على هذا النوع من العلاقات بالتلاشي ونادرا ما تنجح مادام التشويه والتوتر هو الطابع الغالب والفهم الخاطئ لتصرفات احدهما هو السائد. النظرة الدونية للمرأة واعتبارها ناقصة عقل ودين يعطي للأخر انطباعا إنها لا تصلح أن تكون صديقة بالمعنى الوفي للصداقة لا تستحق منه الاحترام والتقدير لفكرها ولحسها الإبداعي ولشخصها وإنما مجرد وعاء يصب فيه مكبوتاته متى رغب في ذلك فهي بالنسبة له إما( زوجة تقوم بدورها التقليدي في إشباع رغباته) وإما( امرأة دونية من بائعات الهوى ..)لا تصلح أن تجمع بينهما علاقة بريئة خالية من كل الشوائب التي فرضتها عليه ضبابية الموروث والفهم الخاطئ للدين. في مجتمعات لا تؤمن بالاختلاط بين الجنسين وبين المصافحة بين الجنسين وبالمحاورة والحديث بينهما ، سيظل السؤال قائما: لماذا المجتمع ينظر للمرأة بأنها شخص غير واعي وأن تصرفاتها عشوائية؟ لماذا هذه النظرة، طالما أنها شخص واعي وفرد من هذا المجتمع ثم إن الصداقة بين الرجل والمرأة، قد تكون أحيانا أقوى من صداقة الجنس الواحد فالمرأة بحاجة لمعرفة طبائع الرجل والرجل كذلك بحاجة لمعرفة طبائع المرأة وقد تساعد تلك العلاقة (الصداقة) الطرفين، بالكثير من الأمور التي بحاجة لاستشارات فيما بينهما قد يقول الكثيرون لا مجال للصداقة بين الرجل والمرأة حسب ديننا الإسلامي حسنا، ولكن نقبل بأن تكون هناك علاقة أخوة بالله بين الطرفين إذا ما الفرق بين هذه العلاقة وتلك؟ بالطبع لا فرق أبدا مجرد اختلاف بالتسمية، من اجل الابتعاد عن مسمى الصداقة والذي يخشاه الكثيرون، ويقبلون به تحت مسمى آخر وهو (الأخوة بالله)كفانا ضحكا على أنفسنا وتغيير المسميات، طالما أن الغرض بالنهاية واحد، الطرفين هم من يحدد مسار تلك العلاقة ويتحكم بها قدر الإمكان وأكررها هنا، الصداقة أساسها هو الصدق والاحترام والأفكار المشتركة أنا لا أرى أي مشكلة بين الصداقة بين الرجل والمرأة، طالما أساسها الصدق والأهم من ذلك، هو الاشتراك بالأفكار والآراء، ومعاملة كل طرف للآخر على أساس الاحترام المتبادل بإمكان الشخص الصادق مع نفسه، أن يحدد مسار تلك العلاقة وأن تسير كما بدأت وحسب الاتفاق بين الطرفين، صداقة صادقة لا غبار عليها. في بعض الأحيان تنشأ صداقة بين رجل وامرأة غير مرتبطين (غير متزوجين(وقد تتطور وتصبح أكبر وأعمق من مجرد صداقة فقط، قد تصبح حبا وعشقا فما المشكلة هنا؟ فالإنسان غير قادر على التحكم بمشاعره حينها وأرى بأنها لو تحوّلت من صداقة إلى حب يتوّج بالزواج فسوف تكون علاقة من أنجح العلاقات، لأنها بدأت بالصداقة والمصارحة بين الطرفين لم لا نتخذ من المبدأ المكيافيلي:"الغاية تبرر الوسيلة"منهجنا في التعامل ،على أساسه تكون صداقتنا بالأخر بريئة أساسها الاحترام المتبادل والصدق والتفاهم، فمادامت علاقتي به لا تتجاوز الخطوط الحمراء ؟ومادامت علاقتي بالأخر تحكمها نظرات العقول ولا تسيطر عليها نزوات العواطف آنذاك أنا في مأمن من نفسي وليس من الأخر؟ بعد الغول والعنقاء والخل الوفي تعد الصداقة بين الجنسين من رابع المستحيلات في مجتمعات بالية التقاليد ومتحجرة الافكاروتفهم الدين بالخطأ،وهناك من يعتبرها مادة دسمة للقيل والقال ،تطال سمعة البنت بالتحديد مع العلم أن الله تعالى هو الكفيل بمحاسبة النوايا في مجتمع لازال يشكك بمصداقية وبراءة هذه العلاقة؟ إن الشعور بالارتياح في حضور "الآخر" ليس فيه خطأ بحد ذاته، فهو شعور إنساني راقٍ .. لكن ينبغي ألا يدفعني هذا الشعور لمحاولة الحصول على "الآخر" كمصدر ثابت للارتياح، لأنني بذلك أكون قد حولته إلى مجرد وسيلة مريحة! لماذا لا أتسامى إذن بهذا الشعور إلى ماهو أعمق وأنبل؟ كم جميل لو بقينا أصدقاء فهل سيلبي مجتمعنا يوما ما الدعوة في إطار المسموح به والمرغوب منه وفق أسس صحيحة وسليمة لا تعارض نظرات العقول ولا تنزلق وراء نزوات العواطف والغرائز؟من غير انتقاص للرجولة ولا تكريس لدونية المرأة.