لقد قالها ألبرت أينشتاين وكأنّه يقصد حكام الجزائر: "فقط شيئان لا حدود لهما: الكون وغباء الإنسان، وبالنسبة للكون فإن لدي بعض الشكوك". لم يعد بالإمكان التعامل مع قرارات مسؤولي الجارة الشرقية للمغرب إلا باعتبارها ذات أبعاد سريالية، لم يعد بالإمكان قراءتها عبر تحليل منطقي للواقع، حيث يستطيع المرء فهم المصلحة من هذا العداء المتأصل الذي أصبح اليوم مدعاة للاستغراب وربما للضحك. قرار فتح تمثيلية ل"جمهورية الريف" بالجزائر هو آخر نكتة أبدعها النظام العسكري، ليؤكد أن الوضع تجاوز الصراع بين دولتين لهما حدود مشتركة، ليصبح مسألة عدوان مستمر حان لعسكر الجزائر أن يشرحوا أسبابه الحقيقية وبالدلائل، وإلا فإن "القوة الضاربة" تثبت يوميا أنها دخلت في عالم من الهوس المرضي الذي قد يصعب حتى على أعتى علماء النفس شرحه أو تشريحه. لقد استمتعت كثيرا بردود الفعل المستهزئة لجل المغاربة الذين بدؤوا التنكيت مباشرة بعد نشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي. أغلب صانعي المحتوى يتوجهون إلى قصر المرادية مباشرة وبأسلوب ساخر لطلب تمويل حركة لتحرير منطقة من مناطق المغرب. أضحكتني كثيرا تلك التي طلبت من الرئيس التبون مساعدتها في تحرير جهة دكالة بطريقة مرحة، توضح كيف أن كل هذه الخزعبلات التي يتم ابتداعها من طرف عسكر الجزائر بغاية الإساءة للدول المجاورة تم تجاوزها في المغرب، لتصبح مجرد مدعاة للضحك أو للأسف لما آل إليه الوضع في دولة شقيقة نكن لشعبها كل الود. في هذا السياق يجب تثمين رد الفعل المغربي الرسمي: الصمت التام والعميق هو الجواب الوحيد الممكن أمام التصرفات غير العقلانية، من باب "إذا كان المتكلم أحمق فالسامع بعقله". لدي مقترح واحد فقط، وهذا أمر يمكن أن يقوم به المغاربة القاطنون بدول المهجر: ترجمة خبر فتح تمثيلية "جمهورية الريف" في الجزائر للغة الدول التي يستقرون فيها، ونشره بشكل واسع وبدون أي تعليق. فضيحة ومسخرة من هذا النوع لا تحتاج أي تعليق. لقد قمت بالتجربة، وفي إطار محدود مع بعض أصدقائي وزملائي الإيطاليين، خاصة منهم أولئك الذين يدافعون عن البوليساريو و"الجمهورية العربية الديمقراطية الشعبية الصحراوية العظمى". الإجابة كانت بين استغراب الأغلبية وسخرية البعض الذين فهموا "أخيرا" ما نردده نحن المغاربة دائما: قضية الصحراء هي صراع جيوبوليتيكي بين المغرب والجزائر ولا شيء غير ذلك. بالأمس تم التغرير ببعض الإخوة الصحراويين، واليوم لسنا ندري من غرر بمن. هل أجهزة المخابرات الجزائرية هي التي غررت ببعض الإخوة الريفيين المغمورين القاطنين ببلجيكا، أم إن هؤلاء هم من غرر بعسكر الجزائر وأوهمهم بإمكانية إضافة "حجر" آخر لوضعه في حذاء المغرب؟ ما أصبح لزاما شرحه لنظام الجارة الشرقية أن كل هذه الحجارة لم تعد تزعج الرباط بتاتا، بل أصبحت تدغدغها وتضحكها فقط. كل هذه العنتريات التي يعتقد النظام الجزائري أنها دليل قوة أصبحت تثير ضحك المغاربة وبشكل لا يصدق. إذن من الواضح أن إستراتيجية العداء للمغرب وبهذا الأسلوب التهجمي السخيف وصلت إلى محطتها النهائية، وحان الوقت للبحث عن طريق جديد من أجل "إزعاج" الجارة الغربية للجزائر. هناك مسار آخر لكنه يحتاج إلى كثير من الشجاعة والحكمة: التخلي عن البهلوانيات والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المغرب وطرح كل القضايا بكل جرأة لإيجاد حلول عملية تسمح لدول المنطقة ببناء مغرب عربي قوي، كفيل بمواجهة تحديات المستقبل، وهي كثيرة ومعقدة. يا حكام الجزائر ألا يوجد رجل عاقل بينكم؟ العنوا الشيطان!! زيدتو فيه أصاحبي!!.