استشعرت مصالح المفتشية العامة للمالية اختلالات خطيرة في تدبير صفقات بمؤسسات ومقاولات عمومية، حيث شرعت في فتح ملفات عروض ب"أسعار منخفضة" عن المعتاد، تقدمت بها شركات للبناء والأشغال وتوريد التجهيزات، بعدما حوّل آمرون بالصرف تقارير بشأن تدبير صفقات عمومية إلى المصالح المذكورة تضمنت مجموعة من الخروقات في مساطر إرساء مشاريع لفائدة مقاولات. وعلمت هسبريس من مساطر مطلعة أن آمرين بالصرف رفضوا التأشير على صفقات بسبب شبهات "عدم الجدية"؛ بالنظر إلى الأسعار المنخفضة بشكل مبالغ فيه المقدمة من قبل شركات من أجل إنجاز أشغال وتوريد تجهيزات، موضحة أنه جرى إحالتها لإعادة النظر على اللجان المكلفة بالصفقات في مؤسسات ومقاولات عمومية، حيث قفز بعضها على بنود داخلية محددة ومنظمة لشروط وأشكال إبرام الصفقات تنص على ضرورة استدعاء هذه الشركات ومطالبتها بتبريرات بشأن عروضها. وأفادت المصادر ذاتها بأن لجانا لتدبير الصفقات استدركت وضعية طلبات عروض وأقصت متنافسين تقدموا بأسعار منخفضة بشكل غير عادي؛ فيما تقدمت أخرى في مساطر الانتقاء والتفاهم حول تنفيذ مشاريع أشغال وتوريد تجهيزات مع شركات من الفئة ذاتها، مؤكدة أن مصالح التفتيش التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية فتحت ملفات صفقات وطلبت وثائق ومستندات عروض مقدمة من قبل شركات لغاية التدقيق والافتحاص قبل أن تكتشف مجموعة من الاختلالات على مستوى القدرات المالية لدى بعضها وعدم تسويتها لمعاملات مع مزودين وزبناء وملاحقتها بمستحقات جبائية في سياق مراجعات ضريبية تحديدا. وتوصلت لجان لتدبير الصفقات أقصت متنافسين فعليا إلى عدم تغطية عروض الأثمان المقدمة المنخفضة بشكل غير عادي تكاليف الأشغال والتجهيزات المطلوبة ضمن طلبات العروض المعلن عنها، حيث تأكدت بعد التوصل بتبريرات طلبتها من بعضهم من إسقاط بعض العروض المقدمة تكاليف أخرى مرتبطة بتتبع الأشغال والنفقات الطارئة المرتبطة بطبيعة المشاريع وتعويضات الخبرة الخارجية المطلوبة لإنجاز هذه المشاريع. وأكدت المصادر نفسها رصد مفتشي المالية ضعف صياغة طلبات عروض؛ الأمر الذي ظهر من خلال عروض الأثمان المقدمة من قبل متنافسين، حيث وقع عدد منهم ضحية غموض بعض بنود الأشغال، منبهة إلى أن هذا الأمر تسبب في تنامي منسوب الصفقات الملغاة من قبل آمرين بالصرف، لأسباب تقنية خالصة، مشيرة إلى تركز عروض الأسعار المنخفضة موضوع التدقيق في صفوف مقاولات صغيرة وحديثة التأسيس؛ ما رفع حجم المخاطر المرتبطة بها، وزاد الشكوك حول قدرتها على تنفيذ وإنهاء الأشغال الملتزم بها. يشار إلى أن وزارة الاقتصاد والمالية تولي أهمية بالغة لاستدامة وعقلنة تدبير الصفقات العمومية، خصوصا المتعلقة بمشاريع البنية التحتية، في أفق تجنب أية اختلالات من شأنها التأثير على سير الأوراش المستقبلية المدبرة من قبل مؤسسات ومقاولات عمومية، خصوصا المرتبطة بشكل غير مباشر بجهود الاستعداد لاستقبال حدثي كأس أمم إفريقيا لكرة القدم ونهائيات كأس العالم "مونديال 2030".