هذه أحوال الطقس لهذا اليوم الأحد بالمملكة    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    وزير الخارجية الأمريكي يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    "سبيس إكس" الأمريكية تطلق 30 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي        تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري            اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفلاس النظام الجزائري وفشل تَكتِيكاته البالية
نشر في لكم يوم 31 - 08 - 2021

ثبت بالملموس من سياق الأحداث التي عرفتها العلاقات المغربية الجزائرية بأن النظام العسكري في الجارة الشرقية يَجُر نحو إشعال الحرب في المنطقة، لماذا؟

في الحقيقة تتداخل العديد من المعطيات والأسباب التي يمكن أن تَدفع النظام الجزائري إلى الإقدام على فعل شنيع و متهور كهذا(الحرب)، أو تفعيل "سيناريو" من هذا القبيل(وهذا ما يوحي به قطع العلاقات بين البلدين دون مبرر!)، والتي يمكن حصرها في نمطين، رئيسيين، من الأسباب:
الأسباب الرئيسية الأولى(داخلية): تتمثل في وجود أزمات تعيشها الجزائر، وتريد أن تحوِّل الأنظار عنها وتنفيسها، أبرزها تتمظهر على الأقل في سبع صور:
-الأزمة السياسية والتي تتجلى في أزمة الشرعية، حيث النظام القائم في الجزائر نظام غير ديمقراطي استولى فيه العسكر على مقاليد السلطة في البلاد، مع محاولةٍ لترسيخ هذا الاستيلاء بإجراء إنتخابات(رئاسية ونيابية) صورية أنتجت "مؤسسات"( خاصةالرئاسة ) شكلية تأتمر بأوامر الجنرالات ومنفصلة بشكل كامل عن هموم وقضايا الشعب الجزائري، الذي خرج،منذ مدة، في حراك تغييري للشارع ليطالب بتنحية العصابة عن حكم البلاد والتوقف عن الاستغلال البشع للثروات.
-الأزمة الاقتصادية والاجتماعية: الجزائر تعيش أزمة خانقة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وهذا ما تؤكده النسب والمؤشرات التالية:
– نسبة البطالة: تعرف الجزائر نسب غير مسبوقة من البطالة تتراوح ما بين 25 و 30 في المائة في السنين الأخيرة، ومن المرجح أن ترتفع بشكل مهول بسبب تظهور الوضع السياسي والاقتصادي.. في البلاد، كما أن جائحة كورنا ستفاقم الوضع، حيث أدى الوباء إلى غلق مئات الشركات وتسريح آلاف العمال.
– الدين الخارجي: الدين الجزائري تجاوز نسبة 50 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي الذي تعيشه البلاد، كما أن الميزان التجاري قد عرف ارتفاعا في العجز، حيث بلغ حوالي 73,4بالمائة خلال سنة2020.
– نسبة الفقر: خلصت تقارير دولية(وأخرى رسمية جزائرية)إلى نتائج رهيبة جدا بهذا الخصوص، منها أن ما نسبته 73 في المائة من الجزائريين أصبحوا غير قادرين على العيش بأجورهم الشهرية التي يتقاضونها بسبب تدهور قدرتهم الشرائية، كما أن هناك نسبة تقدر ب 13.75 في المائة فكروا في الانتحار بسبب عدم قدرتهم على توفير مستلزمات الحياة الضرورية لأسرهم، وتؤكد التقارير بأن أكثر من 15 مليون من الجزائريين يعيشون تحت عتبة خط الفقر(وهو ما يعني أن بين كل 3 جزائريين يوجد جزائري يعيش في فقر مدقع)، في حين أن 80 في المائة من الثروة يحتكرها أقل من10 في المائة من الجزائريين فقط.
هذه المعطيات والأرقام تكشف أن هناك واقعا اقتصاديا واجتماعيا مزريا وخطيرا، وضَعَ الجزائر عمليا في مراتب متأخرة في التصنيفات العالمية المتعلقة بظروف المعيشة، فقد جاءت في المركز 132 في ترتيب أكثر بلدان العالم غير القابلة للعيش.
واقع كهذا، للأسف، يَقَع في بلاد تحتل المرتبة الثامنة من حيث احتياطي الغاز الطبيعي في العالم، وتعتبر رابع مصدر للغاز عالميا، كما تحتل المرتبة الرابعة عشرة من حيث احتياطي النفط، و تحصل على عائدات مالية كبيرة من صادرات المحروقات وحدها قُدِّرت،مثلا، سنة 2020 بنحو 23 مليار دولار !!.
-النظام الصحي:
تردي أحوال الصحة بالجزائر تترجمه الإضرابات والاحتجاجات التي يقوم بها الأطباء والعاملون بالقطاع الصحي في عموم البلاد، وبشكل مستمر، من أجل تحسين الوضع العام للعمل داخل المستشفيات، وتوفير المستلزمات اللوجسية والمادية..، فأطباء جزائريون يؤكدون أنه ما زالت أمراض القرون الوسطى تقتل الجزائريين بسبب انعدام الامكانيات! كما أن التقارير تؤكد أيضا بأن السنوات الأربع الأخيرة مرت دون بناء ولو مستشفى واحد!
لذلك يتساءل العديد من الجزائرين أين وعود السلطة، الحالية، بتشييد مدن صحية بمواصفات دولية بالعاصمة وغيرها من المدن الجزائرية؟!!".
إن سفر "المسؤولين" الجزائريين والجنرالات، وحتى "بن بطوش"، إلى الخارج بغرض العلاج هو تجسيد صريح لبدائية المنظومة الصحية في الجزائر، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع ما يروج له "المسؤولين" من خطاب وأكاذيب و يظهر أنهم امتهنوا التضليل على الصعيد الداخلي والخارجي.
"إن نظامنا الصحي هو الأفضل في إفريقيا"، هكذا صرّح عبد المجيد تبون على التلفزيون الجزائري، في شهر يونيو 2020 ومع ذلك نُقل عقب إصابته بفيروس كورونا في 28 أكتوبر إلى ألمانيا لتلقي العلاج، في حين ترك الآلاف من الجزائرين يموتون بنفس الفيروس بسبب انعدام البرتوكول العلاجي و أكسجين الانعاش.
-أزمة المياه،الخبز والحليب: في السنوات الأخيرة تفاقمت الأوضاع وارتفعت الأرقام وتجسدت مظاهر الأزمة الاجتماعية في غياب أبسط ضرورات العيش، كالحليب والخبز والمياه والخضر والفوكه..، مما ساهم في ظهور طوابير طويلة من الناس تمني النفس للحصول على رغيف أو قنية ماء.. .
فقد باتت مشاهد هذه الطوابير لا تنتهي أمام شاحنات المياه، وخزانات المياه فوق أسطح الأبنية، وقطع الطرقات بالعجلات المطاطية والحجارة، والصدامات بين مواطنين غاضبين ورجال الشرطة، جزءاً من يوميات الجزائريين بسبب غياب المياه.
وعليه وجد "تبون" نفسه في مواجهة المجهول مع ارتفاع منسوب الغضب وتوسع دائرة الفوضى إلى مناطق عدة، بشكل بات يهدد الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد.
في هذا الصدد هناك العديد من التفسيرات تؤكد على أن العصابة الحاكمة في الجزائر هي التي عمدت إلى الانتقام من الشعب الجزائري( عبر قطع المياه والحليب..وإشعال الحرائق و رفض المساعدات الانسانية.. ) الذي خرج يطالب بتنحيتها عن السلطة نظرا لفسادها وسطوتها على خيرات البلاد.
-أزمة تدبير مشكل البوليساريو التي تتواجد فوق أراضي جزائرية:
منذ أكثر من خمسة وأربعون سنة ومجموعة من السكان الصحراويين المغاربة محتجزون كرهائن في تندوف، و النظام الجزائري تورط في هذا الواقع الذي أصبح عبئا ثقيلا على الجزائر، فبعدما فشل هذا النظام في توظيفه(الواقع/البوليساريو) في النيل من المغرب ووحدته الترابية، رغم صرف الملايير من الدينارات في هذا الموضوع، لم يحقق النظام الجزائري أي شيئ من وراء اختلاق البوليساريو، فهو اليوم(النظام) أمام إشكالات عديدة في هذه القضية؛ فلا هو قادر على التخلي عن دعم هذه الجماعة الارهابية، ولا هو قادر على تحقيق "نتائج" عبرها، ولا هو قادر على فك الارتباط معها..، فالجزائر اليوم مطلوبة بأن تجد حلا للوضع الانساني(الذي تورطت فيه قيادة البوليساريو وجنرالات الجزائر) في تندوف، كما أن الأمم المتحدة تَعتبر الجزائر، اليوم، طرفا مباشرا في ملف الصحراء يَتَحتَّم عليه إجباريا المشاركة في إيجاد حل له.
لذلك فقطع العلاقات مع المغرب يأتي في جانب منه ك"تَكتيك" من أجل محاولة خلق شروط جديدة يسعى من خلالها النظام الجزائري إعطاء مكانة واهتمام دولي لموقفه الدنيئ والعدائي في ملف الصحراء، بعدما فقد كل بريق لخلق حالة نشاز في المنطقة.
وعليه ف"تكتيك" خلق أرضية جديدة لتدبير ملف الصحراء عن طريق قطع العلاقات وافتعال هذه الفوضى بغرض فتح المجال لكي تتدخل وساطات دولية "لرأب الصدع" و إعادة العلاقات إلى" حالتها الطبيعية"(كما يعتقد شنقريحة) يُعتبر تكتيك فاشل وباهت انكشف بشكل جلي و واضح أمام العالم.
-أزمة مواجهة وباء كوفيد19، حيث وجد النظام صعوبة كبيرة في توفير المستلزمات اللوجستية، وكذا اللقاح الضروي للساكنة للتقليل من نسبة الاصابات وكذا الوفيات في صفوف الشعب الجزائري، هذا بعدما كذب"التبون" على الشعب الجزائري بقوله أن المنظومة الصحية في الجزائر تعتبر أول منظومة في أفريقيا!.
– أزمة ضبط هرم المؤسسة العسكرية في حد ذاتها، فهي تعيش تطاحنات باستمرار بين أجنحة تريد كل منها الاستفراد بالتحكم في العسكر وفي عملية "اتخاذ القرار" في الجزائر ، وهذا يسفر عنه العديد من التصفيات كان أبرزها تصفية شنقريحة للجنرال قايد صالح!.
-أزمة العدالة: الكتيبات العسكرية الحاكمة في الجزائر لا تؤمن بدولة المؤسسات المدنية والقضاء المستقل والنزيه، وعليه فكل كَتِيبة تسيطر على الجيش الجزائري تصبح في موقع تصدر من خلاله التعليمات "للقضاء" ليُدخِل للسجن كل من يخالف تصوراتها أو يطالب بالتغيير، وكل من يعترض قضاء مآربها..، كما توجه أوامر بإطلاق صراح الموالين لها، وأبرز مثال في الاطار عودة خالد نزار..وكل من يدور في فلكه بعد تولي شنقريحة الحكم في البلاد.
-الأزمة التي أحدثتها الحرائق التي شبت في العديد من المناطق بالجزائر، خاصة في منطقة القبائل، والتي عرت سوأة النظام الجزائري بسبب انعدام الحد الأدنى من الإمكانيات المطلوبة في مثل هذه الحالات، وهو الأمر الذي يترجم قصور "التفكير" الاستراتجي العسكري، الذي يركز فقط على اقتناء الدبابات المتهالكة والتي تعود للعهد السوفيتي، مع العلم أن الاستعداد للحروب يضع في الحسبان أن يكون هنالك اندلاع للحرائق، مما يفترض معه ضرورة رصد الامكانيات لمواجهتها في كل الظروف!
هذه الأزمات،الغير المسبوقة، عجز النظام العسكري في الجزائر،تماما، عن إدارتها وإيجاد حل لها(وهذا الحل في الأصل غير موجود في مشهد كهذا وغير ممكن دون عودة العسكر إلى التكنات والابتعاد عن السياسة)، مما يعني أن هذا النظام أدخل الجزائر عمليا في خانة الدول الفاشلة والقابلة للإنهيار إن استمرت الأمور في هذا المسار.
السبب الثاني(خارجي): راهن النظام الجزائري كثيرا على ملف الصحراء من أجل تحقيق أربعة أهداف رئيسية:
-فبركة العداء مع المغرب، ومحاولة استدامته ما أمكن، مع استعمال باهت لمعطيات أديولوجية، بالية ومتجاوزة يعمل جنرالات الجزائر على توظيفها بغرض النيل من نظام الحكم في المغرب، فبهذا التوجه العتيق والمفضوح، الذي يعود التأصيل له لزمن الحرب الباردة، يسعى النظام الجزائري، و أبواقه، جاهدا إلى ضرب الاستقرار الذي يتمتع به المغرب وعرقلة مسلسل الاصلاح السياسي الذي تسير فيه البلاد.
-توظيف ملف الصحراء، واعتماده وباستمرار، كورقة لتحويل أنظار الشعب الجزائري في كل مرة تشتد الأزمة الداخلية، في الجزائر، لتنفيس الوضع الداخلي، مع الارتكاز على الايهام بأن هناك عدو دائم هو المغرب!لكن الشعب الجزائر أدرك جيدا،منذ مدة، بأن البوليساريو لا تعني الجزائريين و واعي أن المغرب ليس بعدو للشعب الجزائري والدليل أنه لم يسبق للجزائرين أن عبروا ولو لمرة واحدة شعبيا(تظاهرة مثلا)، أو مدنيا عن مساندتهم لشئ اسمه البوليساريو!، بالعكس من ذلك عبروا عن استيائهم وإداناتهم لصرف أموال الشعب الجزائري على هذا التنظيم الانفصالي ذو التوجهات الارهابية.
-التوسع إقليميا عبر إضعاف المغرب وعن طريق المساس بوحدته الترابية، لكن هذا الأمر لن يتمكن من تحقيقه النظام الجزائري ولو في الأحلام، فالمغرب أضحى قوة إقليمية مؤثرة، بعد أن صنع لنفسه مكانة متميزة على الصعيد الاقليمي كشريك موثوق به أوروبيا وله وضع متقدم(أكثر من شريك وأقل من عضو) على مستوى الاتحاد الأوروبي، واستطاع أن يحافظ على الدوام على علاقات احترام وتقدير مع اخوانه العرب. وبعد العودة إلى الحضن الافريقي وانتباه العديد من الدول الافريقية لِما كان يقوم به النظام الجزائري من تغليط لها، في ملف الصحراء، قامت هذه الدول بتصحيح الموقف وأصبحت هناك علاقات وتفاعلات قوية بين المغرب والأفارقة.
علاقات تُتَرجم، فعلا، التعاون جنوب-جنوب وتنبني على قاعدة رابح-رابح، بالمقابل وجد النظام الجزائري نفسه معزولا على الصعيد الأفريقي(ملف الصحراء يناقش حصرا في الامم المتحدة، تراجعات عن الاعتراف بالبوليساريو، قبول اسرائيل كعضو مراقب..)و لم تعد دولارات البترول، اليوم، صالحة لشراء "المواقف" و"المساندة"!.
-الامتداد عبر الصحراء المغربية، لإيجاد منفذ استراتيجي على المحيط الأطلسي، خاصة بجوار معبر 'الكركرات'، فقد كان هذا المعطى حلم استعماري لدى النظام الجزائري لكنه أنتهى للأبد بعد تأمين القوات المسلحة الملكية لهذا الجزء من التراب المغربي، منذ شهر نونبر 2020، بعدما حاولت مجموعة من المرتزقة التابعين لملشيات البوليساريو إغلاقه وارباك حركة التجارة الدولية التي تتم عبره.
بعد سنوات من "تخطيط" النظام العسكري الجزائري وبعد استخدام مختلف الوسائل الدبلوماسية وشبه العسكرية والعسكرية/البوليساريو لم يتمكن هذا النظام من تحقيق أي هدف من الأهداف الأربعة الدنيئة والحقودة أعلاه،حيث صرف الملايير في هذا الموضوع لكنه فشل فشلا ذريعا في هذا المبتغى ويَئِس في الوصول لذلك.
لذلك كان رهان النظام الجزائري على ملف الصحراء لإضعاف المغرب والنيل منه ومن وحدته الترابية رهانا خاسرا وانقلب في هذا الموضوع " السحر على الساحر"!.
فالمغرب قام بتدبير قضية الصحراء،خاصة في العقدين الأخيرين بنوع من الحنكة الدبلوماسية(دون الرجوع إلى جميع الخطوات التي اتخذت في هذا الموضوع) كان أبرزها مقترح الحكم الذاتي الذي لاقى قبولا من طرف المجتمع الدولي، حيث اعتبرته الأمم المتحدة جدي وذي مصداقية، كما جاء في قرارات مجلس الأمن المتتالية منذ 2007.
فبالإضافة إلى تصحيح معظم الدول،في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، لموقفها وتراجعها عن الاعتراف بالبوليساريو جاءت الضربة القاسمة لأعداء الوحدة الترابية بفتح العديد من الدول الافريقية والعربية لأكثر من عشرين ثمثيلية دبلوماسية، في مدينة الداخلة والعيون، لتأكيد اعترافها عمليا بسيادة المغرب على صحرائه بشكل قطعي.
ليأتي الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب كاملة على أقاليمه الجنوبية كموقف، من قوة عالمية وعضو مؤثر بشكل حاسم في قرارات مجلس الأمن ومجمل التفاعلات الدولية و كشريك تربطه علاقات استراتيجية مهمة مع المغرب، ليؤسس(الاعتراف) لموازين قوى جديدة في إطار التفاعل الذي يعرفه ملف الصحراء، والذي يذهب في اتجاه القضاء على المخططات العدوانية الجزائرية وإنهاء كل حلم انفصالي في المنطقة.
أمام هذا الفشل الذريع في حل الأزمات الداخلية في الجزائر(العسكر في الاصل ليس دوره حل الازمات السياسية والاقتصادية والتنموية..)، وكذا الفشل في توظيف ملف الصحراء لتحقيق جملة من الأهداف الضيقة الخبيثة والأنانية(كما أسلف الذكر) ضد المملكة المغربية، وجد النظام الجزائري نفسه في ورطة خطيرة يصعب عليه الخروج منها، في الوقت الراهن.
في ظل هذا الوضع المأزوم والخطير في نفس الآن ماذا يدور في "عقل" الجنرالات!؟
قد يظن الجنرالات، الشيوخ الهرمين، بقيادة الغبي شنقريحة أنهم يمارسون بعض التفكير، وقد يتوهموا بأن مشاكلهم ستحل وسيستمرون في التجبر على الشعب الجزائر بشن العدوانية على المغرب، وذلك باعتمادهم عشوائيا على "نظرية" بالية تندرج في إطار حل الازمة بإفتعال أزمة أخرى، أو على أكذوبة أن هناك عدوا متربصا بشكل دائم بمصالح الجزائر ويعاكسها باستمرار، مما يستوجب مواجهته وإن استدعى الامر التهديد بالقوة أو استخدامها!.
فتعاطي النظام الجزائري مع سياسية اليد الممدودة و رفض حل المشاكل القائمة بين البلدين كما اقترح ذلك الملك محمد السادس، يعتبر تجليا واضحا من تجليات الغباء الذي تتسم به الطغمة الحاكمة في الجزائر ودليل على عدم اسيعابهم للتحديات المطروحة على المنطقة في الوقت الراهن.
فقد كان متوقعا أن ترفع(الطغمة) من سقف العداء اتجاه المملكة المغربية ولن تكتفي فقط بقطع العلاقات الدبلوماسية، بل قد تقوم بأعمال عسكرية مباشرة ضد المغرب ولن يجد في ذلك شنقريحة حرجا، ليس لأنه شجاعا وقويا بل لكونه يحمل في قلبه حقدا دفينا تجاه المغرب، لأنه سبق أن كان في وضعية مرتزق ألقي عليه القبض من طرف القوات المسلحة الملكية في عدوان أمغالا في سبعينيات القرن العشرين.
إن خيار الدفع في اتجاه جر المنطقة نحو الحرب خيار وارد في ذهن النظام الجزائري، الذي يقوده شنقريحة، لكنه غير مبرر لا أمام الشعب الجزائري ولا أمام المجتمع الدولي، لذلك فأي حماقة في هذا الاتجاه ستعتبر عدوانا صريحا يفترض ردا قاسيا ومدمرا من المملكة المغربية في إطار الدفاع الشرعي عن النفس.
ومع ذلك فهذا الخيار/سيناريو في حد ذاته خيار فاشل لسببين أساسيين:
الأول: اعتقاد شنقريحة بأنه سيوهم الشعب الجزائري، الخارج للشارع والذي يطالب بالخبز والماء..والدمقراطية وبتنحية العصابة عن الحكم، بأن المغرب عدو وأن قطع العلاقات أو إشعال الحرب معه سيشكل مدخلا لحل مشاكل الجزائر هو اعتقاد خاطئ وفكرة بائسة ولن تفضي إلى دغدغة مشاعر الجزائريين أبدا ، فهذا "التصور" البالي يعرفه الشعب وعلى دراية به جيدا، لذلك فشنقريحة وناطقه الرسمي "التبون" لن يستطيعا اقناع أحد بهذه المؤامرة الدنيئة والمزدوجة على الشعب الجزائري وعلى المغرب!.
فمحاولة إسكات صوت الشعب الجزائري الذي يطالب بالتغيير وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية..المشروعة عن طريق تَوْتِير العلاقات مع المغرب أو حتى إشعال حرب معها، في محاول لنقل الأزمة الداخلية أو تنفيسها، هو في الحقيقة ضرب من الجنون!!.
السبب الثاني: المغرب لن يعطي فرصة لجنرالات الجزائر للعبث بالمنطقة وإدخلها في حرب مفتوحة بغرض البحث عن الشرعية المفقودة والمنعدمة للاستمرار في التحكم.
هنا لا بد أن نقول أن المغرب لا يهاب أحد فهو قوة عسكرية في أفريقيا وشمالها، والجيش المغربي بالاضافة إلى تجاربه المهمة على المستوى الدولي، خاصة على مستوى المشاركة في قوات حفظ السلام منذ سنة 1960في الكونغو (أي قبل استقلال الجزائر)، حيث يحتل المرتبة الثالثة عشر دوليا والثانية عربيا، فهو يقوم بتقديم الدعم الانساني في المناطق المضطربة، كما يحتك في تداريب ومناورات مع أقوى الجيوش في العالم(مثال مناورات الاسد الأفريقي)، إلى جانب المساهمة في ضبط مستوى الأمن على الصعيد الدولي، بما فيها شل وإفشال العديد من العمليات الارهابية عبر العالم، هذا دون الحديث عن الكفاءة والاحتراف على مستوى القيادة والقاعدة التي يتمتع بها الجنود والضباط المغاربة بشهادة العديد من المؤسسات المتخصصة في المجال العسكري على الصعيد الدولي.
إن جاهزية القوات المسلحة الملكية لا تكمن فقط في النوعية، بل أيضا على المستوى الكمي فالإمكانيات اللوجستية المتوفر للجيش المغربي والمتمثلة في امتلاكه لأحدث التجهيزات، سواء على صعيد البحرية الملكية أو فيما يتعلق بالمشاة وكذا سلاح الجو، تجعل منه قوة ضاربة في منظومة الدفاع الوطني والتصدي لأي اعتادء.
لذلك فالقوات المسلحة الملكية مستعدة ليس فقط للدفاع عن حوزة التراب الوطني، بل لردع و تدمير كل من سولت له نفسه الاعتداء على كبرياء المغرب وكرامته وحدوده.
ومع ذلك فالمغرب يمارس عملية ضبط النفس بإتقان ولن ينجَرَّ للدخول في مواجهة حربية مع النظام الجزائري( إلا إذا فرضت ذلك الضرورة القصوى)، ولن يسقط في شراك هذا المخطط البئيس الذي أصبح مسألة تبدو "حتمية" بالنسبة لشنقريحة، ومن يدور في فلكه، لإنقاذ نفسهم من الافلاس الشامل ومن الانهيار التام.
فقد كان واضحا أن النظام الجزائري، عبر العديد من المناورات والمناوشات والاتهامات، خاصة في السنوات الأخيرة، مُصِرّ على التصعيد مع المغرب(التحريض في الكركرات، أحداث العرجة، إشعال الحرائق!..الاتهام بدعم الماك والرشاد.. رفض دعوة الملك لفتح قنوات الحوار وفتح الحدود، رفض تقديم الدعم الانساني للشعب الجزائري الذي كان يحترق..) من أجل الوصل إلى نقطة اللاعودة، والتي يمكن أن تُستعمل في إطارها كل الوسائل غير المشروعة!!.
لذلك عمل المغرب على مواجهة هذا المخطط الجزائري(النظام) بحنكة وذكاء عاليين(إلى حدود الآن) و واجه التصعيد الجزائري بسياسة اليد الممدودة واقتراحِ المصالحة وتجاوز الخلافات..، لكن هذا النظام لم يتفاعل بشكل إيجابي مع ما طرحه العاهل المغربي من تصورات ذات الطابع الانساني والاجتماعي والتنموي بالأساس.. .
إن ردود الأفعال التي مارسها النظام الجزائري في هذا الإطار جعلته يؤكد طبيعته كعصابة شريرة تجنح دوما للعنف والجريمة والتدمير..، كما ظهر النظام بعد تصرفاته وتصريحاته الصبيانية الموجهة للمغرب كقزم سياسي وعسكري غير قادر على استيعاب الدروس والعبر، مما جعل أمره ومؤامراته الدنيئة تنكشف أمام الشعب الجزائري وأمام العالم.
إن المغرب يعي جيدا بأن الجنرالات في الجزائر يمنوا النفس للدخول في الحرب معه، لأنه بالإضافة إلى الخلفيات والأسباب السابقة التي توجه سلوك النظام الجزائري، فهذا الأخير يريد أن يضرب اسقرار المغرب ويروم عرقلة مسار التطور الذي تسير فيه البلاد.
لذلك تبنت المملكة المغربية منظورا للعلاقات المغربية الجزائرية ينبني أولا على احترام مبادئ القانون الدولي المتمثلة في مبدأ حل النزاعات بالطرق السلمية، وعدم استعمال القوة والتهديد بها في العلاقات الدولية ومبدأ حسن الجوار..وثانيا اعتماد سياسة الهدوء وضبط النفس وتجنب سياسة رد الفعل، وتغليب منطق الدبلوماسية على منطق الحرب والجنوح نحو السلام لإفشال المخططات العدوانية للنظام الجزائري ضد المغرب والشعب الجزائري والمنطقة ككل.
وهذا ما ذهبت فيه البيانات الرسمية للمغرب والتي كان آخرها بيان وزارة الخارجية ليوم الثلاثاء 24 غشت 2021 والذي جاء فيه "..ومن جانبها، ستظل المملكة المغربية شريكا موثوقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل، بكل حكمة ومسؤولية، من أجل تطوير علاقات مغاربية سليمة وبناءة".
هذا هو الموقف المغربي الراهن والمستقبلي في موضوع العلاقات المغربية الجزائرية، فبالاضافة إلى غلق كل المنافد على النظام الجزائري، الذي يعمل جاهدا على نسف كل جهود التنمية المشتركة وتعميق أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين، للإستمرار في التسلط ونهب ثروات الجزائريين الأحرار، فالمغرب كان ولايزال وسيبقى يحترم المشترك بين الشعبين من روابط الأخوة والدم والنسب والدين والعرق والجغرافية.. بناء عليه فبِمنطق العقل والحكمة سينتصر المغرب على النظام الجزائري وسيربح تلك "الحرب المفترضة"- دون أن يخوضها-التي يحاول الجنرالات الجزائرين إظهار أن الضربات الأولى في طبولها بدأت تدق!.
أكيد أن قطع العلاقات المغربية الجزائرية ستنهي فكرة تطوير المغرب العربي، المعطل أصلا منذ تأسيسه، لكن لن يكون له(قطع) أي تدعيات على الاقتصاد المغربي وتطوره.
بالمقابل فبقطع الجزائر لعلاقتها مع المغرب يكون النظام الجزائري قد دشن لنفسه بداية النهاية، فالحدود مغلقة والعلاقات مقطوعة مع المغرب وهذا الأخير لن يُجَر لأي حرب، ففي المستقبل لن يجد الجنرالات ما يبررون به فشلهم في تدبير الازمات الداخلية للجزائر، وفيما ينتجونه من سياسات عدائية تجاه المغرب"العدو"! ومن ثمة سيجدوا أنفسهم في نفق مظلم ستَتَفجر في إطاره المواجهات وتصفية الحسابات والانتقامات بين الجنرالات لكي يُعاد إنتاج نفس السيستيم وتظهر طغمة أخرى لتعبث بالشأن الجزائري وتعاكس مصالح الجيران من جديد!!.
هكذا ستستمر طبيعة العلاقات بين المغرب والجزائر، محكومة ب"منطق" "لاسلم و لا حرب"،(وهذا ما تستفيد منه القوى الكبرى) إلى أن يتمكن الشعب الجزائر من إرغام العسكر على العودة إلى التكنات، ويقوم ببناء مؤسسات ديمقراطية، قادرة على حل الأزمات الداخلية ونسج علاقات قوية مع المغرب تكون مؤسَّسة على مبدأ حسن الجوار، والتقدير المتبادل، واحترام الوحدة الترابية.. فهذه المبادئ تشكل ممرات إجبارية إلى كل تعاون حقيقي بين الجانبين ومدخل لابد منه لقيام أي تنمية وتطور في المنطقة المغاربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.