تمادى النظام الجزائري مؤخرا في خرق جميع أعراف حسن الجوار مع المغرب واصفا إياه بالعدو الكلاسيكي ومتهما إياه الوقوف وراء مآسي الشعب الجزائري الشقيق في حين المغرب بتجاهله لخطاب الكراهية الجزائري يمد يد العون مسجلا نقاطا مهمة في تصوير القيادة الجزائرية اللاشعبية بأنها تغرد لوحدها. لقد تحدثت كود مع بعض الخبراء المتخصصين في الشأن الجزائري، من أجل إيجاد أجوبة لشرح التعنت الجزائري أمام جميع محاولات رأب الصدع التي يقوم بها المغرب، حيث خلصنا إلى مايلي: نبدأ من الأحداث الأخيرة، أولا الجزائر ترفض قبول عرض المغرب بإرسال طائرات اخماد من نوع كانادير لأن ذلك من شأنه أن يظهر للشعب الجزائري أن المغرب أكثر استشرافا للمخاطر واحسن من حيث الاستعداد للحرائق. قبول العرض المغربي سيبين للشعب الجزائري الشقيق أن المغرب هو القوة الإقليمية الحقيقية وليست بلادهم كما يدعي ذلك الرئيس التبون. ويقول خبير استراتيجي حاورته كود أن المغرب بتجاهله للخطاب العدائي للرئيس التبون وولي نعمته الجنرال شنقريحة يسجل نقاطا ديبلوماسية وسياسية مهمة. إن المغرب ينفذ بثبات تكتيك "ربح القلوب والعقول" حيث يمد يده للشعب الجزائري بدعوته لفتح الحدود وتركيزه على خطاب الأخوة والنضال المشترك و والاندماج والمصير المشترك وكلها مفاهيم يحاول العسكر الجزائري وأدها من خلال إعلامه. إن قيام المغرب بخطوات لكسب قلوب وعقول الشعب الجزائري سيزيد من تعميق الهوة بين النظام والشعب الجزائري وسيجعل من أي مغامرة عسكرية ضد المغرب خطوة لاشعبية. والحرب كما هو معروف في أدبياتها تتكون من ثلاث عناصر: الشعب والجيش والحكومة، حيث أن الشعب يرمز إلى الحماس ومشاعر الكراهية التي تشعل الحرب في حين يرمز الجيش إلى الاستراتيجية والحكومة إلى التعقل والتفاوض. وتظهر بوادر كسب المغرب لقلوب وعقول الجزائريين في الاعلام الحر بالمنفى ووسائل التواصل الاجتماعي ووسط الذين زاروا البلد ووقفوا على الفرق الحاصل بين دولة نفطية بددت مواردها في التسلح والفساد ودولة ذات اقتصاد متنوع. النظام الجزائري بحاجة لعدو خارجي لقمع أو تأجيل الثورة بالداخل. المؤسسات الرسمية في الجزائر تسعى لتعليق فشلها على المغرب والمعارضون يقارنون حال بلدهم المتخلف في مجالات تنويع الاقتصاد والسياحة والصناعة والرفاه بمنجزات المغرب والعكس غير صحيح. المغاربة ينظرون لشمال المتوسط في تطلعاتهم التنموية والاقتصادية. لم يسبق للنظام الجزائري أن وصل هذا المستوى من "سب المستقبل" مع المغرب. إن السعار الذي يبديه شنقريحة وتبونه إنما يوحي ببوادر انهيار الدولة في الجزائر. منذ استقلالها والجزائر بقيت دولة جد مركزية لاتثق في الهوامش. بعد ثورة القبايل وتأسيسهم لحركة الماك من أجل الاستقلال من المحتمل أن تثور مناطق الجنوب الغنية بالبترول والغاز. في ورغلة المظاهرات ضد البطالة والتهميش بدأت تتخذ بعدا سياسيا حيث يطالب الناس باستغلال ثروات المحروقات داخل أراضيهم الصحراوية عوض استنزافها وتوجيهها للشمال. بوادر انعدام القانون بادية كذلك، اخراج شاب من داخل سيارة شرطة والتنكيل به واحراقه بالإضافة إلى التسيب الأمني الذي تعيشه عدد من مناطق الجزائر لايبشر بخير. مجرد تصفح المواقع التي تقدم نصائح للمسافرين في أي دولة غربية تظهر أن الجزائر دولة غير آمنة اذ ينصح بالمسافرين بتجنب المناطق شرق وجنوب العاصمة. والجزائر تفرض فيزا على المسافرين الأجانب ليس لأنها دولة تعامل الغرب بالمثل بل بسبب عدم قدرتها على حمايتهم. يريدون السياحة ويقارنون أنفسهم مع المغرب, لكن السياحة قبل أن تكون فنادق ومنتجعات هي إعطاء الإحساس بالأمن للزائر. فكيف ببلد هو الأول في افريقيا من حيث الانفاق العسكري لا يستطيع تطهير بلاده من الإرهاب؟ إن العداء للمغرب عوض العداء لفرنسا، حيث أدار الجنرالات وتبونهم ظهرهم للكفاح المشترك. من دون المغرب وتونس والتضامن الأخوي غير المشروط ما كانت الجزائر لتنال استقلالها. لقد كانت قيادة جيش التحرير المغربي تخصص ثلثي الأسلحة التي تتوصل بها للأشقة الجزائريين ورفض المغرب التفاوض مع فرنسا من أجل ترسيم حدوده. كلها تضحيات طمسها شنقريحة العسكري الفاشل وتبونه وزبانيتهم في الاعلام الذي هو ظاهريا متنوع وباطنيا يحكمه السيستيم أو النظام القمعي. أما بخصوص فتح الحدود، فمنذ سنوات والشعبين ينتظران هذه الخطوة، التي يرفضها النظام الجزائري متذرعا بالمخدرات تارة وتارة أخرى بشروط كاعتذار المغرب؟؟؟ ان كانت هناك دولة عليها الاعتذار فهي الجزائر التي تأوي منظمة مسلحة أعلنت الحرب على المغرب من داخل التراب الجزائري؟ حركات التحرر الحقيقية تحارب من داخل بلدانها ولا تختبأ وتتلقى الأوامر من دولة أخرى. كيف يعقل لدولة لم تسمح لشعبها بتقرير مصيره أن تسمح لميليشيا مسلحة بالتصرف بحرية. إن البوليزاريو سيكون أول من سيرمي بالرصاص الحي الجزائريين في حال تدهور الوضع في الجزائر ووصل الجيش للباب المسدود كما فعلوا دفاعا عن ولي نعمتهم القذافي. الجزائر لا تريد فتح الحدود كذلك والسماح بحرية العبور للسلع والمال والخدمات لأن ليس لديها ما تصدره عدا الغاز (قدرتها في تصدير البترول في زوال). لكن فتح الحدود هو خطوة لابد منها والانفتاح على الجار المغربي أول خطوة من أجل أن يكتسب القطاع الصناعي والخدمات في الجزائر التنافسية المطلوبة. كيف بدولة كل أبناكها ملك للدولة أن تصبح قوة إقليمية. القوة الإقليمية ليست هي التي توزع المال بل هي التي تخلق مصالح مشتركة من خلال استثمارات وتعاون مشترك. الجزائر حاليا ليس لها ما تقدمه للمغرب أو افريقيا ومع ذلك المغرب واع من أن فتح الحدود اجراء لصالح الشعبين لأن القطيعة بين الشعبين أصبحت أمرا نشازا لا يمكن لشخص عاقل قبوله. لذا على المغرب أن يواصل الاشتغال على كسب قلوب وعقول الجزائريين والتركيز على سردية الكفاح المشترك. على المغرب واعلامه أن يشرح للجزائريين حقيقة ما وقع بعد استقلال الجزائر وكيف استولى قياديو جيش الحدود المتأثرون بالناصرية على زمام السلطة وكيف أبادوا المقاومين الجزائريين الحقيقيين (معظمهم من بلاد القبايل)، كما على المغرب الاستمرار في الانفتاح على الفنانين الجزائريين والسياح والفاعلين السياسيين الراغبين في بناء مغرب كبير.