على الرغم من الحمولة الإيديولوجية التي تحملها اللغة - أية لغة- وعلى الرغم من المكانة الهامة والخطيرة التي تحتلها في أعلى هرم الأنساق الفكرية والسوسيولوجية، فإنه، وعبر تاريخ البشرية، لم يتجرأ فرد أو جماعة بشرية على وصف واعتبار لغتهم لغة سامية - من السمو- أو وسيلة للتقديس، وبالأحرى الزعم والإدعاء بكونها هي محل هذا السمو والتقديس، كما قال العرب عن لهجتهم القرشية التي وسموها ب "اللغة العربية المقدسة الشريفة". إن اللغة، أية لغة، في أصلها، وعند كل الناس الأسوياء، مختصين أو عامة، أثناء حديثهم عن دورها ووظيفتها، وللتعريف، يقولون: إن اللغة أداة لإثبات الذات والوجود، ووسيلة للتفوق وانتزاع الاعتراف من الأخر بهذا الوجود، كما هي أداة للتواصل والتعارف والتنمية والعمران.. وبإلقاء نظرة خاطفة وسريعة على مسار وقصة نشأة وتطور اللغة القرشية /العربية، سنجدها وبمقاييس الزمن، لغة حديثة وناشئة، بل ومركبة ومصنعة، كانت في أصلها عبارة عن عشرات اللهجات القبلية التي كان يتحدث بها أعراب شبه الجزيرة العربية الواقعة بين الخليج الفارسي والبحر الأحمر، وكانت – ولازالت - تمتاز بالاختلاف الواضح والكبير بينها في الألفاظ والنطق والمعاني، كما كانت كسائر اللغات في البداية شفوية، تورث جيلا عن جيل، ولم يعرف العرب الكتابة إلا في القرون القليلة الماضية، متأخرين في ذلك عن غيرهم من الشعوب التي جاورتهم أو عاصرتهم، من عبريين، ترك، فرس، كرد، أمازيغ، إثيوبيين، اريتريين، فينيقيين وغيرهم.. إلى أن قام العرب، وفي "ظروف غامضة"، وفي غفلة من الزمان وأهله بواحدة من أكبر عمليات السرقة الأدبية والسطو والقرصنة الفكرية في التاريخ، عندما عمدوا إلى الإستحواذ على الخط الآرامي القديم.. أ ب ج د ه و ز.. الخ بعدما اقتضت دورة الحياة وسنة الكون أن "ينقرض" الآراميون وتندثر معالم حضارتهم - إلا فيما نذر وقل منها، لحدود اليوم- وأخذ منهم العرب هذا الحرف ونسبوه إليهم وسموه هو الأخر ب"الحرف العربي المقدس الشريف" و تدبروا قصة نسبة الآراميين للعرب - الآراميين ليسوا عرب كما يدعي العرب- وهكذا بدأت بوادر ميلاد ما يسمى اليوم ب"اللغة العربية"، بدأت شفوية ثم أضافوا إليها الحرف الآرامي، ثم انتظروا إلى أن جاء العهد العباسي الذي عمد إلى تقعيد ومعيرة هذه اللغة، ولكن بأيدي وعقول غير عربية.. فارسية وآسيوية وأمازيغية، حيث أبو الأسود الدؤلي، وسبويه، وأبو عبيدة، وأحمد الفراهيدي، وفيما بعد المغربي الأمازيغي ابن أجروم صاحب " الأجرومية"، هذا دون أن نغفل الإشارة إلى أنه قبل العهد العباسي كانت عملية تدوين"القرآن" في عهد عثمان بن عفان، وقصته مع اختلاف لهجات قبائل العرب، وطرق نطقهم ومعاني المفردات عندهم، بالإضافة لمشكلة الخط الآرامي الذي لم يكن لا مشكلا ولا منقطا، ثم قراره بدعم من اللوبي القرشي، ومن ورائهما الأوليكارشية المكية الحاكمة التي رجحت كفة لهجة قريش على غيرها من اللهجات والقبائل لأسباب سياسية واقتصادية و"تسلطية"، أكثر منها لأسباب علمية ومنطقية، وهكذا حكم عثمان بن عفان واللوبي القرشي بالإعدام على العشرات من اللهجات العربية، قرينات ومنافسات القرشية، وأصبح الكثير منها في خبر كان، واضمحل دور وأهمية من بقي منها، بعدما تم تتويج "لغة قريش" لتصبح رسميا حاملة لصفة "اللغة العربية".. طبعا .. "المقدسة الشريفة" ؟.. وفي هذا الصدد يقول علماء اللسانيات وفقهاء اللغة: "إن الفرق بين اللغة واللهجة، هو إن اللغة ما هي إلا لهجة حظيت سياسيا" مع التأكيد على كون مفردة "لهجة" مستخرجة من قاموس السياسة والإديولوجية، لا من مختبرات ومشرحة اللسانيين، وهذا ما ينطبق على اللغة القرشية/العربية، التي حظيت سياسيا، دينيا، عسكريا، واقتصاديا، وهذا ما سارت عليه العديد من اللغات التي لم تكن في بداية أمرها سوى لهجات معزولة قبل أن تصبح لغات عالمية، كما هو الشأن بالنسبة للغة الفرنسية التي لم تظهر في السوق اللغوية العالمية إلا قبل 300 سنة فقط، أي قبيل الثورة بعقود قليلة، عندما تم تتويج أحد أبناء قرية صغيرة في شمال فرنسا، تسمى ملكا لفرنسا ما قبيل الثورة، فلاحظ أن إمكانية التواصل بينه وبين Village de France أعضاء المجلس الوزاري والهيئات الحكومية وهيئة المستشارين تكاد تكون منعدمة، نظرا لتعدد واختلاف اللغات واللهجات التي يتحدث بها أعضاء هذه الهيئات، بسبب اختلاف المناطق التي ينحدرون منها في بلاد الغال "فرنسا حاليا"، ونفس الأمر تكرر مع ما يسمى اليوم عند العقلية المركزية التوحيدية في مدريد ب"اللغة الاسبانية"، إذ لا وجود في واقع الأمر لشيء اسمه اللغة الاسبانية، وإنما اسمها الحقيقي هو "اللغة القشتالية"، هذه اللغة تم فرضها بالقوة تارة والإغراء تارة أخرى على معظم شعوب شبه الجزيرة الايبيرية، من طرف قبيلة قشتالة، بعدما عظم شأن هذه الأخيرة عقب نجاحها في حرب الاسترداد العظيمة التي حررت بلاد الأندلس من الاستعمار العربي، بقيادة الملكين القديسين إيزابيلا وفرنا ندو.. وهكذا ساد أبناء قشتالة على مجموع شبه الجزيرة الإبيرية ففرضوا لغتهم بالسياسة والقوة.. لتصبح ما يسمى اليوم باللغة الاسبانية.. فقرة فريدة .. لكنها من داخل السياق.. وحتى لا أكون انتقائيا في قراءتي هذه لا بأس من الإشارة إلى أن بعض "أشقائنا" من منطقة سوس من الإركاميين قد استوهتهم تجارب قبيلة قريش وقرية فرنسا وقبيلة قشتالة في الرقي بلهجتهم المناطقية إلى مستوى لغة "فصحى" مفروضة بقوة الحديد والنار المسنود بحس نفعي قوي جعلهم يستثمرون، بدهاء شبيه بدهاء الفاسيين، "نفوذهم" الاقتصادي، وقربهم من دوائر القرار السياسي، بعدما جمعتهم المصلحة اللحظية مع سياسة المخزن، الذي عود المجتمع الذي يتحكم فيه بأن تكون لحظات انفتاحه عليه فرص نادرة وقليلة قلما يجود بها الزمن، وهكذا سارع "إخواننا سوسيي المعهد" إلى استغلال الفرصة لإعادة إنتاج تجارب قريش وقشتالة وفرنسا، معاكسين بذلك نضالات الحركة الأمازيغية في العمل المشترك لإعادة بناء اللغة الأمازيغية ومعيرتها وتقعيدها، انطلاقا من القاعدة المتينة المتمثلة في روافدها المتعددة لا وفق سياسة الإقصاء بمنطق "خصوصيات محلية"، في ما لا أجده سوى رغبة مؤكدة من "إخواننا" سوسيي المعهد الملكي للثقافة "الأمازيغية"، لخلافة "إخوانهم" الفاسيين في المركز واللغة الموحدة بنظرة استعلائية لا وطنية أبدا.. إن الزعم بكون "اللغة العربية" لغة متميزة نظرا لتوفرها على مجموعة من الخصائص التي تنفرد بها عن غيرها من اللغات، هو كلام مردود عليه، ببساطة، بكون كل لغة ولها ما يميزها عن غيرها من خصائص وسمات، وهذا ما يجعل كل لغة، وبالضرورة، لغة مختلفة ومتميزة عن غيرها. أما حديث العرب المزعوم عن "قدسية" و"شرف" لغتهم القرشية، الذي تستمده حسبهم من كونها "لغة القرآن"، وبكون "الوحي" بها "نزل" دون سائر اللغات، وبكون "النبي" محمد عربي وبكونه "بعث" في العرب وب "لسان العرب" .. فهذا كله أمر لا يحتاج لعقل عبقري ولا فكر استثنائي ليتضح للجميع بساطة وبداهة الأمر، حيث أن إرادة الله اقتضت تقويم اعوجاج العرب وتصحيح فسادهم، ثم كان قراره الطبيعي بأن يخاطبهم بلسانهم و"لغتهم" حتى لا يحتجوا بغيرها عليه، وحتى يطمئن هو لبلوغ الرسالة التي أراد الإبراق بها إليهم، ثم كانت إرادته الأكثر منطقية بأن يكون حامل الرسالة فرد منهم، وناطق بلسانهم، وهذا أمر طبيعي هو الآخر، وعادي جدا، ليس فيه أي تشريف لا للعرب، ولا للغتهم. أما ردهم لهذا الزعم بهذه "القدسية" المتوهمة بكونها "لغة آخر الكتب السماوية"، فرده عندي أبسط من الأول، إذ كان الأولى أن يبادر أبناء عمومة العرب، اليهود العبريين، بادعاء هذا "الشرف" للغة العبرية و بها "نزل" أول "كتاب سماوي"، و ثاني "كتاب مقدس" (كتابين "سماويين مقدسين"، وليس واحد فقط، يا عرب.. و أول كتاب، مقابل آخر كتاب) كما كان بإمكان السريانيين والآراميين، ومن ورائهم عموم المسيحيين، ادعاء "شرف" و"قدسية" اللغة السريانية/ ومعها كل اللاتينيات، و بها "نزل" ثالث كتاب "سماوي مقدس".. لقد "نزلت" بلغات عدة التوراة والإنجيل والزبور.. و"كلم" الله موسى بالعبرية، ونزلت صحف إبراهيم وشيث بالسريانية، وصحف موسى بالعبرية، ومعظم الأنبياء من بني إسرائيل العبريين، ومع ذلك لم يقل أحد أن لغات هذه الأمم شيء مقدس، ولم يتجرأ أحد منهم– جرأة الاستعلاء والبلادة- كما فعل العرب.. أما قولهم بكون القرآن "نزل" بلسان عربي، و"النبي" محمد عربي، و"بعث" في العرب .. فإن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال، وبأي وجه من الوجوه أن الله قد خص العرب ولغتهم بحبه، بل إن الأمر عكس ذلك تماما في نظري المتواضع، وحسب فهمي لنصوص الدين الإسلامي، إذ هو حسب ما أراه عبارة عن شهادة من إله الكون ومن "السماء السابعة"، بأن العرب قوم فاسدون، ابتعدوا عن ناموس الحياة البشرية السوية، وافتقدوا الطبيعة الإنسانية فيهم، فكان لابد من إنذارهم ومحاولة إصلاحهم، فكانت لغتهم وأحد أبنائهم هما الأداة والوسيلة.. لا أقل ولا أكثر.. وهنا أدعو العرب ومن سار على دربهم ممن يعتقد ب"قدسية وشرف وسمو اللغة القرشية/العربية" عن سائر لغات "عباد الله" الأخرى، أدعوهم ليتساءلوا معي.. لماذا اختار الله "محمد العربي" ليكون بهذه الصفة الهوياتية والعرقية "نبيا" ؟ .. لماذا اختار الله العرب دون غيرهم من عباده؟ لماذا "اللغة" العربية دون غيرها ؟ .. في محاولتي الشخصية للايجابة عن هذا السؤال استبعد تلك العبارة الببغاوية المكررة، وذلك الجواب الجاهز: "لحكمة أرادها الله، ولا يعلمها إلا هو".. هذا جواب الجاهلين للجواب، أو الغاضين الطرف عن حقيقة الجواب، ما دام لا يخدم إيديولوجية صنم "العروبة والإسلام" الجواب الذي أومن به، يستمد شرعيته وقوته من إيماني بنسبية الأمور، وبحقي في مناقشة وتحليل كل ما أراه لا منطقيا من الأشياء، مدعوما في ذلك بنص من داخل المنظومة الدينية التي ينطلق منها أصحاب "اللغة المقدسة" النص قرآني يقول: ( يا أيها اللذين آمنوا إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ولن تنفذوا إلا بسلطان) .. ومن هنا يكون جوابي بسيطا وغير مكلف، عن طريق طرح السؤال/ الأسئلة بعكسها، فلنتساءل معا، مرة أخرى، لماذا لم يرسل الله، صاحب السلطة الأزلية .. "كن فيكون"، ولا رسول واحد، أو مجرد نبي، إلى الأمازيغ، الكرد، الترك، الفرس، الانجليز، اليابانيين، القوط أو الزنوج؟ .. مثلا.. أليسوا كلهم "عبيده وإيمائه" كما تقولون؟ أو لم يكن الجميع "كما تقولون دائما" كانوا في جاهلية؟ كلما حاولتم تصدير جاهليتكم إلى خارج جزيرتكم؟ .. لماذا لم يجد هؤلاء الأنبياء والرسل طريقا لهم لبلدان هؤلاء الأقوام؟ لماذا لم يكن مدونا على غلاف رسائل هؤلاء الرسل سوى عنوان بلاد العرب وأبناء عمومتهم من اليهود بنو إسرائيل؟ أتراه تشريف من الله للعرب واليهود دون غيرهما ؟ أم أن في الأمر بالفعل حكمة نعلمها نحن بالأحرى الله ؟.. إن اللغة العربية شانها في ذلك شان أية لغة في العالم، لم تكن في يوم من الأيام مبعث تقديس، ولا هي وسيلة تقديس أحد ولا شيء.. هي آلية للتواصل والتعارف والتعاون بين بني البشر... واللغة العربية لها ما لها وعليها ما عليها كما غيرها، لذا لا داعي للتبجح بهذه الخرافات، فلغة العرب لغة بشرية، لا إلهية، عادية، لا مقدسة ولا شريفة..أما إن كان ما زال هناك من تستهويه هذه الأسطورة، أحيله على مواقع الانترنيت الجنسية المتداولة ب"اللغة العربية المقدسة الشريفة"، كما أدعوه للقيام بجولة عبر قنوات الدعارة المقنعة، والإفلاس الفكري والجوع الشبقي، الفضائيات الممولة بما تجمع في ميزانيات آل سعود وآل صباح وآل ثاني وآل نهيان وآل حريري، وغيرهم من أحفاد آل قحطان وآل عدنان وآل حيمر .. من عائدات الحج والنفط والدعارة الصحراوية المعولمة، وكلها ب"اللغة العربية المقدسة الشريفة"، وليراجعوا أرشيف تاريخهم المعاصر، حيث الكم الهائل من الخطب الضحلة الجوفاء، التي كان يخدر بها غوغاء ما يسمى ب "الوطن العربي الكبير".. "المقدس والشريف هو كذلك طبعا".. خطب ديكتاتوري الشرق "العربي" من شاكلة.. عبد الناصر وصدام وصالح والأسد وقذاف الدم وشيوخ الخليج الفارسي.. أو لم تكن هزائم العرب أمام ديمقراطية دولة إسرائيل بسبب أكاذيب خدر بها العرب بهذه "اللغة المقدسة الشريفة"، ثم فليولوا وجوههم وآذانهم شطر أي نادي ليلي أو حانة أو "ديسكوتيك" ..كل ما يصدح فيها وينعق ب "اللغة العربية المقدسة الشريفة" على قرقعات كؤوس الخمر المعتق الذي لم تطله يوما عيون أبو لهب ولا أبو جهل ولا أبو نواس، الذين للإشارة فقط كانوا عربا ويتحدثون بدورهم ب "اللغة العربية المقدسة الشريفة"، ثم كيف يستقيم القول بقدسية هذه اللغة لكونها "لغة القرآن" وربما "لغة الله" كما يزعم بذلك بعض المتعصبين القوميين والاسلامويين من العرب، وهو يعلمون أنها ليست لغة العرب المسلمين فقط، بل هي لغة العرب اليهود، ولغة العرب الملاحدة، ولغة العرب المسيحيين اللذين يشكلون أضعاف العرب المسلمين، إذ أن العرب المسيحيين يشكلون ما يزيد على ال 45 في المائة من سكان الأردن وسوريا و 50 في المائة من شعبي فلسطين ولبنان، وعدد لا يستهان به من شعبي العراق ومصر.. فهؤلاء القوم رغم كونهم عرب - تجاوزا فقط - فان لا علاقة لهم بقدسية القرآن ولا بقرشية محمد، فعن أي قدسية يتحدثون أمام وجود هذه الحقيقة "الدينية المناقضة" وعن أي قدسية يمكن استيقائها من بين سيقان السيدة "المحترمة جدا" نانسي عجرم و.. واوات شقيقاتها الفضليات، وآهات شعبولا وشطحاته، وعجرفات وهابيو اقرأ، وحكم أبو جهل وغلمانيات شعراء الأندلس و"مجونيات" أبو نواس وامرؤ القيس ؟ وخلاصة القول أقول: إن اللغة، أية لغة كائن ثقافي اجتماعي طبيعي، ينمو ويتطور، يحيى ويموت، وانه لا وجود في العالم لشيء اسمه لغة مقدسة وأخرى لغة مدنسة، وإنما فقط لغات، لها ما لها وعليها ما عليها، فلينظر أصحاب هذا الطرح الواهم إلى تعدد وتنوع لغات وألسن شعوب العالم وأممه ،كما هي لا كما يريدونها، لغات العالم التي يمكن تشبيهها في جماليتها واختلافها بريش الطاووس، لهذا لا داعي للتبجح بقدسية وجمال الغراب في حضرة الطاووس، * إن هذا الاعتقاد الواهم بقدسية اللغة قد يجر بعض ضحاياه للاعتقاد الجازم بضعف إيمان غير العرب من المسلمين، وفي هذا اكبر تجني على ما يزيد على المليار ونصف المليار مسلم في العالم(إن صح هذا الرقم طبعا)، لا يشكل منهم العرب المسلمين إلا ما يقل عن 1 في المائة بكثير، كما أن فيها نوعا من أنواع الكفر بالله و وبمقاصدية الإسلام كرسالة للناس أجمعين، لما فيها من مخالفة صريحة لنص الآية القرآنية "ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآيات للعالمين" سورة الروم، كما أن تسريب هذا الاعتقاد المريض وسط صفوف المصلين في المساجد ومدارس التعليم، العتيق منه والحديث، وعن طريق وسائل الإعلام العمومي والخاص شكل منطلق قاعدة الرفض الصلبة التي ينطلق منها خطاب العداء الممنهج ضد الحديث باللغة الأمازيغية ومطالب تدريسها، بدعوى كونها ليست لغة القرآن وبأنها مجرد لغة البربر التي لا يجب أن تزاحم لغة الله، وهذا اكبر عائق أمام عملية التطبيع بين جزء كبير من المغاربة المعربون ولغتهم الأصلية، وهويتهم الحقيقية بدل ما هو عليه أمر الغالبية الساحقة من المغاربة وعموم ساكنة شمال افريقيا، حيث الاستلاب الهوياتي والثقافي الذي يتجلى في ضعف وانعدام الإحساس بروح الانتماء الوطني، الذي هو مرض سيكولوجي بكل ما تحمله الكلمة من معنى علمي، ودواءه هو إعادة النظر في هذه المسلمات الطوباوية الاسلاموية المتبلة بغير قليل من النرجسية البدوية العربية. أيها.. "الأ شقاء".. ولمزيد من المعرفة والتحقق أضع بين أيديكم هذه المحاولة التركيبية لتطور ونشأة اللغات الكبرى، مستعينا بشجرة وردت في كتاب "بعض مظاهر الحضارة الأمازيغية في عصور ما قبل التاريخ" للأستاذ مصطفى وأعشي، مع التصرف: العائلات اللغوية الكبرى ثلاث: استنادا إلى علم اللسانيات وفقه اللغة، وعلوم الباليونطولوجيا البشرية والأركولوجيا، واستئناسا بغيرها من علوم التأريخ المتعددة، فان المهتمين بعوالم اللغة النزهاء والموضوعيين قد توصلوا وتوافقوا على ما يلي: 1- اعتماد مدة 17.000 سنة قبل الميلاد كأقصى حد يمكن الرجوع إليه لتأريخ اللغات نظرا لغياب المعطيات السابقة على العهد الحجري القديم الأعلى المتعلقة بالإنسان نفسه وبالأحرى بلغته. 2- اعتماد مصطلح: اللغات الأ فراسية لوحده لتأصيل اللغات، بدل المصطلحين السابقين : "الحامية السامية"، الذي تم استبعاده كاسم لما يوحي إليه من خلفيات دينية واديولوجية، ولكونهما معا مجرد تفريعات لتفريعات اللغات الأ فراسية وليستا أصلا للغات، وكذا "الأفرو- أسيوية" لضعف حجيته العلمية وقصره التعريفي، وتضم اللغات الأ فراسية كل من اللغات: الأومو، الأمازيغية، التشادية، المصرية القديمة والقبطية، واللغة السامية، كما توضح هذه الشجرة: شجرة اللغة الأ فراسية الأصلية