في سابقة خطيرة توضح درجة العداء الكبير التي يحملها النظام الجزائري تجاه المغرب، نشرت مجلة الجيش التي تصدر عن المركز الوطني للمنشورات العسكرية، ويشرف عليها الجنرال سعيد شنقريحة، عددا يتضمن سبع صفحات من بين 72 صفحة، زيادة على مقاطع في افتتاحية المجلة كلها هجوم عدائي على السيادة المغربية والوحدة الترابية للمغرب. وهكذا أوردت مجلة الجيش في افتتاحيتها التي وضعت لها عنوان " التغيير لارجعة فيه"، إشارة إلى أن الدبلوماسية الجزائرية شرعت مرة أخرى مع تبون وشنقريحة في حربها ضد المغرب بإعلان أن موقفها "ثابت وراسخ " من قضية الصحراء بدعمها البوليساريو. وتعود المجلة بعد هذه الافتتاحية التي عبرت بوضوح أن أحد الأولويات الجزائرية هي العداء للمغرب، إلى تخصيص ملف كامل أعده المدعو "ب بوعلام"، وهو أحد القيادات العسكرية، ملف خطير حول قضية الصحراء يصف المغرب بأوصاف تُعد في القانون الدولي تهديدا للأمن والسلم الإقليميين، وتهديدا للسيادة المغربية، أوصاف بعبارات تتجاوز كل القواعد المتعارف عليها في العلاقات الدبلوماسية وعلاقات حسن الجوار. ومن المفارقات الغريبة أن النظام الجزائري الذي اعتاد الكذب على الجزائريين، مثل الكذبة التضليلية الأخيرة حول شكاية مزعومة أمام المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، عاد مرة أخرى للكذب على الجزائريين بتحريف مضمون الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لسنة 1975، واستعمال توصية الجمعية للأمم المتحدة رقم 1514 لسنة 1960، التي لاعلاقة لها بنزاع الصحراء، لأنها تتعلق بوضعيات سابقة عليه، أكثر من ذلك أن قيمتها القانونية غير إلزامية، فالتوصيات غير ملزمة، والمرجعية القانونية اليوم في ملف الصحراء هي قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007. وفتحت مجلة الجيش الجزائري صفحاتها لأحد أعضاء البوليساريو لينشر بعض مقاطع من مقاله، وهي إشارة واضحة تزيد من تثبيت تصريح الرئيس عبدالمجيد تبون في أحد حواراته مع صحافة بلاده، لما اعتبر أن البوليساريو شأن جزائري داخلي، فالكتابة والنشر في مجلة الجيش الجزائري ليست مفتوحة لكل الجزائريين وإنما مفتوحة فقط للجزائريين العسكريين أو المحسوبين على المخابرات العسكرية وأضيف لهم كتاب من مليشيات البوليساريو، الذين بات لهم حق النشر والكتابة في مجلة الجيش التي يشرف عليها الجنرال سعيد شنقريحة، وهذا تحول ناتج عن علاقات شنقريحة بقيادات البوليساريو وخاصة بالبوهالي. وأجرت مجلة الجيش حوارا تضمن العديد من العبارات العدائية للمغرب، حوار مع المدعو مصطفى صايج الذي تقدمه المجلة كمدير للمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسيةذ، ويعد المدعو مصطفى صايج أحد المقربين من الجنرال توفيق مدين، حيث كانت له أدوار إعلامية وداخل الجامعات خلال إدارة الجنرال توفيق مدين للمخابرات الجزائرية، ويبدو من خلال هذا التصريح للمدعو مصطفى صايج أن رجالات الجنرال توفيق مدين بدؤوا في العودة إلى الإعلام الجزائري وإعلام الجيش، وتفسر هذه العودة الدور الذي بات يلعبه الجنرال توفيق مدين من جديد بعد إطلاق سراحه خلال فبراير الماضي، واسترجاعه لدوره في نظام الحكم الجزائري إلى جانب شنقريحة الرئيس الفعلي للجزائر، فالجزائر اليوم باتت محكومة برئيس عسكري هو سعيد شنقريحة ومستشاران رئاسيان هما الجنرال توفيق مدين والجنرال المتقاعد عبدالعزيز مجاهد، يعملون على تصفية تركة الجنرال القايد صالح، ويتركون عبدالمجيد تبون يلهو مع شيء اسمه دستور يخفي عودة النسخة الثانية من الدولة العسكرية الجزائرية، دستور تبون الذي بات الجزائريون يطلقون عليه آسم "دستور عام كورونا". *عبدالرحيم المنار اسليمي رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني