باشرت عناصر المفتشية العامة للمالية تدقيقا موسعا حول وثائق صفقات أبرمتها مؤسسات ومقاولات عمومية برسم السنوات الثلاث الأخيرة، بعدما فازت شركات بصفقات عمومية للبناء والأشغال والتجهيز، رغم إشارة شهادة محل فرض الضريبة "bulletin d'identification fiscale" الخاصة بها إلى طبيعة أنشطة أخرى غير مطابقة لشروط طلبات العروض المعلن عنها من قبل الجهات المذكورة، خصوصا أن المادة 25 من المرسوم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية، اشترطت تقديم المتنافس في الصفقة شهادة أو نسخة منها مشهودا بمطابقتها للأصل، مسلمة خلال أقل من سنة من طرف الإدارة المختصة في محل فرض الضريبة، تتضمن وجوبا النشاط الذي بمقتضاه فرضت الضريبة عليه. وعلمت هسبريس من مصادر مطلعة أن مصالح التفتيش التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية طلبت وثائق ومستندات من الأقسام المختصة بمؤسسات ومقاولات عمومية، لغاية التثبت من تمرير خروقات مسطرية أخرى ضمن الصفقات موضوع عملية التدقيق، مؤكدة اضطلاعها أيضا على محاضر الصفقات والتقارير المنجزة من قبل آمرين بالصرف، لمناسبة التأشير على النفقات الخاصة بالصفقات المذكورة، مشيرة إلى أن التوجيهات الصادرة بشأن تدبير طلبات العروض الخاصة بالصفقات العمومية من قبل الإدارة المركزية، شددت في أكثر من مناسبة على وجوب التثبت من طبيعة نشاط الشركات المتنافسة ووضعيتها الجبائية خلال مرحلة معالجة ملفات الطلبات. وأضافت المصادر ذاتها أن تقارير حول تعثر صفقات حفزت المفتشين على التدقيق بشأن طبيعة نشاط شركات فازت في إطار طلبات عروض ببناء منشآت وتوريد تجهيزات، اتضح فيما بعد أنها لم تنجز وفق المواصفات المطلوبة، ولم تستجب للمعايير التقنية المشار إليها في دفاتر الشروط الخاصة، موضحة أن الشركات المذكورة أدلت بشهادات تسوية ضريبية سليمة، إلا أن أنشطتها تبين عدم مطابقتها للمواصفات الواردة في طلبات عروض الصفقات التي تم تحديدها من قبل أصحاب المشاريع بشكل مدقق. وتزامنت عملية التدقيق الجديدة مع تعميم المصالح المركزية بوزارة الاقتصاد والمالية تعليمات صارمة على آمرين بالصرف بشأن ضرورة التشدد في طلب "شهادات الوضعية الجبائية القانونية" عند معالجة ملفات طلبات المنافسة في صفقات لمؤسسات ومقاولات عمومية، وذلك بعد احتجاج عدد كبير من المقاولات المتخصصة في البناء والأشغال وتوريد التجهيزات على هذا الشرط، إذ طالبوا الجهات صاحبة المشاريع بقبول طلبات الحصول على الشهادات المذكورة، لغاية ضمان المشاركة في طلبات العروض ضمن الآجال المحددة، ثم موافاتها بعد ذلك بالشهادات الأصلية. يذكر أن المفتشية العامة للمالية برمجت 200 مهمة تفتيش وتدقيق وتقييم للسياسات العمومية خلال 2024، وذلك في سياق تنفيذ المهام المنصوص عليها في القوانين التنظيمية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتمويل المشاريع التنموية المبرمجة قصد تدقيق حساباتها، ومتابعة عمل القطاعات الوزارية لضمان النجاعة في الأداء، في الوقت الذي تصاعدت فيه المطالب بشأن إصلاح المنظومة القانونية للصفقات العمومية، من خلال استبدال المراسيم الحالية بمدونة شاملة.