أولا:قاسم الاعتدال بين التطرف وصدق المقال على إثر المقال الذي الذي سبق وقد نشرته تحت عنوان "مزاعم أمازيغية ما لها وما عليها http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=14925 "وبعد مرور فترة ليست بالقصيرة والهينة فقد كنت أظن أن شريطه قد انمحى وأصبح أثرا بعد عين ،لكنه و بالملموس والواقع قد يبدو أن التفاعل مع المقال مازال قائما والانفعال مازال متجددا كما أن نوع قراءته والعين التي باشرته ورصدت حروفه وكلماته هي نفسها العين التي عالجته لحد الآن من غير أن تتغير أو تتراجع أو تطور منهج القراءة والتحليل. كل هذا قد ينمي لدي قناعة بأن المقال قد كان جادا وصارما وصادقا في طرحه هذا من جهة ،نومن أخرى فقد كان متشددا وجريئا مستفزا إلى حد ما ،ومن غير تردد أو تحفظ،لحد أن البعض قد تناول أفكاره من قراءة عنصرية وخلفية عرقية متأججة مما أفرز لديهم نزعة مفرطة في السباب والقدح واللتنقيص والتهويل والتجهيل لصاحب المقال وللعرب وللموضوع برمته. فلقد كانت هذه الردود بالنسبة إلي –وأقولها بصدق –جد مهمة ونجاحا كبيرا في جس نبض جمهور القراء من جميع الشرائح والاتجاهات والعرقيات ،نسواء من طرف المتعصبين الأصليين للمسألة الأمازيغية على اختلاف خلفياتهم أو من المتعاطفين معها بموضوعية ورصانة طرح أو من المتعصبين الآخرين ضدها أو من المحايدين في نظرتهم إلى إشكالية اللغة وصلتها بموضوع الأقلية والأكثرية. لكن أغلب الردود قد كانت من طرف المتعصبين للقضية الأمازيغية تعصبا ،قد لا نجد له نظيرا سوى لدى فئات ممن ينتسبون إلى جماعات من يسمون بالسلفية في عصرنا،وهذه ميزة إيجابية لدى هؤلاء وأولئك قد يحسدون عليها بالنسبة إلى غيرهم من الفئات الأخرى التي قد تفقد الغيرة على مبادئها وتوجهاتها لحد التميع والتلفع والتصنع،لكن العيب في هذا الموقف هو أنه قد يطغى عليه الانفعال وسوء الخلق فتضيع في إعصاره الحقيقة ... هذا التعصب قد وصل إلى حد السباب العلني والقدح الفظيع والقذف المتفحش لحد التهديد بالخروج من العقيدة والتنكر للوطنية برمتها وأنماطه،منها ما نشرته جريدة هسبريس في التعليقات ومنها ما قد وصلني وما يزال عبر الإيميل،بل قد وصل الحد ببعض المتعصبين إلى سب الدين ونكران انتمائهم إلى الوطن والأمة ،حتى أنه قد راسلني أحدهم ب:vive Israel ,vive l'Amerique ! . فكان هذا النوع من الردود مهما جدا ومؤكدا لي بأن الرسالة قد وصلت ساخنة إلى ذوي الخلفيات التي تعمل ضد المصلحة والوحدة الوطنية ناهيك عن الخلفية العقدية المناهضة للإسلام ومبادئه السمحة والموحدة للشعوب والقبائل. فلقد أثارتني هذه الانفعالات لحد الضحك بقهقهة مريرة وأسف وإشفاق على مثل هؤلاء المراسلين االجاهلين أو المتجاهلين للحقيقة، والذين قد يضعون وهم العرقية وخربشات اللهجات اللفظية فوق مسألة الهوية و العقيدة الدينية والمصلحة العليا للوطن والمواطنين.بحيث قد لايمكنني الجزم بأن هؤلاء المتهجمين هل هم من وطنية مغربية إسلامية أم أنهم من أصول صهيونية متلفعة ومترصدة ضدا على مصالح الشعوب ووحدتها أم من خلفيات علمانية ملحدة وذات عطالة فكرية واستلاب كلي.... وفي نفس الوقت فقد وصلتني من بعض الإخوة الأمازيغ رسائل محترمة وتعابير منظمة وبالعربية الفصحى وهي تحمل في طياتها نسائم الاستعداد لقبول الحوار الجاد والتحليل العلمي حول المسألة،وفي طيات أخرى قد يوجد نوع من العتاب واللوم الذي قد أقبله بصدر رحب ،بل ربما كان لديهم تحميل لكلامي في المقال معاني وتفاسير لم أقصدها ولم أكن أريد أن تصل حمولته بالشحنة التي تلقاها البعض بالانفعال المبالغ فيه مع ضيق أفق التفكير الرصين والموضوعي حول مسألة إنسانية وأدبية اجتماعية وتاريخية لغوية... فلقد طالبني بعض الإخوة الأمازيغ بأن أتراجع عن بعض أفكاري التي طرحتها في المقال حتى يتم التواصل معي أو بالأحرى مع مقالاتي المتواضعة ذات التنوع الموضوعي ،وهذا المطلب يحترم ويقدر من جهة ،ومن أخرى فقد يكون غير موضوعي إلى حد م، وذلك حينما نربط العلم بالأشخاص ونقيم المقالات بالانفعالات ونجعل المبادئ مرتعا للمساومات والتنازلات.كما أنه من الصعب أن ننسلخ من ذاتيتنا لنؤسس موضوعيتنا اللهم إلا إذا سلكنا تحقيقا مجردا ونقدا ذاتيا صوفيا صافيا ومتساميا وليس بالمعنى الطرقي التقليدي الضيق والذي قد يختلط فيه مسلك القلوب بقصر العقول وأهواء النفوس وضغط الانتماءات. وإنه لتعبير جميل هذا الذي قد لخص به أبو حامد الغزالي مبدأ الموضوعية والتجرد العلمي حينما قال بأنه لا ينبغي أن يعاف من العسل لوجودها في محجمة الحجام"مستندا في هذا إلى مقولة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه :"لا تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف أهله". فهذا المبدأ هو مسلك العلماء وطالبي الحقيقة من أجلها ومن غير ربطها بأحوال زيد أو عمرو،وهو مما قد يصعب على العلماء أنفسهم بله العامة وأنصاف المثقفين أن يتقيدوا به وذلك نظرا لقصورأنظارهم ولعصاب وانسداد آفاق ومسالك أدمغتهم. من هنا أقول : لست هنا بصدد تزكية نفسي بأن الرجوع إلى الحق فضيلة ،وهو مبدئي ،وطلب الصواب هو مذهبي ومسلك المحبة والمودة مشربي، مما قد يعلمه عني جيدا طلبتي ممن أدرسهم بشكل مباشر في المدرجات وقاعات الكليات،حتى إنني في بعض الأحيان قد أنتقد نفسي أشد من انتقادي لغيري لحد أن أصفني مرة بالبليد والغبي والساذج والمتسرع... وكثيرا ما قلت معلومات خاطئة في درس ما فأمر عليها من غير انتباه ثم أراجع نفسي لحد التأرق، وبعد البحث في المصادر أعود لأخطئ نفسي أمام الطلبة من غير تحرج أو تكبر ،وذلك لكي لا أقع في دائرة الغش العلمي والذي هو أسوأ من كل غش ،لأنه قد يؤدي إلى غش الوطن والأمة والحقيقة نفسها... إن الأفكار التي طرحتها في مقالي هذا ،والتي قد تبدو مستفزة من غير قصد حول مسألة الأمازيغية ، لم تكن سوى جس سريع للنبض وتحريك للأفكار وامتحان للمبادئ ومدى تجدر العصبيات في النفوس ،وبالتالي فهو سبر ميداني للخلفيات والحركات التي قد تقف وراء المؤيدين والمساندين تعصبا لفرض الأمازيغية بالقوة وباسم الأصالة والعرقية والأسبقية التاريخية ...أو التي تقف وراء إقصاء الأمازيغية من الساحة الثقافية المغاربية إقصاء عنصريا قد لا يتوافق مع مبادئ الإسلام الحنيف ولا مع المعطيات الموضوعية للدراسات النفسية والاجتماعية والتاريخية للشعوب...والهدف الرئيسي من هذا هو التنبيه قوة على ضرورة حماية الوحدة الوطنية والحيلولة دون تكريس التفرقة والعنصرية بأشكالها المتضادة،وهذا في غير مصلحة الجميع طبعا !. وبهذا فقد تبين لي كاستنتاج أولي بأنه قد يوجد فعلا تطرف من كلا الجانبين حول المسألة لو تعقبنا خطوات أحدهما أو كلاهما بجزافية لأغرقنا مجتمعنا في مجادلات عدوانية وإقصائية ولأصبحنا نتخبط من حيث لا نريد في وحل سفسطة عقيمة وإشكالية: هل الدجاجة قد سبقت إلى الوجود أم البيضة ؟ كما سنصير مقلدين تقليد الفروج للديكة فيما وصفت به السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أحد أفراد عائلتها من الصحابة حينما سألها عن مسألة ليست في متناول فهمه أو مستوى وعيه بأنه :"كالفروج يسمع الديكة تصيح فيصيح معها !" من دون أن يعرف سبب وخلفية هذا الصياح،ولم لا فقد ننهق كنهقة الحمار تقليدا ولا ندري أنه كان قد رأى شيطانا !!! من هنا فكثير ممن ردوا على مقالتي سواء بعنف أو هدوء مشوب باللوم والعتاب ربما قد وقعوا فيما وقع فيه هذا الفروج البريء،بحيث قد كانت قراءتهم متسرعة وذات جلبة ووقفاتهم انتقائية عند محطات حادة من المقال وهي ذات الصيغة القريبة من العامية العربية والأمازيغية كأمثلة واقعية ،ومن ثم فقد خرجوا باستنتاج خاطئ وهو:إن بنيعيش ذو نزعة عنصرية وإقصائية وطائفية أو أنه جاهل بالواقع المغربي وبعيد عن الساحة الوطنية وتفاعلاتها وكتلها.وهذا كله خطأ وإسقاط قد يكذبه الواقع والسلوك الذي ينهجه عبد ربه في واقعه العملي وسلوكه الخاص تجاه كل الطوائف والعرقيات وأنماط اللغات والمجتمعات وانفتاحه على الجميع رغم حدة النقد للجميع ! بحيث "ّلم يترك الحق لعمر من صديق". ثانيا: قاسم الاختلاف وواقع التوحد الوطني لم يتفطن بعض القراء إلى جوهر و زبدة الموضوع الذي عبرت عنه ضمنا أو صراحة بأنه قد لا يوجد في المغرب عربي مائة بالمائة ولا أمازيغي مائة بالمائة ،شأن الفريقين مثل التنوع الجنسي البيولوجي في المجتمع الإنساني كما عبر عنه أحد الباحثين بأنه:لا يوجد رجل مائة بالمائة ولا امرأة مائة بالمائة ،وذلك لأن الرجل قد يحتوي على هرمونات جنسية ذكورية وأنثوية والمرأة تحتوي بنفسها على نفس الهرمونات مزدوجة، ولكن الفرق قد يكون بحسب نسبة الهرمونات الموجودة قلة أو كثرة عند كليهما،بحيث الهرمون الذكري أكثر عند الرجل و الأنثوي أكثر عند المرأة، وهذا هو السر في تحقيق التزاوج بينهما وتناسلهما وتوحدهما. من هذه القاعدة ومن خلال القواسم المشتركة فلقد امتزج واقعيا الدم العربي بالدم البربري أو الأمازيغي منذ قرون وتداخلت الدماء والأرواح وتعادلت هرمونات العواطف والعادات وتحاككت التعبيرات واللهجات فاقتبست هذه اللغة من تلك وهذه اللهجة من أخرى وتوحدت بهذا المزيج الجميل والمتكامل الوحدة الوطنية والوحدة الأسرية من غير قابلية للانفكاك أو التشرذم،في حين ورغم هذا التداخل اللغوي والاجتماعي فقد بقي الجميع متمسكين بلغة دينية موحدة للأرواح والأبدان ألا و هي: لغة القرآن والحديث النبوي الشريف . وهنا قد نجد مربط الفرس في تقييم مطالب كل من يريد للأمازيغية أن تصبح رسمية وقارة وبالنسبة أيضا لمن يريدون أن يقصوها بالكلية .فالمسألة الدينية هي جوهر الخلاف لا غير ولغة القرآن هي صلب الصراع في الرفض أو القبول ،وليس لموضوع القومية وصراع المواقع بالألفاظ واللهجات قيمة تذكر في ميزان الحقيقة والعلم الخالي من الخلفيات السياسية والإيديولوجيات الفئوية الضيقة سواء عند من يسمون أنفسهم بالعرب أو الأمازيغ على حد سواء. لكن حين يسلم الجميع باحترام هذه اللغة التي ليست بإقليمية ولا جهوية ولا عنصرية رغم أن ألفاظها مرتبطة شكلا وحروفا بلغة العرب كقوم وجهة وعنصر ،فحينئذ قد يزول الإشكال ويسلم لكل ذي لغة بلغته ويقدر لكل ذي لهجة لهجته. ولتأكيد صدق موقفي وثباته عبر مسيرتي العلمية فقد أطالب القراء الكرام بأن يطالعوا كتابي المتواضع الذي قد صدر حديثا عن دار غراب للنشر والتوزيع بعنوان:"الفكر السلوكي عند ابن حزم الأندلسي"وأيضا كتاب :"التجديد في دراسة علم التوحيد"الصادر عن دار الكتب العلمية بيروت.بحيث قد تناولت وخاصة في الكتاب الأول المسألة اللغوية بمنهجية علمية محايدة وهادئة ،مؤيدا آراء ابن حزم في تقييم اللغات ومؤسسا لما سيعرف بعلم النفس اللغوي والبرهان العقدي للتواصل قد يضاهي فيه آراء إيريك لينبرغ وتشومسكي وغيرهما ،أقتطف هذه الفقرة من آرائه بحسب مناسبة الموضوع حول تفاعل اللغات والقواسم المشتركة بين اللهجات حيث يقول: "إلا أن الذي وقفنا عليه علما يقينا :أن السريانية والعبرانية والعربية هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير،لغة واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها فحدث جرش كالذي يحدث من الأندلسي ومن الخراساني نغمة أهل القيروان ومن القيرواني إذا رام نغمة الأندلسي ومن الخراساني إذا رام نغمتها.ونحن نجد من سمع لغة فحص البلوط وهي على ليلة واحدة من قرطبة كأن يقول إنها لغة أخرى غير لغة قرطبة ،وهذا في كثير من البلاد فإنه بمجاورة أهل البلدة بأمة أخرى تتبدل لغتها تبديلا لا يخفى على من له تأمله"(ابن حزم:الإحكام في أصول الأحكام مطبعة السعادة مصر ط1ج2ص31). بل قد ذهب إلى عدم التسليم بمزاعم أفضلية لغة على أخرى ولو كانت في شكلها وإيقاعها مثل صوت أو نقيق الضفادع وذلك باعتبار اللغة مجرد أداة للتعبير عما هو في الذهن أو المرئي في الخارج.وهذا المبدأ سليم وصحيح إلى حد ما حينما ينظر إلى اللغة البسيطة وغير المتطورة والمقعدة، لأن كل شعب أو مجتمع ينبغي أن يتواصل بحسب ما تكون لديه من رصيد اصطلاحي متراكم عبر التاريخ والعادات والتقاليد والممارسات... ثالثا:قاسم المساواة وتفاضل المستويات فالأمازيغية من هذا المنظور قد تتساوى مع جميع اللغات الموجودة في الأرض باعتبارها أداة للتعبير لا غير ،ولهذا فلا يحق لنا نحن كمغاربة بالدرجة الأولى احتقارها أو إقصاءها من التداول، لأنها لغتنا الوطنية ومن مكونات مجتمعنا رغم اختلاف نسبة حضورها في هذه المنطقة أو تلك ،كما لا يحق لغيرنا الطعن فيها بمجرد الطعن وذلك لاعتبارات تاريخية وإنسانية وأنتروبولوجية واقعية لا يمكن إنكارها.في نفس الوقت فقد لا يحق للاهجين بها أصالة أو تقليدا أن يفرضوها بالقوة والمزايدة الذاتية والسياسية الحزبية الضيقة على غيرهم ممن لا يحسنون الحديث بها من منطلق القوة والإجبار القانوني وعن طريق النظام الرسمي ،وهذا هو مربط الفرس الثاني والجوهري في المسألة والذي عليه كنت أتمحور في مقالي السابق حول الأمازيغية. فسواء سمينا الطائرة ب:فرفارن قصدارن أو غير ذلك من التعابير عند الإخوة الأمازيغ،والتي قد اعتبر الكثير منهم طرحي لها كمثال بمثابة استفزاز مني وسخرية،وهذا خطأ في التقدير والقراءة ،لأننا هنا في مقام الجد ليس إلا،وسواء سميت ب:"جلوبو" globo عند جبالة في شمال المغرب أوavion في اللغات الغربية فليس هناك فرق في القيمة وأفضلية في التعبير والتصور،إذ لا مشاحة في الاصطلاح كما يقول علماء الأصول، طالما أن المعنى قد فهم والإشارة قد وصلت ودلت. بالمناسبة وتجسيدا لهذه التحليلات المتواضعة فقد لا أخفي رغبتي وميلي إلى تعلم الأمازيغية بشكل منظم رغم حضورها كنتف اصطلاحية في تداولي العادي وهذا ما قد أصرح به لدى بعض إخواني من الأمازيغ وكذلك طلبتي، وذلك لأن تعلمها قد يزيدني بلا شك ثروة لغوية واصطلاحية جديدة وتوسعا في إدراك خصائص نفسية وأعراف وتقاليد مجتمعنا المغربي الأصيل والمتنوع الثقافات والجبال والمنحدرات والهضبات... كما أن تواصلي مع الإخوة الأمازيغ من سوس والريف قد يكون أكثر إفادة واستئناسا بهم من غيرهم في كثير من الأحيان،وأكثر ما أجد هذا التواصل بغير حواجز ولا حساسيات أو نزعات طائفية وعرقية عندما أكون معتكفا روحيا في شهر غشت بالزاوية القادرية البودشيشية بمداغ منطقة بركان.بحيث قد تربطني بهم علاقة أخوية جد قوية وصافية صفاء عيون جبال الأطلس والريف ،حتى إنني قد أعتبر - كتقييم شخصي - أن المريدين المنحدرين من المناطق الأمازيغية وخاصة جهة سوس من أحسن مريدي الطريقة خلقا والتزاما وتواضعا وانضباط عمليا،وبالمقابل فهم أيضا قد يكنون لي ولكل منتمي إليها نفس التقدير وبنفس الروح والشعور والحال مما قد يلغي كل مظاهر العرقية والتناقضات أو الاختلافات اللغوية... هذا باختصار ما أردت أن أستدرك به هذا الموضوع مع إضافة كلمة قصيرة وهي أن اللغة سواء كانت عربية أو أمازيغية أو فارسية أو فرنسية قد لا يستطيع أن يلغيها كلية بهواه أيا كان ولا أن يفرضها بقواه أي حاكم أو تيار وسلطان لأنها مسألة توقيفية أكثر منها توفيقية وقضية كونية أولى منها سياسية . فمهما حاول مستعمر أو غاصب أو عنصري مستبد أن يمسح الألفاظ من تداول الظاهر فلا يستطيع أن يبيد أفكارها وذهنياتها المنحوتة في الباطن ،ولكن التداخل هو الحاصل بالضرورة والحماية لكل لغة قد تكون بحسب قوة أهلها وتماسك اللاهجين بها علما وسلوكا وحضارة وممارسة وهنا سر موت أو حياة اللغات. فالاضطهاد والظلم والحاجة والمذلة والسخرة قد تميت الخواطر- على حد تعبير ابن حزم الأندلسي-وفي هذا تأثر نفسي واضح وشعور بالإحباط،وعند موت الخواطر يتقلص مستوى الإبداع اللغوي، وفي هذه الحالة لم تبق هناك قوة لربط المعلومات بعضها ببعض وإحداث تشكيلة مناسبة للعصر ومتطلباته فحينئذ تندثر العلوم وتبيد.والله مؤلف القلوب والشعوب ومشكل اللهجات في الحاضر ولما هو آت. [email protected] mailto:[email protected]