قال عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إن الجهة الوحيدة التي تساند الفلسطينيين وتدفع ثمنًا باهظًا جدًا، هي ما يُعرف بمحور المقاومة، أو ما يُطلق عليه المحور الشيعي، أما المحور السُّني، فإلى حد الآن إما لم يُساند إطلاقًا، وإما كانت مساندته محدودة للغاية. وتأسف المتحدث في كلمة له خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه أمس السبت، لكون ما نراه حتى الآن هو تخَلٍّ شبه مطلق عن الفلسطينيين من دول الجوار، دون الحديث عن باقي الدول، بما فيها المغرب، الذي ساند، لكن المساندة كانت محدودة جدًا وغير متناسبة حتى مع ما قدّمه في اعتداءات سابقة، كانت أقل حدة مما يجري اليوم من تقتيل للفلسطينيين وتدمير لمنازلهم واستباحة لأعراضهم، وتقتيل لأطفالهم أمام أعين العالم كله.
ولفت بنكيران إلى أن بعض الدول الأجنبية، وحتى المسيحية منها، تساند الفلسطينيين أكثر مما تساندهم الدول العربية والإسلامية التي لم تتحرك حتى على مستوى المساندة الدبلوماسية، أو عبر التهديد بقطع العلاقات، أو إيقاف المعاهدات، فهذا لم يحدث حتى الآن. وأشار بنكيران إلى أن حزبه عندما يتخذ موقفا إزاء القضية الفلسطينية، ويطالب بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني أو على الأقل إيقاف المعاهدات، فذلك ليس بهدف أن يرضى عنه أحد، بل لأنه واجب، وهو ما اعتبره إزعاجا لبعض الجهات في الدولة التي تقول بشعار "تازة قبل غزة"، علما أن الملك محمد السادس قال مرارا إن القضية الفلسطينية بالنسبة اليه هي كقضية الأقاليم الجنوبية. وتساءل المتحدث "إلى متى ستتغاضى الدول المجاورة عن القيام بواجبها في مساندة الفلسطينيين بأي طريقة كانت، ولو على الأقل عبر الطرق السلمية المتعلقة بالغذاء والدواء؟ وإلى متى سيستمر هذا الحصار، سواء كان داخليًا أو خارجيًا؟". وأضاف بنكيران أنه لا بد من أن تتحرك نخوة الإسلام، وإن لم تتحرك نخوة الإسلام، فعلى الأقل نخوة العروبة، وإن لم تتحرك نخوة العروبة، فلتتحرك نخوة الإنسانية. واعتبر الأمين العام للبيجيدي أن الحكم الصادر عن المحكمة الدولية والذي أمر باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق، كان مفاجئًا وغير متوقع. هذا القرار، وإن لم يكن له تأثير مباشر، قد ساهم في التخفيف النفسي ولو قليلًا على الأمة العربية والإسلامية. وسجل أن هذا الحكم يكشف في الوقت نفسه عن عَورة المنظومة القيمية والدولية والقانونية التي بناها الغرب الرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تؤطر النظام العالمي الحالي، فالغرب، بامتلاكه القوة، لا يزال يتحكم في العالم، لكن القوة وحدها لا تكفي لإقامة منظومة متكاملة، فهي عامل مساعد، لكن لا بد من وجود منظومة أخلاقية وقانونية تضبط الإيقاع، وتُؤطِّر العلاقات، ويلجأ الناس إليها عند الخلاف. وتوقف بنكيران في هذا الصدد على رفض بعض الدول لقرار المحكمة التي تُعد جزءًا من المنظومة الغربية نفسها، وهو ما يدل على أننا نسير باتجاه انهيار المنظومة الأخلاقية والقانونية التي تؤطر العالم، خاصة مع صعود شخصيات مثل ترامب، الذي يهدد ويتوعد دون حساب، ويختار معاونيه من بين أولئك الذين لا يعترفون أصلًا بوجود فلسطين أو الفلسطينيين، بل يدّعون أن إسرائيل موجودة في مساحة ضيقة ويرغبون في توسيعها.