منذ أن أعلنت فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية عن اعترافهما التاريخي بمغربية الصحراء، وجد النظام الذي يروج لتقسيم المغرب في حالة من الذهول والارتباك. في واقع الأمر، يبدو أن هذا النظام يعيش حالة من "الرقص" على وقع صدمة عنيفة لم يكن يتوقعها، وكأنما يقوم برقصات الديك المذبوح الذي فقد أمله. فبينما كانت القوى التي تدعمه تراهن على الضغط الدولي لصالح أجندتها، جاءت قرارات فرنسا وأمريكا لتعيد ترتيب الأوراق وتضرب في الصميم محاولات تقسيم المغرب. إن محاولات بعض الأطراف الدولية لزعزعة استقرار المغرب وتقسيم أراضيه ليست جديدة، بل هي جزء من سلسلة طويلة من المناورات السياسية التي تهدف إلى تغيير خارطة المنطقة. ولعل أبرز هذه المناورات هي القضايا المتعلقة بالصحراء المغربية، والتي كانت ولا تزال محط خلافات وصراعات دبلوماسية. ولكن الجديد في هذه المحاولات هو أن نفس الأسلوب يتم تكراره بشكل غير مفيد، بل وأكثر من ذلك، غير مدركين أن التاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة. ما يشهده "نظام العالم الآخر" هو مثال حي على من لا يتعلم من أخطائه. إنه في حالة من الإنكار التام للواقع، حيث يواصل محاولاته بذات الطرق التي فشلت في الماضي. الاستمرار في الضغط على المغرب عبر دعم أطراف معينة أو تحريك الملفات من خلال المنابر الإعلامية، يبدو وكأنه محاولات للرقص على أنغام قديمة في وقت تغير فيه اللحن تمامًا. تلك السياسات التي تمثل تكرارًا غير حكيم لأخطاء الماضي لن تجني سوى المزيد من الفشل، سواء على الصعيد الدبلوماسي أو السياسي. القرار الأمريكي والفرنسي بالاعتراف بمغربية الصحراء لم يكن مجرد تصرف عابر أو خطوة ظرفية، بل كان بمثابة تحول جذري في التوازنات الدولية في المنطقة. هذا الاعتراف يعكس تحولًا في السياسة الغربية تجاه المغرب ويُعتبر بمثابة إشارة واضحة إلى أن أي محاولة لتقسيم المغرب أو التلاعب بمواقفه لن تجد صدى لدى القوى الكبرى. في الواقع، إن هذا التحول يُظهر بوضوح أن المغرب لا يُعتبر بعد الآن مجرد لاعب إقليمي محدود، بل قوة مؤثرة تملك تأثيرًا دبلوماسيًا عالميًا. في ظل هذا الاعتراف الدولي الواسع بمغربية الصحراء، يواصل النظام الذي يحاول تقسيم المغرب محاولاته الفاشلة لزعزعة استقرار البلاد. ولكن هذه المحاولات، في ظل الواقع الجديد، لم تعد سوى مضيعة للوقت. مع مرور كل يوم، يزداد عزلهم على الساحة الدولية، وتزداد انعزاليّتهم عن الواقع السياسي في المنطقة. استراتيجياتهم القديمة، التي كانت تعتمد على استهداف الوحدة الوطنية للمغرب، لم تعد مجدية، بل أصبحت محط سخرية على المستوى الدولي. من المعروف أن فشل أي مشروع سياسي مرتبط بعدم القدرة على مواكبة التغيرات في البيئة الاستراتيجية، وعدم القدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية والإقليمية. وعليه، فإن استمرار النظام الجزائري الضعيف في محاولة تنفيذ أجندات قديمة بنفس الطرق التقليدية يعتبر خطأ فادحًا. فالمعطيات الدولية قد تغيرت، والمجتمع الدولي لم يعد يقبل بسياسات التفكيك أو التوترات التي تهدد استقرار المنطقة. منطقة الريف، التي لطالما كانت محط اهتمام ودسائس من قبل أعداء وحدة الوطن، لم تعد مصدرًا للتهديد أو التفكك كما يظن البعض. على الرغم من بعض التحركات التي قد تبدو مشبوهة، إلا أن الريف، مثل باقي المناطق المغربية، يتنفس تحت سقف واحد مع باقي الشعب المغربي. فعندما يتعرض الوطن لأي تهديد، يزداد تكاتف جميع مكوناته خلف قيادته ووحدته. الريف لم يكن يومًا عاملًا في زعزعة الاستقرار، بل كان جزءًا من نضال المغرب التاريخي في الحفاظ على سيادته ووحدته. النظام الجزائري الخبيث الذي يستمر في محاولاته لتقسيم المغرب يبدو أنه في حالة من العمى الاستراتيجي، حيث يظن أن تكرار نفس الأخطاء قد يؤدي إلى نتائج مختلفة. هذا نوع من الجنون السياسي، فالتاريخ لا يعيد نفسه بنفس الطريقة، والواقع قد تغير بشكل جذري. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى، ولن تنجح محاولات تفكيكه مهما كانت الأساليب أو التحركات. فالتعنت أمام هذه الحقيقة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفشل، ولن يكون له سوى تأثير سلبي على مَن يحاولون تنفيذ هذا السيناريو الفاشل.