أكاد أن اسقط مغميا علي من الضحك، و في بعض الأحيان من الغيظ عندما أسمع بعض الأشخاص يتحدثون عن قوة الانتماء إلى هذا الوطن و يزعمون أنهم أكثر وطنية من الآخرين، وأنهم يخافون على مصلحة الوطن أكثر من غيرهم على الرغم من كونهم يتحدثون بلغة غير العربية التي يقال عنها أنها اللغة الرسمية للمغرب. "" من خلال قراءاتي الكثيرة في موضوع اللغة و علاقتها بالإنسان، فقد وجدت أن جميع الفلاسفة و المفكرين واللسانيين قد أثبتوا بما ليس فيه شك أن اللغة تعتبر مظهرا من مظاهر الهوية إن لم تكن أهمها، كما أنها تحدد الانتماء الفكري، العقائدي و الوطني لأي كائن بشري. فالإنسان الذي يريد أن يؤكد انتماءه لوطن ما فإنه يتحدث بلسانه في جميع الظروف و المناسبات، ولا يتحجج بمقولة أن الآخر لا يفهم لساني و لغتي.وإذا تعذر أمر التواصل، فإنه يتم اللجوء إلى الترجمة.و لست أشك في أنكم عرفتم الرسالة التي يتم تمريرها من خلال هذه العملية"أي الترجمة"، إنها تقول إننا على نفس القوة لهذا كل يتشبث بلغته. من هذا المنطلق نشاهد أن أغلب الدول تطالب، بل تؤكد على مسؤوليها أن يتحدثوا بلغتهم الرسمية في جميع المناسبات الرسمية إلا في بعض الحالات الاستثنائية و هي قليلة. أما في بلدنا العزيز فحدث و لا حرج.عقدة اللغة متأصلة في مسؤولينا و مثقفينا. أحيانا يتلعثمون عند نطق العربية ،و ياحسرة! هي اللغة الرسمية لهذا الوطن، ويحصل هذا المأزق أمام كاميرات العالم أجمع، بينما تجدهم يتحدثون بسلاسة لغات أخرى عديدة خاصة الفرنسية، فتكاد تجزم أنك في بلد أخر غير المغرب. الطامة الكبرى أن العدوى انتقلت كذلك الى لهجتنا. فغالبية المغاربة يتقنون اللهجات العربية الأخرى و يجدون أنفسهم يتحدثون مع كل العرب بلهجاتهم و لا يبادرون الى فرض لهجتهم بدعوى أن لهجتنا صعبة على الفهم. فهل هذا عذر؟ لو كان المغاربة يفتخرون بإنتماءهم لأجبروا الآخرين على فهم لهجتهم ، لكن نحن نتساهل في كل شيء لهذا لا أحد يهتم بلهجتنا.و في هذا هم يتفوقون علينا و لهذا السبب أحترم المشارقة عموما و المصريين خاصة الذين لا يتوانون في الحديث بلغتهم و لهجتهم المصرية في جميع المحافل. لست أدعو إلى هجر تعلم اللغات، فقد قال الرسول "صلى الله عليه و سلم:" من تعلم لغة قوم أمن مكرهم". بل إنه علينا حتى إتقان اللغات و الاستفادة من جميع الأمم لأجل صالح الوطن، لكن في نفس الوقت لابد من رد الاعتبار إلى لغتنا العربية و لهجتنا المغربية، لأن في قوتها قوتنا و قوة انتماءنا للوطن و في ضعفهما ضعفنا و استلابنا و اغترابنا. وعلينا نحن كمغاربة أن لا نسمح لأحد أن يكذب علينا و يضحك على ذقوننا. أيها المسؤولون، أيها المثقفون، أيها الفنانون ,انتم أيضا أيها الشعب:" لغتنا الرسمية في دستور المملكة هي العربية فتحدثوا معنا بالعربية،.وإذا لم تستطيعوا التحدث بها، فطالبوا بتغييرها من الدستور عندها فقط يمكننا إعطاؤكم العذر، أما الآن فلا". إن المواطنة الصادقة ليست شعارات فقط، بل أفعال. و التشبث بلغتنا الرسمية هي أول و أسمى مظاهر المواطنة فلا تنسوا ذلك. [email protected]