استنفر إلغاء طلبات عروض عمومية المفتشية العامة للمالية، التي باشرت مصالحها التدقيق في ملابسات تدبير صفقات عمومية وفرض إيداع "عينات" سلع (Échantillons) قبل الحسم في هوية شركات فائزة بتنفيذ مشاريع في إطار هذه الصفقات؛ فيما استعان المفتشون في إتمام مهامهم بمعطيات حملتها تقارير افتحاص داخلية ومحاضر اجتماعات لجان تدبير الصفقات بمؤسسات عمومية. وربطت مصادر مطلعة تحرك المفتشية العامة للمالية بتنامي الشكايات المرفوعة ضد مؤسسات عمومية إلى وزارة الاقتصاد والمالية واللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، موضحة أن مقاولات متضررة من فرض طلبات عروض تقديم "عينات" من سلع سيجري استخدامها في تنفيذ مشاريع، تمسكت بمقتضيات المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، خصوصا الفقرة الرابعة من المادة 43 التي تنص على أنه "تدعو لجنة طلب العروض بواسطة رسالة موجهة عن طريق البريد المضمون، مع إشعار بالتوصل، المتنافس الذي تقدم بالعرض الأكثر أفضلية اقتصاديا، من أجل تقديم العينات أو النماذج المطلوبة في نظام الاستشارة، عند الاقتضاء". وأفادت المصادر ذاتها، في تصريحات متطابقة هسبريس، بأن عملية التدقيق من قبل مفتشي المالية مكنت من رصد أخطاء على مستوى تأويل نصوص قانونية من قبل مسؤولين عن تدبير طلبات عروض في المؤسسات العمومية موضوع الشكوى، مؤكدة أن المواد 37 و40 و42 من مرسوم الصفقات العمومية لم تقصد العينات، عند مطالبة المقاولات المتنافسة بمد الجهة صاحبة المشروع بالنماذج المصفرة والوثائق الوصفية، وكذا البيانات الموجزة ومستندات أخرى، تتيح لها التثبت من خبرة المقاولة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ المشروع الموكول إليها وفق معايير الجودة المطلوبة. ورصدت تحريات المالية مجموعة من الثغرات في تدبير صفقات عمومية، همت ضعف صياغة طلبات عروض؛ الأمر الذي ظهر من خلال تنامي منسوب الصفقات الملغاة من قبل الآمرين بالصرف، لأسباب تقنية خالصة. وفي هذا الصدد، أكدت مصادر هسبريس عدم توفر مؤسسات عمومية على الكفاءات اللازمة للإشراف على صفقات تزود، خصوصا عندما يتعلق الأمر باستقراء المواصفات التقنية الخاصة بالمنتوجات والتجهيزات ومقارنتها مع تلك المسلمة إلى الإدارة في الواقع، منبهة إلى أن لجانا مختصة بالمؤسسات المذكورة تسلمت مجموعة من التجهيزات دون أن تتم مقارنة مواصفاتها الموجودة في دفتر التحملات من قبل أشخاص مؤهلين. ونبهت المصادر نفسها في السياق نفسه إلى تثبت مفتشي المالية من خرق إدارات مؤسسات لمقتضيات المادة 37 من مرسوم الصفقات العمومية، التي توجه إلى وجوب فحص لجنة طلب العروض وثائق الملف الإداري والتقني والإضافي، عند الضرورة، ثم التدقيق في العينات أو النماذج المصغرة بعد ذلك، حيث يمكن للجنة استشارة كل خبير أو تقني من أجل تقييم الجودة التقنية للعينات المذكورة المقدمة للفحص. يشار إلى أن وزارة الاقتصاد والمالية واللجنة الوطنية للطلبيات العمومية تلقتا، خلال الفترة الماضية، عددا مهما من الشكايات تضمنت شبهات "تفصيل" صفقات عمومية على مقاس مقاولات بعينها، عدد أغلبها صغيرة الحجم وحديثة التأسيس، حيث تعتمد على المناولة وتعدد الوسطاء في تنفيذ مشاريع؛ وهو ما تسبب في تعطيل عدد كبير من الأوراش العمومية.